أسعار الدواجن والكتاكيت والبيض اليوم الجمعة 16 مايو 2025    إعلام فلسطيني: شهيدان ومصابون ومفقودون في قصف إسرائيلي جنوب غزة    موعد مباراة الأهلي والبنك في الدوري والقناة الناقلة    لاعب المغرب: نسعى لكتابة التاريخ والتتويج بأمم إفريقيا للشباب    راشفورد يغيب عن مواجهة مانشستر يونايتد    حالة الطرق اليوم، سيولة مرورية بمعظم محاور وميادين القاهرة والجيزة    تاجر ماشية ينهى حياة عامل طعنا بسلاح أبيض فى أبو النمرس    في ذكرى النكبة… ماذا تبقّى من حلّ الدولتَين؟    رئيس شعبة المواد البترولية: محطات الوقود بريئة من غش البنزين.. والعينات لم تثبت وجود مياه    أسعار النفط تتجه لمكاسب أسبوعية بعد انحسار التوتر التجاري بين أمريكا والصين    4 أبراج «لا ترحم» في موسم الامتحانات وتطالب أبناءها بالمركز الأول فقط    البلشي: 40% من نقابة الصحفيين "سيدات".. وسنقر مدونة سلوك    بالأسماء.. جثة و21 مصابًا في انقلاب سيارة عمالة زراعية بالبحيرة    مصرع عاملة في حريق بمنزلها بمدينة سوهاج    العاهل البريطاني: أنا في الجانب الأفضل من رحلتي مع السرطان    بعد طرح "المقص"، تامر حسني يقرر تغيير جلده ويخرج عن المألوف (فيديو)    في عيد ميلادها ال56.. شام الذهبي توجه رسالة مؤثرة لوالدتها أصالة: "كل عام وانتي الدنيا وما فيها وتاج راسنا"    في دقائق.. حضري سندويتشات كبدة بالردة لغداء خفيف يوم الجمعة (الطريقة والخطوات)    طريقة عمل البامية باللحمة، أسهل وأسرع غداء    موجة جديدة من كورونا تضرب آسيا، وارتفاع عدد حالات الدخول إلى المستشفيات    بسنت شوقي: أنا اتظلمت بسبب زواجي من محمد فراج (فيديو)    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 16-5-2025 بعد الهبوط وبورصة الدواجن الآن    وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية: تحقيق مع مدير FBI السابق كومي بتهمة التحريض على اغتيال ترامب    الطن ارتفع 700 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 16-5-2025    جداول امتحانات الترم الثاني 2025 في بورسعيد لجميع الصفوف    لامين يامال عن مقارنته ب ميسي: «ليو الأفضل على الإطلاق»    لاعب الأهلي يحتفل بخطوبته (شاهد)    توقفوا فورا.. طلب عاجل من السعودية إلى إسرائيل (تفاصيل)    أبو شقة: لدينا قوانين سقيمة لا تناسب ما يؤسس له الرئيس السيسي من دولة حديثة    د. محروس بريك يكتب: منازل الصبر    بيت لاهيا تحت القصف وحشد عسكري إسرائيلي .. ماذا يحدث في شمال غزة الآن؟    ترامب يلمح إلى قرب إبرام اتفاق مع إيران    أول قرار من دفاع نجل الفنان محمد رمضان بعد الحكم بإيداعه في دار رعاية    موانئ دبي العالمية توقع مذكرة تفاهم مع سوريا لتطوير ميناء طرطوس    هل الصلاة على النبي تحقق المعجزات..دار الإفتاء توضح    نشرة التوك شو| حجم خسائر قناة السويس خلال عام ونصف وتحذير من موجة شديدة الحرارة    خسارة مصر وتتويج برشلونة باللقب.. نتائج مباريات أمس الخميس    اليوم.. الأوقاف تفتتح 11 مسجدًا جديداً بالمحافظات    انخفاض كبير في عيار 21 بالمصنعية.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة    لاعب جنوب إفريقيا السابق: صن داونز سيفوز بسهولة على بيراميدز في نهائي دوري الأبطال    أسوان ضيفًا على طنطا في الجولة ال 36 بدوري المحترفين    وكيل أول الشيوخ: مشروع قانون الإيجار القديم لن يخرج إلا في هذه الحالة    مسابقة معلمين بالحصة 2025.. قرار جديد من وزير التربية والتعليم وإعلان الموعد رسميًا    القوى العاملة بالنواب: علاوة العاملين بالقطاع الخاص لن تقل عن 3% من الأجر التأميني    بحضور وزير العمل الليبي.. تفعيل مذكرة التفاهم بين مجمع عمال مصر ووزارة العمل الليبية    طريقة عمل الأرز باللبن، حلوى لذيذة قدميها في الطقس الحار    الحوثيون يعلنون حظر الملاحة الجوية على مطار اللد-بن جوريون    كمين شرطة مزيف.. السجن 10 سنوات ل 13 متهمًا سرقوا 790 هاتف محمول بالإكراه في الإسكندرية    دون إصابات.. سقوط سيارة في ترعة بالغربية    25 صورة من عقد قران منة عدلي القيعي ويوسف حشيش    رامي جمال يعلن عن موعد طرح ألبومه الجديد ويطلب مساعدة الجمهور في اختيار اسمه    هل يمكن للذكاء الاصطناعي إلغاء دور الأب والأم والمدرسة؟    بعد زيارة ترامب له.. ماذا تعرف عن جامع الشيخ زايد في الإمارات؟    إعلان أسماء الفائزين بجوائز معرض الدوحة الدولي للكتاب.. اعرفهم    دعمًا للمبادرة الرئاسية.. «حماة الوطن» بالمنيا يشارك في حملة التبرع بالدم| صور    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية نقدية
امرأة خضراء لمحمد مهدي حميدة.. ذكورية الحياة

ينظر الي النص عادة من زاوية فلسفية وباعتباره كيانا فنيا قائما علي معايير تتخصص المصطلحات النقدية في( العمل) علي مناقشة التجربة الإبداعية من التركيب واللغة الي الشكل والمنهج البنيوي,
نظريات كثيرة أقامها النقاد الكبار والمهتمون باللغة في كل مكان في العالم للتنظير لكل اشكال الادب والفن علي ان معطيات الايديولوجية السياسية والاجتماعية لكل امة علي حدة تحمل ايضا معها نظريات ومحاور وتوجهات ومراكز ثقل وهنا يصبح الناقد مجرد محلل ومفسر لشفرة النص الروائي وجوهره والذي عادة لا يقبل الاختزال وهذا هو الاساس لظهور ما يسمي بعلم النص والذي نسخ وحل محل علم البلاغة أو احتواه فيما احتوي من علوم لغوية اخري في إطار عام, وبمعزل عن كل التنظيرات التي غالبا ما نعلمها لتكون في خلفية رؤيتنا لقراءة الاعمال الادبية ونستعين بها لفهم المغلق من الاشارات والملغز من الحوارات وتوقع طبيعة التحول الجذري الذي حدث في الرواية مثلما يحدث في الحياة بشكل لا تستطيع العقول متابعته وفهم طبيعته كنتاج نهائي وكمثال نموذجي تقع رواية اامرأة خضراءب للكاتب محمد مهدي حميدة في تلك المنطقة الرمادية بين العمل والنص وبين الفلسفة والتأرجح الهادئ كحركة البندول, حيث ينشب اظافره في علاقة القدمين بالروح وعلاقة الخطوات التي نمشيها بالزمن الذي نعيشه والهواء الذي نتنفسه وما تكتسبه ايدينا من أسباب معيشة وصلاح وسرور واخطاء, تقع الحكاية الرواية في سبعين صفحة من الحجم المتوسط الجيد الذي حرص الناشرون علي جعل قراءة الكتاب مريحة وممتعة من حيث المنظر والتنسيق وقلما كان لدائرة حكومية ثقافية هذه العناية بالمنتج الثقافي واخراجه بصورة ممتازة( دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة), تبدأ القصة بداية واقعية تماما حيث تعيش العمة في القاهرة وحدها بعد وفاة زوجها وتفرض عليها وحدتها وقد تجاوزت السبعين ان تستجدي ابن اخيها للإقامة معها بالعديد من الاغراءات مثل انه ورثيها الوحيد او انها تحتاجه في ايامها الاخيرة, غير ان كل هذه التوسلات لا تنجح حتي تقرر العمة ان تربط أحد قدميها للخلف وتنزل الي الشارع تقفز مثل( ابو قردان) علي قدم واحدة لتعبر الشارع.. أو الشوارع المزدحمة بالبشر والسيارات والافكار في هذه اللحظة تأخذ الرواية الشكل الذي أراده المؤلف محمد مهدي حميدة, الشكل الفنتازي الاسطوري المغلف بواقعية السرد أو الايهام بواقعيته, حيث تأخذ شكل( الأسطرة) دون وجودها فعليا, فلا افعال خارقة ولا ابعاد مركبة وميثولوجية درامية ولكنها مع ذلك اكثر كشفا للواقع وعدد من تفاصيل وألغاز الحياة والثابت والمتغير, وهي اشارات ذات منحي ترميزي نحو واقعية تتجاوز فكره الزمان والمكان ولا تلعب هذه الاطر العامة في الرواية غير حليات وعناصر جمالية تظهر الابطال الحقيقيين في الرواية بصورة زاهيه وملونة وبطريقة طبيعية, يناسب الكاتب هنا بين الحكي كقصة والحكمة من وجودنا في هذه الحياة مكتوب علينا عدد من الخطوات فيها في حلبة صراع ملتهب بين الفن والحياة ومن يتصدر المشهد ويمسك بعجلة القيادة والدفة ويوجه الآخرين في وظيفة اشبه بالمنظم او المحدد والذي لا غني عنه لحياة البشر ويقابل بهذه الذكورية المكتشفة والبديهية فكرة الانثوية التي تخامر عقول المنظرين والتي ظلت لعقود طويلة محور حديثهم عن الطبيعة والتوالد والخصوبة ثم أنه راح يثري رموزه بأبعاد تعددت اشعاعاتها في النص( حامد بشحمه ولحمه امام عيني يبتسم ويقول لي ان عدد الدرجات اليوم67 أو171 أو65 أو أي رقم آخر...)( في مثل هذه الحياة لايمكن السير ابدا علي قدم واحدة.. ص18),( بإرادة صلبة لرجل صعيدي)( لقد ارجعنا موتها علي هذا النحو إلي كونها عانسا, مما جعل طبيعتها تختلف عن طبيعة النساء.. ص24) ان أهم ما يميز العثور علي موضوع للرواية هو النظر في ان يكون لديك شيء جديد تقدمه لمن حولك, فما الذي يهم القارئ من اسلوب عرضك الذي يتراوح بين الواقعية السحرية الي تلك الخيالية إذا لم يكن هناك شئ جديد فيما تقدم من طرح وأفكار ويتجلي ذلك ويواكب رؤيتك فيما سبق وقدراتك علي استشفاف اللاحق( إنه الوهن ولا شئ آخر هو الذي يجعل كل الأشياء تنأي بعيدا عنا والمسافات تزداد.. ص33) ولا يقتصر التوفيق من خلال الانطباع العام بين المظهر والجوهر والعودة إلي مرجعية أوسع لكل فكر ولكل عاطفة من خلال ترتيب وتركيب الواقع بشكل مغاير للمألوف لدينا في الحياة فالابداع لا يتلخص في طرائق الحوار ولغة السرد إلا بقدر ومعيار معقول, ولكن ما يجعل عملا يحظي بصفة الامتياز هو قدرته علي تجسيد حالات مباشرة في الحياة يعاني منها الكثيرون دون أن يفطنوا إلي ذلك وتثير الرواية فيهم حال قراءتها اشجانها والتي تكيفوا معها مرغمين حتي بعثتها ماثلة أمام اعينهم لتقول لهم بكل وضوح ما الذي دفعكم إلي قبول هذا والعيش فيه وقتل جزء هام من استمتاعكم في هذه الدنيا والتي لن يعود اليوم فيها ابدا, ان التحول يحال إلي الإنسان ذاته ويبقي عليه أن يحافظ علي جماليات ذلك, وتصبح الواقعية في الرواية قيمة نسبية يمكنك أن تقتنع بها برغم عنك وبالرغم من إدراكك إنها قد لا تكون موجودة علي الورق وأن الكاتب قد حجبها عنك مثلما يفعل الرسام علي لوحة سيريالية فيحجب الضوء لصالح اضاءة خافتة تنبع من عناصر العمل ذاته وتحثك علي البحث عن النور الذي يتخفي في ثنايا وجدانك( أما الذكور فقد اطلقوا عليها اسماء من نوعية الزوج المنتظر لكوثر جالبة الخير.. ص61)( القتلة سرقوا اللوحات ورحلوا من دون أن يتجرأ أحد علي ملاحقتهم, أما المشاهدون فقد فروا جميعا مذعورين من تدفق الدماء الخضراء من جسد اليوناني القتيل.. ص68).
تأتي نهاية الرواية في صورة واقعية تماما حيث المدافن هي مدائن الابدية القديمة الفرعونية المنشأ والتي تحمل خصوصية شديدة في تركيبة العقل المصري والعربي بصورة عامة ويصبح علينا بعد إتمام آخر صفحة اكتشاف تركيب العلل والمعلولات في مجتمع الطواطم الحجرية والبشرية, تلك التي أصبحت في جمودها وتشبثها( بوجهة النظرة السائدة) أشبه بالجمادات والاحافير التي بادت منذ اجيال عديدة, إنها نظرة القابضين علي زمام ومزمار التسلط البنيوي للاشياء الآن الرافضين لمجرد حركة تغيرات بسيطة أو نشيطة تصب في النهاية لصالح البشر, كل البشر بلا تفرقة, ولذلك يهدي الكاتب محمد مهدي حميدة ادراك الفنان داخله بدرجة اكبر من الحدس والتخمين, درجة الواقع الجديد للأشياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.