يعرف الراغب الأصفهاني المكر بأنه صرف الغير عما يقصده بحيلة وذلك ضربان: مكر محمود وذلك أن يتحري بذلك فعل الجميل وعلي ذلك قال:( والله خير الماكرين) ومذموم وهو أن يتحري به فعل القبيح, قال' ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله. مكر الأعداء معنا واضح فهم يمكرون مكر السوء علي المكشوف وبلا حمرة خجل. هم يفعلون ذلك من باب حرصهم علي أوطانهم ومصالحهم.هكذا الدنيا منذ بدء الخليقة وهذا طبع البشر الذي لا يتغير. حتي الحيوانات الضعيفة في الغابة تتبني الأخذ برد فعل الماكرين وتستخدم كل قدراتها لتبقي وتوجد وتعادل ذلك المكر وتتقيه والذي منها لا يفعل ينقرض كما نعلم. كل الفصائل تتبني ذلك عدا العرب. كأنهم فصيل منفرد لديه رغبة كامنة وطاقة دافعة أن ينقرض. تتكرر معهم ألاعيب الأعداء ومؤامراتهم مرارا وتكرارا وفي وضح النهار وبمنتهي الشفافية وتراهم هطلا غفلا يقعون في الفخ كلما نصبه الصائدون الماكرون. بسبب هذا قسمت الأمة مرة بعد الأخري وتحققت فيها توقعات الماكرين ومؤامراتهم واستنباطاتهم وقد تنقرض. التاريح يحوي التفاصيل التي يعرفها الجميع. كأنها إحدي خصائصنا أن نظهر مواهب غباء مذهلة حتي لأعدائنا والذين لا يكادون يصدقون حسن طالعهم معنا وضعفنا وكأننا كنز لا يفني وصيد ثمين لأعدائنا في كل مؤامرة. خذ علي سبيل المثال ما فعلته بريطانيا وفرنسا معنا وهو ما يعرف باتفاقية:سايكس وبيكو اللذين قسما العالم العربي وكأنه فطيرة حلوي في مطلع القرن العشرين وجعلوه قبائل وشعوبا تتناحر علي المرعي والمشرب وفتتوه كما نري ونعلم وسجلوا في مرمي الأمة أهدافا متعاقبة تستنزف كل طاقاتها بلا رحمة. أنذرنا المولي ونبهنا حين قال في محكم كتابه:' ياأيها الذين آمنوا خذوا حذركم...' نحن العصاة دائما لا نأخذ حذرنا.