منذ زمن بعيد والأمتان العربية والإسلامية تتعرضان لموجات من الهجمات وإثارة القلاقل بين الفرق والطوائف علاوة علي إثارة الشبهات والشكوك في بعض الأمور التي تكتنفها الملابسات وتثير أقوال البعض مرة يشككون وأخري يحاولون إثارة الشبهات حول كتب التراث سواء كانت بحسن نية أو بنوايا اخري الله يعلم ما تكن الصدور وما تخفي القلوب. الكل يريد توضيحاً يزيح ما يتردد في الخواطر من وساوس وهواجس وتدفع عن أصحاب تلك الكتب أي شبهات تحبط تلك المهام الجسام التي تكبدونها في إعداد وتراث الأمة الإسلامية. بينما هناك فريق آخر يثير الخلافات بين السنة والشيعة لتحقيق هدف خبيث يبغي تفتيت أبناء الأمة رغم أن الجميع يغترف من السنة النبوية في اجتهاد سوف يحاسب الله أي أمرئ في إطار نيته وقصده. ورغم الشطط في بعض الفرق والطوائف إلا أنه لا ينبغي اتهامهم بالخروج من الملة وسوء الاعتقاد ونلتمس لهم العذر وافساح الصدر بكل سعة لمناقشة أفكارهم في إطار من الود والمحبة التي تربط بين قلوب الأمة الإسلامية وأن نسلك كل الوسائل لرأب الصدع بين الفرق المتنازعة. في نفس الوقت علينا أن نتأمل جيداً قول الله تعالي في سورة آل عمران : "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تآويله وما يعلم تآويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يتذكر إلا أولو الألباب" 7 آل عمران. تحذير لمن في قلبه زيغ ومرض من الجري وراء الشبهات وإثارة الفتن بحجة البحث عن تآويل لتلك الشبهات التي جاءت في آيات الله. والتحذير الوارد في هذه الآية يلفت الأنظار إلي أن هذه الأساليب تثير البغضاء بصورة تدفع للخلاف والشقاق وربما التشكيك فيما تحمله من معان قد لا يستطيع البشر تآويلات فيا جاء في الآيات المتشابهات. كما أن التحذير ينطوي علي أن إثارة أن هذه الفتن تدمر الأمم والشعوب نتيجة التنازع والشقاق والانتصار للرأي وعدم قبول الآخر بصلابة فكر وتعنت مرفوض. ويجب أن نضع نصب أعيننا دائماً قول الله تعالي "من اهتدي فإنما يهتدي لنفسه" وقوله : "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين. إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" علينا أن نتمسك جميعا بقول ربنا : "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" علينا أن نترك الحكم لله يوم القيامة للفصل في هذه الاختلافات. علينا أن نحذر جيداً رمي أي أمرئ مسلم بالكفر. في نفس الوقت يقع علي عاتق علماء الأمة ورجالات الفكر المستنيرين الجلوس مع مثيري بعض الشبهات سواء فيما ورد بكتب التراث سواء للإمام البخاري وغيره من الأئمة الثقات والرد بكل سعة الصدر علي هؤلاء وتأويل الملابسات والشبهات بأسلوب علمي دقيق بدفع الشبهات ويوضح الحقائق بعبارات تزيل كل الشكوك دون محاولة للخروج من المأزق بأي عبارات لا تشفي غليل هؤلاء الذين يثيرون تلك الشبهات الله أعلم بنواياهم. علي العلماء إزالة كل هذا في ضوء ما أتاهم الله من العلم والحكمة وفوق كل ذي علم عليم. المهمة ليست صعبة علي أهل العلم والفكر وعلينا أن نتذكر مواقف الإمام أبي حنيفة مع ذلك الملحد الذي جاءه رافضاً الاستدلال علي وجود الله بأدلة من القرآن والسُنة وانما طالبا الاستدلال بالعقل والفكر بصورة مثقفة. ولا شك أن استجلاء الحقائق ودفع الشبهات مهمة العلماء وبأسلوب يتسم بوضوح الرؤية والدقة في اختيار العبارات والكلمات والفكر الرشيد ومواجهة هؤلاء بأخلاق تستوعب أفكارهم وتقييدها والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم. الجميع مطالب بسد أبواب الفتنة بكل الطرق لأنها تثير نيرانا يكتوي الجميع بنيرانها ويكفي ما نراه ماثلاً أمام أعيننا بالعالمين العربي والإسلامي!!