نجحتكتيبة ثوار السبوبة الذين يظهرون أوقات الأزمات, في تحول الدماغ والمزاج المصري, والنزول للشارع لأول مرة منذ ثورة30 يونيو, وساعدهم في ذلك قوي سياسية من أبناء مبارك الذين يحاولون من جديد, إحياء وبعث دورهم الذي مات واندثر لافعالهم الفاسدة مع رئيسهم علي مدي30 عاما, والدعوة لتظاهرات ضد أزمة تبعية جزيرتي صنافير وتيران. وقد حاول المنتفعون استعادة ذاكرة الماضي بكل ما فيه من فوضي عارمة, وضياع لهيبة الوطن والمواطن, وحرق للأرض, ونشر الظلم والبهتان والزور واستحضار اللحظات العصيبة ومناظر الفقراء في مستشفيات النخب, والأطفال وهم يفترشون المقابر, وغيرها من مليارات اللحظات العصيبة التي مرت علي الشعب المصري. كما نجحت كتائب وحشود الإخوان علي مواقع التواصل الاجتماعي, في دغدغة مشاعر الغلابة بالأرض والعرض وصرخات الكرامة والحرية وشيطنة ثورة يونيو واحفادها وبنات عمها واختها.. وتزامن ذلك مع إعلام رسمي وخاص مازال يعمل بلا ضمير من مسئولية أو وطنية, ودون معايير أو مواثيق, حتي أن البعض منهم يتهم بالتآمر بعد أن فتح منابره لمن باع دينه ووطنه بالصوت والصورة في تسريبات مازالت محل تحقيقات في القضية250, ومنهم من جاهد لإسقاط الدولة ودخولها في فوضي عارمة! إن ما حدث من توزيع الاتهامات بالمجان بعد اتفاقية الحدود, وبيع الأرض والخيانة والعمالة, يذكرنا بحكاية الرجل الذي كان له جار شاب ذو عقلية متفتحة وكان مثار اعجاب من الشارع, فخاف منه علي زوجته واولاده, فاتهمه هذا الرجل بالسرقة, إلا أن القاضي تأكد من براءة الشاب, واراد أن يعلم الشاكي درسا, فقال لن أصدر حكمي علي الشاب إلا بعد أن تكتب ايها الشاكي بعد عودتك لبيتكعلي ورقة جميع الصفات السيئة التي قلتها عن الشاب, ثم مزقها وألقي بها علي طول الطريق. وفي اليوم الثاني جاء الشاكي وقال نفذت ما طلبته سيادة القاضي فقال له: الشاب بريء,.. وسيتم سجنك لمدة عام إذا لم تستطع جمع قصاصات الورقة التي كتبتها بالأمس ؟! أجاب الرجل: لكن هذا مستحيل فقد أخذتها الريح بعيدا!. فرد القاضي بالتأكيد!.. تماما مثل الملاحظات البسيطة التي حملتها الريح ودمرت سمعة الرجل, التي لا يمكن إصلاح الضرر الناتج عنها, وعليه أصدر حكمه بسجن الرجل لمدة عام. أننا ومن أسف لا ندرك قوة الكلمة التي نقولها ومدي تأثيرها علي الآخرين, خاصة ابناء الجيش.. فالكلمات كالرصاص لا نستطيع إيقافه أو تحويل مساره إذا تم إطلاقه. كما إن الحديث عن تداعيات ما بعد التوقيع علي تيران وصنافير, اللتين لم تطفوا من البحر في عهد السيسي, بل كانتا موجودتين قبل إنشاءالسعودية نفسها, أصبح واجبا, وهنا لا أتحدث لتأكيد أو نفي مصرية أوسعودية الجزيرتين, ولكن عما سيترتب علي ما بعد ترسيم الحدود بين البلدين, فهناك قضية حلايب وشلاتين التي لا تختلف كثيرا عن قضيةجزيرتي تيران وصنافير. ففي زمن مضي, طلب وزير الداخلية المصري من السودان إدارة حلايب وشلاتين, ومساحتهما20 ألف كيلو متر مربع علي ساحل البحر الأحمر, ثم استردتهما مصر بعد ذلك واصبحت تبعيتهما لمحافظة أسوان, لذا فانه بات علي السودان أن تحذو حذو مصر في التعامل مع قضية تيران وصنافير, لكن وزير الخارجية السوداني استبق الحدث, و قال: ليس لدينا سوي خيارين: إما التفاوض, أو اللجوء ل لتحكيم الدولي!! تقارير سرية لجهات سيادية أشارت إلي دور لعبته السعودية في فترة سابقة ساهم في عدم اعتراف الرئيس السوداني عمر البشير بسيادة مصر علي منطقتي حلايب وشلاتين ورجحت التقارير أن يتحول الموقف السعودي إلي موقف داعم لمصر في تلك القضية بعد اعتراف الحكومة المصرية بأحقية السعودية في جزيرتي تيران وصنافير, والذي لا يزال مصيرها معلقا بموافقة البرلمان المصري عليه أو إلغائه. ولم تكن هذه هي المرة الأولي, التي تثار فيها قضية حلايب وشلاتين; حيث كانت أحد أسباب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي, حين قوبلت تسريبات عن تعهدات أبرمها مع نظيره عمر البشير الراعي الأول للإخوان في السودان بإمكان تنازل مصر عن ملكيتها لهذا الإقليم أثناء زيارة مرسي للسودان في أبريل عام2013, بثورة شعبية عارمة أطاحت بنظام حكمه في30 يونيو من نفس العام. كما استخدمها البشير كورقة انتخابية علي مدي فترات حكمه السابقة. وقبل عملية الهري التي تنطلق من كل صوب الآن بسبب ترسيم جزيرتي تيران وصنافير..نؤكد من الآن وفقا للوثائق التي نملكها أن حلايب وشلاتين مصريتان وتمارس مصر سيادتها عليهما كاملة, بدءا من وجود القوات علي الأرض وانتهاء باستخراج بطاقات الهوية وجوازات السفر المصرية لمواطنيها.