في نظر جمهوره هو عبقري, متواضع, طيب, مميز, فنان لا يستسلم لليأس, راهن علي نجاحه فانتصر.. رغم انه بدأ كومبارس الا أنه تربع علي عرش شاشة السينما ليصبح واحدا من أيقوناتها بل وبات في نظر الكثيرين أسطورة لا تنتهي فصولها.. أحد هذه الفصول يعود إلي يوليو1969, عندما قررت القاهرة الاحتفال بذكري مرور1000 عام علي تأسيسها, وتكشف إحدي صفحات مجلة سينما الفنون المنشورة بالموقع الإلكتروني لذاكرة مصر المعاصرة التابع لمكتبة الإسكندرية, أنه تم الاستعداد لإقامة احتفالية علي شكل أوبريت كتبه صلاح جاهين. كان' أحمد زكي' ضمن الكومبارس نظرا لحداثة سنه ودراسته المسرحية, التي لم تنته بعد, لكن نجوم الصف الأول اعتذروا قبل ايام من الحفل, لانشغالهم بأعمال أخري أو بسبب السفر أو المرض. كثرة الاعتذارات, آنذاك, جعلت المخرج الألماني للأوبريت' إيرفن لابستر' يرشح' أحمد زكي' لأداء البطولة, لكن الرفض كان مصيره بسبب مدير المسرح, سعد أبوبكر, وكان مبرره وقتها:' كيف يؤدي طالب بالفنون المسرحية بطولة أوبريت كبير؟'. وكأن الموهبة تقاس بالأعمار, وليس بالقدرة علي التأثير في وجدان متابعيك ولو حتي بمشهد واحد, لكن الموهبة تعاني الاحتراق ولا تصل إلي الجمهور إذا تعاملت مع عقول ترفض منحها صك النجاح بسبب صغر السن. كتم الفتي الأسمر حزنه ومرارة الرفض وكان عزاؤه اهتمام المخرج الألماني به, الذي طالبه بالسفر إلي أوروبا لإكمال دراسته بدلا من الدفن وسط أناس لا تقدر الموهبة, لكن القدر جعل' صلاح جاهين', الأب الروحي له ولغيره من الفنانين يتدخل, ليمنحه فرصة الانطلاق في رحلته الفنية, وقد كان أسمي نجاحاتها في مسلسل' هو وهي'. جاهين تدخل أيضا وقت أزمة فيلم الكرنك وأصر علي ضرورة منح زكي أجره, الذي كان مقررا له وهو500 جنيه, بعدما رفض منتج العمل اختياره. يحكي أحمد زكي التفاصيل بابتسامة عن سبب استبعاده من دور البطولة في فيلم الكرنك أمام سعاد حسني.. لونه الأسود أو شكله الوحش منعاه من الفوز بفيلم يجسد بعضا من خطايا مراكز القوي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, كما يراها نجيب محفوظ في روايته الكرنك التي تحولت إلي فيلم سينمائي, والسبب أن منتج الفيلم وموزعه, رمسيس نجيب, خشي علي أمواله بل ورأي أنه ما ينفعش الولد الأسود ده يحب سعاد حسني. قرار نجيب لم يحرم زكي من الكرنك فقط بل من فيلمين آخرين في بداية حياته, كان قد ترشح لهما بناء علي الفيلم الأول لكن عدم اختياره تسبب في ضياع3 أفلام دفعة واحدة. في رأي أحد أصدقائه أن الفنان الراحل يستحق لقب صائد الجوائز, لافتا إلي أن تفوقه في أدواره المختلفة منحه عدة جوائز لدرجة أنه من كثرتها ينساها لدي أصدقائه أو في سيارات التاكسي, بينما يحتفظ بالجزء اليسير منها في منزله. زكي رفض الاستقرار في منزل يعيش فيه كبقية الخلق, البعض يربط الأمر بحزنه لانتهاء علاقته بهالة فؤاد, والدة ابنه الوحيد الفنان هيثم, بينما يشير المقربون منه إلي أن سبب الأمر يعود إلي زلزال1992, الذي جعله يغادر بيته للبقاء في أحد الفنادق المطلة علي النيل, واختار الغرفتين(20072006) بالدور ال20, وهما نفس المكان الذي فضله الموسيقار الراحل, بليغ حمدي, للجلوس بين أرجائه, هربا من أصدقائه ليتفرغ لوضع لحن جديد. حياة أحمد زكي في الفنادق انتهت علي سرير داخل مستشفي دار الفؤاد,27 مارس2005, بسبب السرطان, الذي طال رئته لشراهته في التدخين, بعدما بدأ في تصوير مشاهد ابن بلده العندليب الأسمر, عبد الحليم حافظ, وقتها كان الاندهاش يصيب الجميع لحرصه علي إكمال مشاهد الفيلم دون النظر لآلامه, التي تتبدد بتقمص أي شخصية أمام الكاميرا, فالأهم عنده التمثيل, الذي سئل عن سبب ولعه بتفاصيل هذا الفن أمام لجنة اختباره بمعهد الفنون المسرحية, فكان رده: مش عارف.