يبدو أن تناول بعض أحوال الأستاذ الجامعي علي مستوي القيادات المسئولة قد بات مثلها كمثل الثانوية العامة التي لا يأتي وزير إلا ويطرح أو بالأحري يفرض رؤيته حيال تلك الشهادة المحورية, ظنا منه أنه يعدل مسارا بات يقض مضاجع الملايين من الأسر المصرية حتي إذا انتهي استوزاره يبدأ إنتاج العجلة من جديد وهكذا دواليك. وذات الحال فيما يتعلق بالجامعات التي لا تمر دورة للجان( الدائمة) للترقيات إلا ونجد حالة من تفتق الأذهان عن قرارات وشروط جديدة لمسألة الترقيات لدرجتي أستاذ مساعد وأستاذ. فتارة ينحصر الأمر عدديا في حصة المتفرغ والعامل في العضوية وأخري في الحد الأقصي لعضوية اللجان أو عدد الأبحاث وتاريخ النشر وغيرها كثير, حتي وصلنا لهندسة المحصلة فيما يعرف بالوزن النسبي وغيرها من اشراقات( علوية) تجود بها القرائح مع كل دورة. ولعل أي منصف لا عليه سوي مراجعة القرارات المتخذة في كل دورة بسنواتها الثلاث ليري عجبا. وطالما قد وصلنا لنهاية الدورة الحالية والاستعداد لغيرها فقد بدأت إرهاصات المسودة الأولية في الطرح بعد مناوشات من قبيل الوصاية شديدة الخصوصية من الطرف الرسمي مقابل المطالبة بحق الإطلاع والنقد من الأطراف صاحبة المصلحة, لنجد أنفسنا في النهاية أمام صياغات إدارية جديدة لم تخرج عن الإطار الفكري السابق اللهم في بعض التفاصيل التي قد يمثل تكرارها هنا حالة من حالات الملل أو بالأحري اليأس من أية محاولة جادة لبلوغ الهدف من عملية الترقي برمتها. فلقد كنت أحسب أن ثمة أمرين فارقين سيتحكمان في جوهر أسلوب العمل في هذا الشأن أولهما مدي ما حققته الضوابط السابقة حيال الخروج بعملية الترقي من شرنقة البيروقراطية كما وكيفا. بمعني أنه هل بالفعل نجحت تلك القواعد في تقديم نماذج علمية متميزة تتسق أبحاثها مع التوجهات العالمية في كل تخصص؟ أم أن استيفاء الشكل كان أهم من المضمون؟.. ثم ثانيا التحديد العددي للمقابلات, وجميعنا يعرف كم كان يتقدم أحيانا من طالبي الترقية ليتم الانتهاء منهم في عدة ساعات. علي الرغم من أن المفترض أن تكون المقابلة حالة من حالات المناظرة العلمية الراقية التي يستعد فيها عضو اللجنة بالجديد رؤية ومرجعا, مما لم يتناوله المتقدم إما قصورا أو بوجهة نظر تؤكد شخصيته العلمية. وهذه الأخيرة تحديدا لم تكن ولن تكون في حسبان أية قواعد للترقي بعدما صارت المسألة إجرائية بحتة في حضرة الأعضاء الذين باعدت السنوات بين معظمهم وبين الجديد في مجالات التخصص, في الوقت الذي نطالب فيه المتقدم بمفردات التحديث والإطلاع لتأخذ المسألة أحيانا منحي شخصيا قد يدفع ثمنه المتقدم من مستقبله. والواقع فإن المفترض أن يكون المجلس الأعلي للجامعات صاحب( الوصاية) العليا قد قام بعمل دراسة تستهدف قياس ما حققته الضوابط الماضية من أهداف, حتي يمكنه أن يجعل من شروط الترقيات القادمة حالة دافعة للارتقاء العلمي. بدلا من تلك اللوغاريتمات التي فتحت أبوابا لطعون شكلية لن تنتهي بضوابط الدورة الجديدة التي لاحت نذرها في الأفق لكونها لم تحفل سوي بالبعد الإداري الإجرائي الذي يمكن أن يمثل إضافة أو إنجازا في نظر أصحابه ببعض الإضافة والحذف فيه..هذه بعض الوقفات الأولية.. وللحديث بقية. (إشراقات السعدي87): من أسف.. كم من إصدار في عالم القرارات قد خلف عددا من المرارات أو ورث عددا أكبر من العداءات. أستاذ الحضارة المصرية القديمة كلية الآداب جامعة الإسكندرية