لقد عظم دور الإعلام في عصرنا الحاضر حتي أضحي من المصادر الأساسية للمعلومات, والأفكار في شتي مجالات الحياة, سواء أكانت ثقافية أم سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية, أم غيرها. ولا شك أن تأثير الإعلام قوي وفعال علي كل مجريات الأحداث من خلال الأخبار, والمعلومات, والأفكار, والصور, والبرامج التي ينقلها إلي الناس دون تفريق بين صغير وكبير, وذكر وأنثي, ومثقف وغير مثقف, ونحو ذلك. وبقوة الإعلام هذه يمكن أن يتغير أي شيء ويتبدل, فيرفع الإعلام من يشاء, ويضع من يشاء في الزمان والمكان الذي يشاء, وقد تنبه لقوة الإعلام الديني بعض الناس, فاستغلوها أبعد استغلال, فكل وظفها بحسب هدفه وطموحه; فمنهم: من وظفها لمحاربة الإسلام والمسلمين. ومنهم: من وظفها لنشر القيم والأخلاق, وتوعية الناس بالفكر الصائب. ومنهم: من اعتقد أنه يقوم بإسداء خدمة عظيمة للإسلام والمسلمين, فأخطأ وأساء حين عرض تعاليم الإسلام بطرائق منفرة. ومن هذه الطرائق المنفرة: تقديم الترهيب علي الترغيب في عرض تعاليم الإسلام, وفي الدعوة إلي الله تعالي, وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومن هذه الطرائق المنفرة أيضا: تقنيط الناس من رحمة الله تعالي, بازدراء العصاة, ونبذهم, وتيئيسهم من قبول التوبة, وتصويرهم الإله بصورة من يتربص أخطاء العباد; لإدخالهم النار. ومن هذه الطرائق المنفرة أيضا: إلزام الناس برأي واحد أو مذهب واحد علي أنه هو الإسلام. ومن هذه الطرائق المنفرة أيضا: الغلو والتنطع والإفراط بالحكم بالتفسيق, وبالتكفير, وبإهدار الدماء علي العموم والخصوص. ومن هذه الطرائق المنفرة أيضا: عدم قبول الرأي الآخر, وعدم سماعه, وعدم مناقشته, والقسوة والغلظة في العبارات المستعملة في نبرة الصوت عند الخطاب مع الآخر, ولسان حالهم: من ليس معنا فهو ضدنا. ومن هذه الطرائق المنفرة أيضا: مخاطبة الناس بما لاتدركه عقولهم, والغموض في المواقف, ومخالفة القول الفعل, والكذب المتعمد; للتقليل من شأن الآخرين. ومن هذه الطرائق المنفرة أيضا: التفاخر بالجلد, والرجم, وتقطيع الأيدي والرءوس, والحرق, والغرق, وزرع المتفجرات وتفجيرها, وإطلاق القذائف الصاروخية علي من حكم عليهم بالإعدام بحجة إقامة الحدود الشرعية. ولا شك أن الآثار المترتبة علي هذه الطرائق لبعض وسائل الإعلام سيئة للغاية; إذ في مقدمتها: تنفير الناس من الدين بصفة عامة, والخوف من الإسلام بصفة خاصة, زاعمين أنه يحض علي الإرهاب. ووصف المسلمين بالتخلف والرجعية والجمود, وتقنيط الناس من رحمة الله تعالي, وجرهم للانعزال وللعنف في بعض الحالات بل وللسقوط في أيدي اللادينين, وعبدة الشيطان, وغير ذلك.