القسم في السنة معناه أننا سنتتبع ما ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من أحاديث أقسم فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أمور, لنقف عندما أقسم عليه لنري ما فيه من نور يضيء للناس الطريق, لأن القسم علي شيء يعني أن له أهمية خاصة ومنزلة احتاجت إلي القسم عليه وهذا ما يبين السر في أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أقسم علي ما أقسم عليه, ولا يرتاب أحد من مؤمن وغير مؤمن أن محمدا صلي الله عليه وسلم هو الصادق الأمين,عرف بهذا قبل أن يكون رسولا, وشهد له بذلك كل من عرفه, ولكن العرب في أسلوبها كانت تقسم لا نفيا لتهمة الكذب عن المتحدث وإنما تقسم تأكيدا لأهمية ما تقسم عليه وبيانا لمكانته وفضله ووجوب العناية به والالتفات اليه, وهكذا فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم كثيرا ما كان يقول عليه الصلاة والسلام: والله والذي نفسي بيده أو والذي نفس محمد بيده أو ما إلي ذلك من ألوان القسم. ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم.. والله لن تموت نفس وحتي تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا ولنتساءل: لماذا أقسم رسول الله صلي الله عليه وسلم علي ما أقسم عليه والجواب أنه من المعلوم أن الله خلق الإنسان ضعيفا, وجعله جسدا وروحا, وأودع فيه من الخصائص ما يستطيع به أن يقوم بمهمة الخلافة في الأرض, ومن جملة ما أودع فيه خوفه علي رزقه وأجله, فهو يحب المال ويري فيه سببا لإرواء شهواته وتحقيق ذاته, ويخشي الموت ويحب الخلود في الدنيا, ولذلك استطاع إبليس أن يغري آدم وحواء بالأكل من الشجرة المحرمة حين قال لهما: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين, فدلاهما بغرور.. وكما قال تعالي فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك علي شجرة الخلد وملك لا يبلي فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصي آدم ربه فغوي, ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدي فغريزة حب المال وحب البقاء سنة من سنن الله في خلقه أودعهما في آدم وبنيه لعمارة هذه الأرض ولينال من يجاهد نفسه وهواه فيجعل المال وسيلة لتحصيل سعادة الدنيا والآخرة وحب البقاء لإعلاء كلمة الله فينال الأجر العظيم ويحقق الغاية من وجوده في هذه الدنيا, ونظرا لأهمية هذين الأمرين تري أن رسول الله يؤكد بقسمه أن الرزق والأجل ليس بكسب العبد إنما هما بتدبير الله وأنه لن تموت نفس حتي تستوفي رزقها وأجلها.. وإلي لقاء بإذن الله حول هذا الحديث وما كان من رجال سلفنا الصالح في نظرتهم لهذا الأمر, والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.