جاء عرض فيلم الآنسة, للمخرج الكوري الجنوبي بارك شان ووك, في إطار المسابقة الرسمية للدورة69 من مهرجان كان السينمائي الدولي أمس, ليثير التساؤلات والجدل مجددا حول حكاية كان- والمهرجانات السينمائية الدولية بشكل عام- مع المثلية الجنسية, وتحديدا الشذوذ الحريمي. وأعاد ووك إلي الأذهان العاصفة التي اندلعت في كان عام2013 بمجرد إعلان فوز فيلم حياة آديل للمخرج الفرنسي ذي الأصل التونسي عبد اللطيف كشيش بالسعفة الذهبية. وقتها, سارعت وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية, بالإضافة للعديد من النقاد, إلي وصف الفيلم بأنه أول فيلم يتناول بالعمق والتفصيل علاقة حب مثلية جنسية بين فتاتين, وينال جائزة دولية مرموقة, في حين أن ذلك ليس صحيحا, فقد سبقه فيلم فرنسي آخر- وإن كان إنتاجا مشتركا مع كندا, سواء في طرح قضية المثلية الجنسية النسوية, أو في الحصول علي جوائز دولية. وأقصد فيلم بنات البستاني الصيني, الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان أفلام العالم بمونتريال عام2006, وفاز بجائزة أفضل إسهام فني لمدير تصويره الفرنسي جي دوفو, فضلا عن جائزة الجمهور لأكثر فيلم جماهيري, والتي تتحدد بناء علي بطاقات التصويت التي يتم توزيعها علي المشاهدين بعد عروض أفلام المهرجان, وهو من إخراج داي سيجي, الأديب الفرنسي من أصل صيني الذي ولد عام1954 لرجل بسيط يعمل ترزيا, ثم عمل هو نفسه في مهنة والده حتي هاجر إلي فرنسا عام1984, وهناك تعلم السينما وقدم عدة أفلام, كما بدأ يكتب الأدب, لكن بالفرنسية.. وتقوم ببطولة الفيلم- الناطق بالصينية والذي تدور أحداثه في الصين- ميلين جامبوناي ولي زياوران في دوري الفتاتين العاشقتين, بالإضافة إلي دونجفو لين في دور البستاني. هذا الفيلم أقرب إلي آنسة بارك شان ووك, حيث ينتمي الاثنان إلي شرق آسيا, ويدور الاثنان حول سعي فتاتين عاشقتين للخلاص من وحش ذكوري يعيق ارتباطهما.. فهو يحكي قصة طالبة زراعة يتيمة تصل إلي بيت بستاني أرمل محافظ لتتعلم منه وتعيش في كنفه بعد مصرع أهلها كلهم في زلزال تانجشان.. وتستقبلها ابنة البستاني الوحيدة بحفاوة وترحاب لشعورها بأنها ستنهي حالة الوحدة التي تعاني منها. تتحول الفتاتان إلي صديقتين, وبمرور الوقت, تتطور علاقتهما إلي حب جارف يعبر عنه سيجي بمشاهد جنسية كاملة ومطولة.. لكن البستاني يكتشف العلاقة, ويضبطهما متلبستين, فيصاب بأزمة قلبية, وقبل أن يموت يبلغ عنهما السلطات, ويتهم علاقتهما الشاذة بالتسبب في مرضه وموته, فتتم محاكمتهما وإدانتهما ثم إعدامهما. أما الآنسة, الذي كان عرضه أمس كامل العدد في كان, فهو يدور حول سعي وريثة يابانية ثرية وعشيقتها وخادمتها الكورية, للخلاص من زوج خالة الأولي الذي يتضح أنه رباها للزواج منها والاستيلاء علي ثروتها, وكذلك الخلاص من نصاب شاب ينتحل صفة أرستقراطي لنفس الغرض.. وكل ذلك ليخلو لهما الجو! نفس الفكرة ونفس الموضوع, ولا أعرف ما الضرورة الداعية لتقديم فيلم آخر مماثل لا يحمل أي جديد, وما الذي يدفع مهرجانا بحجم كان لإشراكه في المسابقة الرسمية؟ وكانت ظاهرة الأفلام التي تخصص بالكامل لقصص الحب المثلية( وهي مختلفة بالطبع عن عشرات الأفلام المصرية والعالمية السابقة التي اكتفت بتقديم شخصيات ثانوية شاذة), قد بدأت عام2005 مع القنبلة التي ألقاها المخرج الكبير آنج لي, الذي تم ترشيحه لأوسكار أحسن مخرج عام2013 عن فيلم حياة باي,عندما قدم الفيلم الأمريكي الكندي جبل بروكباك, الذي قام ببطولته النجم الراحل هيث ليدجر وجيك جيلنهال وآن هاثاواي, والذي يختلف عن الأفلام السابق ذكرها في تقديمه قصة حب مثلية تدور في الغرب الأمريكي بين رجلين وليس فتاتين.