وسط تخوف الجميع من إقامة افتتاح مهرجان «كان» السينمائى الدولي، فى دورته التاسعة والستين، مساء أمس الأربعاء تحت الأمطار استمرارا لموجة البرد وعدم الاستقرار التى تشهدها المدينة هذه الأيام ووصلت إلى حد الرعد والبرق أمس الأول، حدثت المعجزة وسطعت الشمس قبل ساعة واحدة من موعد الافتتاح فى السابعة مساء، لتنتصر شمس السينما على الطقس السيئ ولترحم آلاف المعجبين الذين اصطفوا أمام مسرح «لوميير» الكبير بقصر المهرجانات ليحظوا برؤية نجومهم المفضلين على السجادة الحمراء الشهيرة، فضلا عن حضور غير مسبوق من آلاف الصحفيين والإعلاميين.
وكما توقعنا أمس، جاء الحفل خياليا بفضل أجواء البحر الساحرة فى «الكوت دازور» الفرنسى الشهير وأيضا بفضل الممثل والكوميديان لوران لافيت، عضو «الكوميدى فرانسيز» العريقة، الذى قدمه وحوله إلى احتفال مبهج وساخر.. وتم تقديم لجنة التحكيم التى يرأسها - ويرأس المهرجان كله وفقا لمسميات «كان» - المخرج والمنتج والسيناريست الأسترالى جورج ميلر، وتضم فى عضويتها ثمانية سينمائيين (أربعة رجال وأربع نساء) هم: المخرج والسيناريست الفرنسى أرنو ديبليشان، والممثلة الأمريكية كيرستين دنست، والممثلة والمخرجة الإيطالية فاليريا جولينو، والممثل الدنماركى مادس ميكلسن، والمخرج والسيناريست المجرى لاتسلو نيمس، والممثلة الفرنسية فانيسا بارادي، والمنتجة الإيرانية كتايون شهابي، والممثل الكندى دونالد سزرلاند. وعرض عقب الافتتاح - خارج المسابقة - أحدث أعمال المخرج الأمريكى الكبير وودى آلن، وهو فيلم «كافيه سوسايتي»، وجاء ككلمة بداية قوية للمهرجان من هذا الأستاذ الذى تجاوز الثمانين وما زال فى كامل لياقته الفنية والذهنية.. وفيه يواصل آلن باقتدار طرح موضوعاته المفضلة، مثل انتقاد مدينة السينما الأمريكية هوليوود ومهاجمة اليهود وتصرفاتهم وممارساتهم داخل هوليوود وخارجها - علما بأنه من عائلة يهودية، من خلال شاب يدخل «هوليوود» فى ثلاثينيات القرن الماضى على أمل الحصول على فرصة عمل فى مدينة السينما الأمريكية التى لا ترحم، فيقع فى الحب وكذلك فى العديد من المشكلات.. وهو من بطولة جيسى آيسنبرج وكريستين ستيوارت. وكان المهرجان قد اُفتتح عمليا أمس قبل موعد الحفل بساعات طويلة، حيث عرض فيلم «كافيه سوسايتى» مرتين للصحفيين والنقاد، وأقيم مؤتمر صحفى لأبطاله بعد العرض الأول.. كما عُقد مؤتمر صحفى للجنة التحكيم الرئيسية بكامل أعضائها.وفى العاشرة من مساء أمس، أقامت إدارة المهرجان حفلا موسيقيا ساهرا على شاطئ «لاكروازيت» ذى الشهرة العالمية احتفالا بانطلاق الدورة التاسعة والستين، ودعت إليه جميع الفنانين والصحفيين المعتمدين دون اشتراط بذلة السهرة و«البابيون» كالمعتاد! وفى حضور صناعه وأبطاله، ومنهم النجمة نيللى كريم، التى وصلت إلى «كان» أمس الأول، يُعرض اليوم الخميس - لأول مرة عالميا - الفيلم المصرى «اشتباك»، للمخرج محمد دياب، فى افتتاح قسم «نظرة ما» والفيلم إنتاج مشترك بين مصر، وألمانيا والشركة الفرنسية التى كانت توزع أفلام يوسف شاهين، ويتناول الفترة التى سبقت تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم، ويحمل - كما أشارت بعض المصادر - إسقاطًا سياسيًا على أن مصر لن تنجح فى الخروج من أزماتها والاستمرار فى مسيرة التنمية والتقدم، إلا باتحاد تياراتها المختلفة. يلتزم الفيلم، طوال أحداثه، بسيارة ترحيلات تضم ممثلين عن التيارات السياسية المختلفة (الليبرالى والعلمانى والإخوانى والسلفى وغيرهم)، بالإضافة إلى مواطنين عاديين لا تشغلهم السياسة، فتنشب بينهم الكثير من المشادات والمشاحنات بسبب تمسك كل فصيل برأيه، إلى أن يقع حادث للسيارة وتنحرف عن طريقها، فتتحد كل الفصائل فى محاولة للنجاة من الموت المحقق.. وتم تصوير مشاهد الفيلم فى مساحة لا تزيد على 8 أمتار يتفاعل فيها عدد كبير من الشخصيات. ورغم ذلك صرح دياب بأن الفيلم ليس سياسيا كما قال البعض، لكن تدور أحداثه حول مجموعة من الشخصيات المختلفة داخل سيارة ترحيلات، موضحا أنه بالنسبة له فيلم إنساني. والعمل يجمع إلى جانب نيللى كريم: هانى عادل، وطارق عبد العزيز، وأحمد مالك، سيناريو وحوار خالد ومحمد دياب، ويحمل توقيع الأخير فى ثانى تجاربه الروائية الطويلة بعد فيلم «678».