تعتبر الضرائب بمثابة عقد اجتماعي إجباري بين الفرد والدولة يدفع بموجبة الفرد أو المؤسسة جزءا من المال كمساهمة في النفقات العامة للدولة. بغرض تدعيم المجتمع والحفاظ علي كيانه, حتي يحتفظ بقدراته في العديد من الأنشطة. وهي بذلك وسيلة لتحقيق طموحات وتوقعات الفئات غير القادرة واحد آليات السياسة المالية التي تستخدمها الدولة لتنفيذ الخدمات للفقراء والأغنياء علي حد سواء. ويختلف سلوك التهرب من الضرائب عن سلوك تجنب الضرائب حيث يشير تجنب الضريبة الي محاولة الفرد والمؤسسة ايجاد وسيلة قانونية تسمح له بالإعفاء من الضرائب,( مثال ذلك أنه قد قام الكثيرون بإنشاء غالبية المدارس والجامعات الخاصة تحت مظلة الجمعيات الاهلية لأنها تتمتع بإعفاء ضريبي كامل)! علي الجانب الآخر فإن سلوك التهرب من الضريبة يشير الي الامتناع عن قصد ومن دون حق او عذر عن دفع حق الدولة في المال الخاص للفرد او المؤسسة. هذا ويعتبر التهرب من الضرائب أحد القيم الاخلاقية المكتسبة والمتعلمة التي تعكس الاتجاه السلبي للرغبة في الاحتفاظ بكثير من الاموال والطمع في تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية. وهو اتجاه سلبي قائم علي الغش والمراوغة والاحتيال والتدليس. لان سيكولوجية تلك الفئات قائمة علي فكرة مؤداها ان الكل غشاشون ومحتالون بما فيهم حكومة الدولة نفسها ان الفرد إذا ادي ما عليه من ضرائب وقع ضحية لحكومة فاسدة ومرتشية. فالضرائب في اعتقاد المتهربين هي من اجل مصالح اصحاب المناصب والنفوذ فليس ثمة خدمات من صحة وتعليم ورصف طرق وغيرة بل ثمة رشاوي واتاوات وجبايات تدفع في صورة مغلفة هي الضرائب..إذن سلوك التهرب قائم علي اساس الاتجاهات السلبية نحو الدولة والقائمين عليها خاصة حينما يشعر الفرد بعدم الثقة والامان تجاه دولته. وعادة ما يذكر المتهربون من الضرائب حججا مثيرة للدهشة فتجدهم يذكرون انهم لا يستفيدون من الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين, فهم لا يعلمون اولادهم في المدارس الحكومية, ولا يعالجون في مستشفياتها, ولكن يفوتهم ان الدولة تقدم لهم خدمات كثيرة تنفق عليها من الضرائب مثل رصف الطرق والكهرباء والمياه والامن والتليفونات ودعم سلع المنتجات وكلها اشياء يستخدمها الاثرياء. وقد قام علماء الاجتماع بوضع الكثير من النظريات لتفسير سلوك التهرب الضريبي, ومن تلك التفسيرات النموذج الاقتصادي الكلاسيكي والذي يقرر ان قرار التهرب من الضرائب يتخذ بناء علي المكاسب والعقوبات التي يتعرض لها الفرد أو المؤسسة, فعندما تكون قيمة الضرائب باهظة والعقوبات الناتجة من التهرب منها بسيطة فان الفرد لا يتردد في اتخاذ قرار التهرب من الضرائب. وفي حالة التساوي النسبي بين المكاسب والعقوبات فان البعض يؤدي والبعض يتهرب, أما ذا كانت العقوبات شديدة ورادعة والتكاليف المالية للضرائب بسيطة, او حتي اقل من العقوبات التي يفرضها القانون علي المتهربين من الضرائب فسوف يؤدي أكثر الافراد الضرائب المفروضة عليهم وهم صاغرون. وقلما نجد ان احدا يتهرب منها, وبذلك فان محددات التهرب من الضريبة هي محددات اقتصادية تنطلق من الفائدة المالية ومعدلات الضرائب نفسها. وعلي ذلك فان سلوك التهرب من الضريبة يخضع لمجموعة من القيم والمعايير التي يعتنقها كل فرد وتؤمن بها كل جماعة مما يجعلنا ننظر الي سلوك التهرب من الضريبة علي انه نتاج عوامل نفسية واجتماعية واقتصادية في نفس الوقت. ترتكز بصفة اساسية علي هوس الثراء وامراض الثروة.