محافظ دمياط يبحث مع رئيس قطاع المناطق الحرة آفاق الاستثمار وتوسعات جديدة    طهران تستعد للانتقام من دولة الاحتلال…تحريض صهيونى للغرب والأمريكان لإشعال حرب جديدة ضد إيران    حبس الفتاة المتهمة بإنهاء حياة طفل ب"الجيت سكي" في الساحل الشمالي 15 يوما    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة العليا لتنظيم فعاليات احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    صحة المنيا: فحص 165 حالة خلال قافلة بقرية الجزائر بمركز سمالوط    وزير قطاع الأعمال يبحث مع رئيس هيئة الشراء الموحد تعزيز التعاون في الأدوية    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    المنشاوي يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويشيد بجهود الدولة في دعم منظومتها    زيلينسكي يعرض مجددا لقاء بوتين: نريد إنهاء الحرب    براعم المقاولون العرب تبدأ الإعداد للموسم الرياضي الجديد    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    ملك البحرين يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة يوليو المجيدة    فى ضربة قاضية لتعليم الانقلاب …أولياء الأمور برفضون الحاق أبنائهم بنظام البكالوريا    رفع الأشجار المتساقطة من شوارع الوايلي غرب القاهرة    محافظ شمال سيناء يفتتح سوق اليوم الواحد بالعريش    محمد ممدوح ضيف معتز التوني برنامج "فضفضت أوى".. غدًا    ارتفاع جديد في أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 23-7-2025 بالفيوم    بمشاركة رجال الشرطة.. حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن أسيوط    كريم نيدفيد لميركاتو : الإصابة وزحمة نص الملعب عرقلت مشواري مع الأهلي..تريزيجيه رجع بدري وزيزو انهى مقولة المستحيل في الكرة    «هو لازم تبقى لوغاريتمات».. شوبير ينتقد الزمالك بسبب عرضي دونجا وصبحي    لقاءات توعوية بجنوب سيناء لنشر الوعي المجتمعي والسياسي    مصر وفرنسا تبحثان سُبل تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    التربية والتعليم تعلن فتح باب التقدم الكترونيا لمدارس المتفوقين للعلوم والتكنولوجيا "STEM"    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    وسائل إعلام سورية عن مصدر أمني: اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء يجري تطبيقه في معظم المناطق بلا خروقات    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    تنطلق اليوم.. قصور الثقافة بجنوب سيناء تحتفل بذكرى ثورة 23 يوليو بعروض فنية متنوعة    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    خاص| دنيا سامي: نفسي أعمل "أكشن كوميدي".. ومبسوطة بنجاح مصطفى غريب    ظاهرة ألبومات ال15 أغنية .. مغامرة فنية فى زمن ال «السينجل»    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    يضم 24 مدرسة، قيادات الأزهر يفتتحون المقر الرسمي لأكاديمية «مواهب وقدرات» للوافدين    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق أسيوط الغربي    طقس السعودية اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025.. أجواء شديدة الحرارة    لجنة فنية من قطاع النقل البحري تواصل أعمالها بموانئ جنوب سيناء    اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لبحث الوضع الكارثي في غزة    موعد مباراة المغرب وغانا في نصف نهائي أمم إفريقيا للسيدات والقناة الناقلة    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    الصحة تكشف حقيقة نقص الأنسولين داخل مستشفيات التأمين الصحي    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    مسجلة 3.9 مليار دولار.. 194% ارتفاعا في صادرات الذهب بالنصف الأول من 2025    «أونروا»: سكان غزة يصابون بالإغماء من شدة الجوع    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    «أزمات في أوضة اللبس؟».. رد صريح من نجم الأهلي    «مستقبلك مش مُشرق يعني».. مدحت شلبي يصدم مصطفى محمد بسبب تصرفه مع الأهلي    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية نقدية
امرأة خضراء لمحمد مهدي حميدة.. ذكورية الحياة

ينظر الي النص عادة من زاوية فلسفية وباعتباره كيانا فنيا قائما علي معايير تتخصص المصطلحات النقدية في( العمل) علي مناقشة التجربة الإبداعية من التركيب واللغة الي الشكل والمنهج البنيوي,
نظريات كثيرة أقامها النقاد الكبار والمهتمون باللغة في كل مكان في العالم للتنظير لكل اشكال الادب والفن علي ان معطيات الايديولوجية السياسية والاجتماعية لكل امة علي حدة تحمل ايضا معها نظريات ومحاور وتوجهات ومراكز ثقل وهنا يصبح الناقد مجرد محلل ومفسر لشفرة النص الروائي وجوهره والذي عادة لا يقبل الاختزال وهذا هو الاساس لظهور ما يسمي بعلم النص والذي نسخ وحل محل علم البلاغة أو احتواه فيما احتوي من علوم لغوية اخري في إطار عام, وبمعزل عن كل التنظيرات التي غالبا ما نعلمها لتكون في خلفية رؤيتنا لقراءة الاعمال الادبية ونستعين بها لفهم المغلق من الاشارات والملغز من الحوارات وتوقع طبيعة التحول الجذري الذي حدث في الرواية مثلما يحدث في الحياة بشكل لا تستطيع العقول متابعته وفهم طبيعته كنتاج نهائي وكمثال نموذجي تقع رواية اامرأة خضراءب للكاتب محمد مهدي حميدة في تلك المنطقة الرمادية بين العمل والنص وبين الفلسفة والتأرجح الهادئ كحركة البندول, حيث ينشب اظافره في علاقة القدمين بالروح وعلاقة الخطوات التي نمشيها بالزمن الذي نعيشه والهواء الذي نتنفسه وما تكتسبه ايدينا من أسباب معيشة وصلاح وسرور واخطاء, تقع الحكاية الرواية في سبعين صفحة من الحجم المتوسط الجيد الذي حرص الناشرون علي جعل قراءة الكتاب مريحة وممتعة من حيث المنظر والتنسيق وقلما كان لدائرة حكومية ثقافية هذه العناية بالمنتج الثقافي واخراجه بصورة ممتازة( دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة), تبدأ القصة بداية واقعية تماما حيث تعيش العمة في القاهرة وحدها بعد وفاة زوجها وتفرض عليها وحدتها وقد تجاوزت السبعين ان تستجدي ابن اخيها للإقامة معها بالعديد من الاغراءات مثل انه ورثيها الوحيد او انها تحتاجه في ايامها الاخيرة, غير ان كل هذه التوسلات لا تنجح حتي تقرر العمة ان تربط أحد قدميها للخلف وتنزل الي الشارع تقفز مثل( ابو قردان) علي قدم واحدة لتعبر الشارع.. أو الشوارع المزدحمة بالبشر والسيارات والافكار في هذه اللحظة تأخذ الرواية الشكل الذي أراده المؤلف محمد مهدي حميدة, الشكل الفنتازي الاسطوري المغلف بواقعية السرد أو الايهام بواقعيته, حيث تأخذ شكل( الأسطرة) دون وجودها فعليا, فلا افعال خارقة ولا ابعاد مركبة وميثولوجية درامية ولكنها مع ذلك اكثر كشفا للواقع وعدد من تفاصيل وألغاز الحياة والثابت والمتغير, وهي اشارات ذات منحي ترميزي نحو واقعية تتجاوز فكره الزمان والمكان ولا تلعب هذه الاطر العامة في الرواية غير حليات وعناصر جمالية تظهر الابطال الحقيقيين في الرواية بصورة زاهيه وملونة وبطريقة طبيعية, يناسب الكاتب هنا بين الحكي كقصة والحكمة من وجودنا في هذه الحياة مكتوب علينا عدد من الخطوات فيها في حلبة صراع ملتهب بين الفن والحياة ومن يتصدر المشهد ويمسك بعجلة القيادة والدفة ويوجه الآخرين في وظيفة اشبه بالمنظم او المحدد والذي لا غني عنه لحياة البشر ويقابل بهذه الذكورية المكتشفة والبديهية فكرة الانثوية التي تخامر عقول المنظرين والتي ظلت لعقود طويلة محور حديثهم عن الطبيعة والتوالد والخصوبة ثم أنه راح يثري رموزه بأبعاد تعددت اشعاعاتها في النص( حامد بشحمه ولحمه امام عيني يبتسم ويقول لي ان عدد الدرجات اليوم67 أو171 أو65 أو أي رقم آخر...)( في مثل هذه الحياة لايمكن السير ابدا علي قدم واحدة.. ص18),( بإرادة صلبة لرجل صعيدي)( لقد ارجعنا موتها علي هذا النحو إلي كونها عانسا, مما جعل طبيعتها تختلف عن طبيعة النساء.. ص24) ان أهم ما يميز العثور علي موضوع للرواية هو النظر في ان يكون لديك شيء جديد تقدمه لمن حولك, فما الذي يهم القارئ من اسلوب عرضك الذي يتراوح بين الواقعية السحرية الي تلك الخيالية إذا لم يكن هناك شئ جديد فيما تقدم من طرح وأفكار ويتجلي ذلك ويواكب رؤيتك فيما سبق وقدراتك علي استشفاف اللاحق( إنه الوهن ولا شئ آخر هو الذي يجعل كل الأشياء تنأي بعيدا عنا والمسافات تزداد.. ص33) ولا يقتصر التوفيق من خلال الانطباع العام بين المظهر والجوهر والعودة إلي مرجعية أوسع لكل فكر ولكل عاطفة من خلال ترتيب وتركيب الواقع بشكل مغاير للمألوف لدينا في الحياة فالابداع لا يتلخص في طرائق الحوار ولغة السرد إلا بقدر ومعيار معقول, ولكن ما يجعل عملا يحظي بصفة الامتياز هو قدرته علي تجسيد حالات مباشرة في الحياة يعاني منها الكثيرون دون أن يفطنوا إلي ذلك وتثير الرواية فيهم حال قراءتها اشجانها والتي تكيفوا معها مرغمين حتي بعثتها ماثلة أمام اعينهم لتقول لهم بكل وضوح ما الذي دفعكم إلي قبول هذا والعيش فيه وقتل جزء هام من استمتاعكم في هذه الدنيا والتي لن يعود اليوم فيها ابدا, ان التحول يحال إلي الإنسان ذاته ويبقي عليه أن يحافظ علي جماليات ذلك, وتصبح الواقعية في الرواية قيمة نسبية يمكنك أن تقتنع بها برغم عنك وبالرغم من إدراكك إنها قد لا تكون موجودة علي الورق وأن الكاتب قد حجبها عنك مثلما يفعل الرسام علي لوحة سيريالية فيحجب الضوء لصالح اضاءة خافتة تنبع من عناصر العمل ذاته وتحثك علي البحث عن النور الذي يتخفي في ثنايا وجدانك( أما الذكور فقد اطلقوا عليها اسماء من نوعية الزوج المنتظر لكوثر جالبة الخير.. ص61)( القتلة سرقوا اللوحات ورحلوا من دون أن يتجرأ أحد علي ملاحقتهم, أما المشاهدون فقد فروا جميعا مذعورين من تدفق الدماء الخضراء من جسد اليوناني القتيل.. ص68).
تأتي نهاية الرواية في صورة واقعية تماما حيث المدافن هي مدائن الابدية القديمة الفرعونية المنشأ والتي تحمل خصوصية شديدة في تركيبة العقل المصري والعربي بصورة عامة ويصبح علينا بعد إتمام آخر صفحة اكتشاف تركيب العلل والمعلولات في مجتمع الطواطم الحجرية والبشرية, تلك التي أصبحت في جمودها وتشبثها( بوجهة النظرة السائدة) أشبه بالجمادات والاحافير التي بادت منذ اجيال عديدة, إنها نظرة القابضين علي زمام ومزمار التسلط البنيوي للاشياء الآن الرافضين لمجرد حركة تغيرات بسيطة أو نشيطة تصب في النهاية لصالح البشر, كل البشر بلا تفرقة, ولذلك يهدي الكاتب محمد مهدي حميدة ادراك الفنان داخله بدرجة اكبر من الحدس والتخمين, درجة الواقع الجديد للأشياء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.