منذ زمن بعيد والكل يطالب بنقل مقار الوزارات من منطقة وسط القاهرة إلي احد اطرافها للحد من التكدس الشديد, بعدما اكتظت المنطقة بالسكان مع تنامي عددهم في السنوات الاخيرة, وسبق ان اقترح نقل هذه المقار الي مدينة السادات التي انشأها الرئيس السادات لتكون العاصمة الإدارية للبلاد لكن المشروع لم يكتب له النجاح, واختفي بعد رحيل الرئيس السادات, ثم جاءت مدينة6 اكتوبر لتكون الحل لأزمة التكدس في وسط القاهرة وبالفعل شرعت عدد من الوزارات في مقدمتها الداخلية في تشييد مقر لها هناك وتم بالفعل قبل ان تتراجع عن التنفيذ ويتحول المقر الي مديرية امن6 اكتوبر ثم الي مقر امني تابع لمحافظة الجيزة, حتي كان قرار الرئيس السيسي بإنشاء العاصمة الجديدة في شرق القاهرة, وهو المشروع العملاق الذي شمر العمال عن سواعدهم ليبدأوا قس تنفيذ الحلم القديم, وبدا واضحا من خلال متابعة الرئيس الدورية لتطورات العمل في هذا المشروع ان الحلم سيكون واقعا في مرحلته الاولي بعد شهور قليلة, وتزامن ذلك مع افتتاح الرئيس مبني وزارة الداخلية الجديد الذي شيد بالتجمع الخامس في ارض اكاديمية الشرطة, وتابع الجميع عبر الشاشات المبني الجديد واستبشروا خيرا, خصوصا سكان منطقة لاظوغلي التي تحولت الي ثكنة عسكرية في السنوات الاخيرة بفعل محاولات عدد من الخارجين علي القانون الاعتداء علي مقر الوزارة هناك وليست واقعة محمد محمود واحد واثنين ببعيدة عن ذاكرتنا, فما كان منها الا ان وضعت متاريس في كل الشوارع التي تحيط بها, غير ان الوزارة قامت بفتح الطرق امام السيارات والمارة بعد ثورة30 يونيو, إلا أن التكدس كان موجودا كون السيارات عليها ان تتقاطر واحدة تلو الاخري, لان الشارع تحول الي بوابات لا تسمح الا بمرور سيارة واحدة, وبالتالي تغيرت اتجاهات السير اكثر من مرة, ثم جاء البرلمان ليغلق علي نفسه الشارع الفاصل بين مبناه ومبني وزارة الصحة, مما حول المرور في هذه المنطقة الي ازمة, كونها تضم العديد من الوزارة مثل الصحة والتربية والتعليم والعدل والانتاج الحربي والبحث العلمي الي جانب مجلس النواب والداخلية, وهي في الاصل شوارع ضيقة لا تتسع لهذا الطوفان الذي يمر منها يوميا, وجاء خبر نقل مقار الوزارت اولا الي العاصمة الجديدة ليمنح الامل لسكان المنطقة في استنشاق هواء عليل من رئة جديدة بعدما تعرضوا لفترة عصيبة كانوا يستنشقون روائح الغاز وعوادم السيارات, فقط نتمني ان يتم توسيع المساحة التي تدلف منها السيارات لتتسع الي سيارتين بدلا من سيارة لتمنح سيولة في المرور الي ان يتم النقل, وكم سيكون الامر رائعا اذا ما لحقت السفارات التي تقطن ضاحية جاردن سيتي المتاخمة لمنطقة قصر العيني ولاظوغلي والسيدة زينب وعابدين الي خارج وسط المدينة حيث العاصمة الادارية الجديدة او المدن الجديدة ساعتها ستنعم وسط القاهرة بالسيولة المرورية لتعود اليه شاعريته ورونقه, ويعود المصريون للاستمتاع بالنيل واستلهام الصفاء النفسي والعصبي والفكري من انسياب مياهه في سلام وتناغم وموسيقي, فلم يعد النيل ملهم الشعراء في بدايات القرن الماضي, يقوم بدوره في الالهام ومنح الاسترخاء لاعصاب من يقفون علي شاطئه او الرومانسية والشاعرية لمن يجلسون علي ضفافه باعتباره متنفسا لهم في ظل ندرة الاماكن العامة في وسط القاهرة بعد ان تحولت الي مبان شاهقة او متنزهات باهظة التكاليف.