لا شك أن القمة الإفريقية السابعة والعشرين والتي أنهت أعمالها مساء الاثنين الماضي في العاصمة الرواندية كيجالي والتي شاركت فيها مصر بوفد رفيع المستوي برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي ومشاركة عدد كبير من قادة القارة اكتسبت أهمية كبيرة بسبب عدة عوامل في مقدمتها رغبة القادة الأفارقة في كسب ثقة المواطن الأفريقي بعد سنوات من اهتزاز تلك الثقة بين الطرفين نتيجة تلك القمم التي تعقد وتصدر عشرات بل مئات من التوصيات والقرارات ولكنها لا تجد طريقها للتنفيذ. ولذا فإن القادة الأفارقة حاولوا خلال هذه القمة تقليل عدد الموضوعات المطروحة علي جدول الأعمال حتي تكون هناك مناقشة حقيقية وفعالة للموضوعات المطروحة وفي نفس الوقت يمكن وضع آليات لتنفيذ تلك المشروعات خاصة ما يتعلق بكيفية دعم التعاون الاقتصادي وإنشاء منطقة للتجارة الحرة القارية بين الدول الإفريقية وهي التصريحات والتوصيات التي يسمعها المواطن الإفريقي منذ سنوات عديدة دون أن يشاهد جهودا ملموسة علي الأرض تتناسب مع تلك الاجتماعات والقمم مرتين- كل عام وهو ما سعي القادة خلال تلك القمة إلي التوصل إليه من خلال الحديث حول ضرورة تفعيل تلك القرارات وإطلاق منطقة التجارة الحرة وتفعيل التعاون بين التكتلات الاقتصادية الكبري في القارة بما يخدم تلك المنطقة وهو ما يتطلب قيام كل دولة بتنفيذ إجراءات تسهيل حركة التجارة والتعاون بين الدول الأخري. والمؤكد أن قيام القادة الأفارقة بإطلاق جواز السفر الإفريقي يعد خطوة مهمة علي طريق طويل لتحقيق هذا الحلم الكبير حيث تم إصدار الجواز الإفريقي بالفعل لشخصين فقط هما الرئيس التشادي إدريس ديبي رئيس القمة الحالية والرئيس الرواندي بول كاجاميفي الوقت الذي أكدت فيه د.دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي أن الإجراءات سوف تبدأ لإصدار جوازات السفر الإفريقية لرؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية وكبار المسئولين علي يتم أن بعد ذلك التفاوض مع الدول الأعضاء علي آلية تنفيذ الجواز الجديد لمواطني تلك الدول خلال المرحلة المقبلة. وعلي الرغم من أن إصدار هذا الجواز يعتبر خطوة مهمة علي طريق تحقيق التكامل الإفريقي إلا أن عدم وجود آليات أو وقت محدد لقيام الدول الأعضاء بتنفيذ ذلك سيجعلها ها الحلم يتأخر كثيرا بسبب وجود الخلافات والصراعات والحروب المسلحة في القارة كما هو الحال في جنوب السودان وبوروندي بالإضافة إلي وجود الحركات الإرهابية في الجنوب ممثلة في حركة الشباب الصومالية الإرهابية وفي الغرب حركة بوكو حرام وفي الشمال تنظيم داعش الإرهابي وبالتالي فان هذا الجواز لن يري النور في ظل وجود تلك الأوضاع في العديد من دول القارة لأن تلك الحروب والنزاعات والإرهاب يعوق أي جهود للوحدة أو للتنمية. وأعتقد أن جهود الاتحاد الإفريقي في تحقيق السلم والأمن في القارة مهمة للغاية وإن كانت تحتاج إلي مزيد من التكاتف والتعاون بين الدول الأعضاء للتصدي لتلك الحروب وإقرار السلم والأمن في القارة ولكن انجاز هذا يتطلب إلي جانب القرارات والتوصيات إرادة سياسية حقيقية لدي الدول الإفريقية ورغبة أكيدة في تحقيق السلم ووقف النزاعات من خلال تمويل بعثات الاتحاد لحفظ السلم والأمن وأيضا تكثيف التنسيق مع الشركاء الدوليين لدعم هذا الملف الحيوي في القارة بغية تحقيق أهداف أجندة2063 للتنمية في القارة والتي لن تتحقق سوي في ظل وجود الأمن والاستقرار ووقف العنف وإسكات أصوات البنادق.