وقد جعلها الله تعالي بزواجها من زيد ثم طلاقها منه وزواجها من رسول الله صلي الله عليه وسلم تطبيقا عمليا لابطال التبني في الإسلام. قال تعالي:( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) الأحزاب/.63 وقد نزلت هذه الآيات في زينب بنت جحش ابنة عمة رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث كان صلي الله عليه وسلم قد خطبها لزيد بن حارثة رضي الله عنه, فتعالت عليه, وكانت تتمني الزواج برسول الله صلي الله عليه وسلم, إلا أن الله جل وعلا أمر بزواجها من زيد ونزلت هذه الآيات( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.. الآية. وقال تعالي( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضي زيد منها وطرا زوجنا كها لكي لا يكون علي المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) الأحزاب/.37 يقول ابن كثير عند هذه الآيات: فخبر الله تعالي عن نبيه صلي الله عليه وسلم أنه قال لمولاه زيد بن حارثة وهو الذي أنعم الله عليه) أي بالإسلام ومتابعة الرسول صلي الله عليه وسلم)وأنعمت عليه) أي بالعتق من الرق, وكان سيدا كبير الشأن جليل القدر حبيبا إلي النبي صلي الله عليه وسلم يقال له( الحب). ما كان علي النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا(38) الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفي بالله حسيبا(39) ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما(40) الأحزاب. وكان يقال لابنه أسامة( الحب بن الحب) وقد زوجه رسول الله صلي الله عليه وسلم من ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها وأصدقها عشرة دنانير وستين درهما وخمارا وملحفة ودرعا, فمكثت قريبا من سنة عنده أو أكثر ثم وقع بينهما فجاء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يشكوها, فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول له( أمسك عليك زوجك واتق الله) قال الله تعالي( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه) حيث أعلم الله تعالي نبيه أنه سيتزوجها.( فلما قضي زيد منها وطرا زوجناكها) وكان الذي ولي تزويجها منه الله جل وعلا بمعني أنه أوحي إليه أن يدخل عليها بلا ولي ولا عقد ولا مهر ولا شهود من البشر, عن أنس رضي الله عنه قال: لما انقضت عدة زينب رضي الله عنها قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لزيد بن حارثة,( اذهب فاذكرها علي, فانطلق حتي أتاها وهي تخمر عجينها قال: فلما رأيتها عظمت في صدري, حتي ما أستطيع أن أنظر إليها وأقول إن رسول الله صلي الله عليه وسلم ذكرها, فوليتها ظهري ونكصت علي عقبي وقلت: يازينب أبشري أرسلني رسول الله صلي الله عليه وسلم بذكرك قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتي يأمر ربي عز وجل, فقامت إلي مسجدها, ونزل القرآن, وجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن, ولقد رأيتنا حين دخلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأطعمنا عليها الخبز واللحم, فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام, فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم واتبعته, فجعل صلي الله عليه وسلم يتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن: يا رسول الله كيف وجدت أهلك, فما أدري أن أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر, فانطلق حتي دخل البيت فذهبت أدخل معه, فألقي الستر بيني وبينه ونزل الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به( لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) الآية كلها. وقد روي الإمام البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وان زينب كانت تفخر علي أزواج النبي صلي الله عليه وسلم فتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالي من فوق سبع سماوات.