سادت حالة من الجدل والرفض التام في الأوساط الاقتصادية علي خلفية تعديل بعض مواد القانون المتعلق بدخول وإقامة الاجانب في مصر, بحيث يتم السماح لهم بالحصول علي الجنسية المصرية بعد مرور خمس سنوات علي تقديم طلب بذلك وإيداع وديعة مالية5 ملايين دولار. حيث أبدي خبراء الاقتصاد اعتراضهم علي هذا الأمر, مؤكدين أنه لن يضيف جديدا إلي الاقتصاد المصري بل علي العكس فإن اضراره المتوقعة ستكون أكبر, وسوف يسيء لسمعة مصر بالخارج, ولن يمثل أي عامل من عوامل جذب الاستثمار, في حين رأي البعض أنه يمكن وضع ضوابط وشروط لهذا الأمر مع إعادة النظر فيها وتعديلها بحسب الأحوال التي تمر بها البلاد. و أبدي المهندس فؤاد ثابت, رئيس الاتحاد العام لجمعيات التنمية الاقتصادية, اعتراضه علي تعديل بعض مواد القانون المتعلق بدخول وإقامة الأجانب في مصر, مشيرا إلي أن هذه التعديلات لن تضيف جديدا إلي الاستثمارات, وأن هناك العديد من الطرق الوسائل التي يمكن ان تحفز علي زيادة الاستثمارات دون اللجوء إلي منح الجنسية المصرية للمستثمرين, من خلال إيداع مبالغ مالية بالعملة الأجنبية علي سبيل الوديعة. وأضاف أنه في معظم دول العالم توجد مادة بالقانون تسمح بإقامة الاجانب بوديعة دون أن يكون ذلك مرتبطا بمنح الجنسية لهم, لافتا إلي ان تشجيع الاستثمار لن يتأتي بهذه الطريقة, وأنه إذا تمت الموافقة علي هذه التعديلات فإنها سوف تضر الاقتصاد أكثر مما تنفعه. وأوضح ان هذه التعديلات اذا تمت إقرارها من مجلس النواب فلن تضيف جديدا علي الأوضاع الاقتصادية الحالية, مؤكدا انه لاتزال هناك الكثير من البيروقراطية والمعوقات التي تجعل المستثمرين يحجمون علي الدخول باستثماراتهم في مصر. وأشار إلي أنه ليس الوحيد الذي يعترض علي تعديل بعض مواد قانون اقامة الاجانب في مصر, ولكن هناك قاعدة كبيرة من المواطنين ابدت اعتراضها علي هذا الامر, لافتا إلي أن تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الاموال العربية والاجنبية يمكن ان يتم من خلال وضع حوافز للمستثمرين بعيدا عن منح الجنسية. وفي السياق ذاته قال الدكتورهشام إبراهيم, استاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة, ان الحديث عن تعديل بعض مواد القانون المتعلق بدخول وإقامة الاجانب في مصر مع ايداع وديعة مالية بالعملة الاجنبية, يعد كلاما فارغا علي حد قوله ولا يصح الحديث فيه. وأضاف ليس من المتوقع ان يكون لهذه التعديلات آثار ايجابيةعلي الاقتصاد المصري, فضلا عن ان مبلغ الوديعة الذي يتم الحديث عنه لن يكون هو السبب في تعافي الاقتصاد أو الخروج من أزمة نقص العملة الاجنبية, وبالتالي فليس هناك مبرر لهذه التعديلات علي الاطلاق. وأوضح ان الذين سوف يسعون للاقامة في مصر والحصول علي الجنسية سيكونون علي الأرجح من الدول الافريقية, وهذه الدول أقل من مصر بكثير, وهؤلاء الافارقة من أن يودعوا مبلغ5 ملايين دولار. وأشار إلي أن هذا الموضوع يتعلق بكثير من الجوانب وله ابعاد أمنية وقومية واستراتيجية وسياسية, ومن الجائز ان يقوم هذا الاجنبي بعد فترة من الزمن بالترشح في الانتخابات الرئاسية ليصبح رئيسا للدولة, وبالتالي فلا يصح ان يتم النظر إلي بعد واحد فقط وهو الحصول علي حفنة من الدولارات لن يؤثر في شيء علي الوضع الاقتصادي الحالي, بل علي العكس فإنها سوف تضر بسمعة مصر في الخارج, موضحا ان الجميع سوف يتحدث عن ان مصر تقوم ببيع الجنسية مقابل الدولارت. وأبدي دهشته من وجود بعض من أعضاء البرلمان يؤديدون هذا الاتجاه ويرحبون به ويساندونه, في حين انه كان المنتظر الا تتم الموافقة علي مناقشة مثل هذا الموضوع تحت قبة البرلمان من الاساس. ولفت إلي أن هناك الكثير من الأمور التي تستطيع الدولة ان تقوم بها وتؤدي إلي تعافي الاقتصاد, ومنها النظر إلي الأصول غير المستغلة والتي تدار بشكل غريب ومستفز, علي الرغم من أن هذه الاصول غير المستغلة والتي تدار بشكل غريب ومستفز, علي الرغم من ان هذه الاصول يمكن استغلالها في العديد من المشروعات التي تدر عائدا اقتصاديا كبيرا, فضلا عن الطريق الصحراوي بين القاهرة والاسكندرية والذي به حجم تعديات قد يصل إلي200 مليار دولار, بالاضافة الي الكثير من مخالفات المباني, وتسوية النزاعات علي الأراضي الزراعية, بجانب العمل وبشكل جدي علي تحسين مناخ الاستثمار وتقديم الحوافز التي تشجع المستثمرين, بعيدا عن مسألة منح الجنسية لهم. وبدوره قال الدكتور قاسم منصور, مدير المركز الاقتصادي المصري, إن الحديث عن منح الجنسية المصرية للمستثمرين مقابل ايداع وديعة مالية بالعملة الاجنبية يعد حديثا مرفوضا من الاساس, وليس هو الحل للخروج من أزمة نقص العملة. وأضاف ان الحكومة تعلم جيدا أن هناك حلولا كثيرة يمكن العمل من خلالها, ولكنها تتجاهلها وتبدأ في البحث عن حلول اخري مثيرة للجدل, لافتا الي ان ذلك ليس هو الطريق السليم لجذب الاستثمار والمستثمرين. وأوضح ان فرص الاستثمار الموجودة بمصر كثيرة ومتعددة ولكن يبقي كيفية التسويق الجيد لها, فضلاعن تحسين البيئة الاستثمارية بشكل عام من خلال القضاء علي التعقيدات البيروقراطية التي تمثل عائقا لجذب رؤوس الأموال. ويري الدكتور فرج عبدالفتاح, استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة, أنه لابد ان يتم وضع شروط معينة للأجانب الراغبين في الاستثمار بمصر والحصول علي الجنسية المصرية, وهذه الشروط لن تكون ثابتة ولكن يمكن تعديلها من فترة إلي أخري وإعادة النظر فيها بحسب الظروف التي تمر بها البلاد. وأضاف يجب أن تكون هناك ضوابط محددة لهؤلاء المستثمرين الذين يرغبون في الدخول باستثماراتهم الي مصر والحصول علي الجنسية المصرية, بحيث يجب معرفة مصادر هذه الاموال التي سيقوم بإيداعها للحصول علي الجنسية حتي لا يكون لها تأثير سلبي بعد ذلك.