أنا شاب في الثالثة والعشرين من عمري تخرجت في إحدي الكليات العملية المرموقة وبدأت العمل في عدة مجالات حتي لا أعتمد علي أسرتي التي مازالت تعيش وتعمل في إحدي دول الخليج. منذ عامين تعرفت في إحدي المناسبات الجامعية علي فتاة تصغرني بعام واحد جذبتني شخصيتها التي تختلف عن فتيات مثيلاتها في العمر حيث تجمع بين التدين الحقيقي والذكاء والثقافة تعمدت التقرب منها وسرعان ما تغلغل حبها في قلبي, ولأنني من بيت تعودت فيه علي الاحترام والالتزام صارحت فتاتي بمشاعري نحوها وبرغبتي في الارتباط الجاد بها بعد ترحيب أهلي بذلك, لكنني فوجئت بها تخبرني برفضها رغم أنها تحمل لي مشاعر جميلة وبررت ذلك بأنها تعتبرني صغير السن وغير مستقر المشاعر بالإضافة إلي أنها غير جاهزة للارتباط حيث تنوي السفر بعد تخرجها من كليتها الفنية هذا العام لتستكشف العالم وتجوب المعارض. احترمت صراحتها وقررت الابتعاد عنها لكن حبها كان قد تمكن مني فلا أطيق الابتعاد أكثر من عدة أيام فأعود لمحادثتها بعد أن طلبت مني أن نظل علي صداقتنا وندع مشاعرنا للأيام تختبرها, فأجدني بين نارين: إما أن أبتعد عنها تماما وهو ما لا أطيقه, وإما أن نظل أصدقاء إلي أن تستقر مشاعرنا وهو ما لا أرغبه لأنني أريدها زوجة وحبيبة خاصة أنني أعيش وحيدا في القاهرة وجاهز للخطبة والزواج... فدلني بالله عليك ماذا زفعل؟ صديقي إن المرأة كالقيثارة إن لم تحسن العزف عليها أسمعتك أنغاما لا ترضيك, فتأمل حكمة الفيلسوف والكاتب السويسري جان جاك روسو التي تقول: الرجل يحب ليسعد بالحياة, والمرأة تحيا لتسعد بالحب وأنت يا صديقي نتيجة لصغر سنك وخبرتك العاطفية وقعت فيما يسمي بالحب من طرف واحد, وهو حب سلبي لأنه ناقص ومبتور ويسبب لصاحبه القلق لأنه لا يعرف مشاعر من يحب, وهذا الحب يحدث في مراحل الحياة المبكرة التي تتميز بعدم النضج وقلة الخبرات في فنون العشق ومعرفة عالم الجنس الآخر فيندفع المحب بكل جوارحه وعواطفه تجاه من أعجبته علي أمل أنه سيأتي يوم تبادله نفس الشعور. وأستطيع أن أؤكد لك كدليل علي صحة كلامي أنك شخص حساس جدا وخجول, رومانسي حالم وأنك غير راض عن ترك أهلك لك وغربتهم بعيدا عنك, كما أنك شخص انطوائي إلي حد ما ولا يوجد لديك أصدقاء كثر!! وإن كنت تتساءل عن خطأك في تلك الواقعة وما سبب رفضها لحبك؟ فغلطتك أنك خاطبت قلبها وليس عقلها وبما أنك وصفتها بالذكاء فهي استخدمت ما تميزت به وقررت رفضك بشياكة مع رغبتها في الاحتفاظ بك إلي جوارها لعل وعسي أن تغير رأيها مستقبلا. ونصيحتي لك أن تنفذ طلبها وتبتعد كحبيب لكن تظل قريبا كصديق, استغل قربك منها لتبرز لها حقيقة معدنك وجودة عطائك, اجعلها تري رجولتك من تصرفاتك وشهامتك وتحملك للمسئولية من خلال المواقف التي تمر بك وبمن حولك, اجعلها تري ثقافتك وقيمك وأصالتك من تعاملك مع من حولكم من أصدقاء ومعارف. فإن فعلت فتأكد أنها ستحب ما تفعل وبالتالي ستحبك أنت لكن إياك أن تشعرها أن كل ذلك مخطط له ومقصود للإيقاع بها أو للحصول عليها, تصرف بتلقائية دون مبالغة, وبصدق فالصدق هو أقصر طريق إلي قلوب الناس, واعلم أن تجربتك العاطفية هذه قد مر بها معظم الرجال خاصة في مرحلة الجامعة, يصارح فتاة بحبه ظانا أنها ستطير من الفرحة لأنه يشعر بإعجابها به والمفاجأة أنها ترفضه معللة ذلك بأنها معجبة به وبطموحه لكنها لا تراه زوجا لها, ومن تفعل ذلك تستحق الاحترام لأنها صريحة وواضحة مع نفسها, وقد يلتقيها بعد ذلك بسنوات طويلة فيجدها نادمة علي من تزوجت به! فتعلم الدرس يا صديقي واعتبر, فالاحتياجات والرغبات تتبدل وحال الإنسان يتبدل مع مراحل العمر المختلفة.