أواصل معكم الحديث عن قضية التكفير وفقه التغيير ولذا أدعوكم إلي الانتظار قليلا وعدم التعجل فإنك لابد من أن تحقق شروط وأن تنفي موانع ولا تأتي في هذه القضية الكبيرة الخطيرة وأنت لم تحفظ حتي عشرة أجزاء من القرآن ولم تحفظ ألف حديث وتتصدر وتقول سأكفر وأفسق.. لا انتظر.. فهذا الدرس لشبابنا الذين انتظروا حتي صلينا المغرب والعشاء ثم أتوا إلي وقالوا: نريد الجلوس معك يا شيخ.. فقلت خيرا قالوا: لدينا شبهات ونريد ان نطرح المسألة؟؟؟ فرحبت بهم فقالوا: والله يا شيخ إننا نكفر كل الناس الحكام والمحكومين كلهم كفرة فسألتهم: والعلماء؟؟؟ فقالوا لا... وقلت لهم وأنا عندكم ممن؟؟ قالوا من طبقة العلماء.. وأنا من أجهل الخلق.. وسألتهم صليتم معنا؟؟؟ قالوا: لا كيف نصلي مع الكفرة.. فقلت لهم تفضلوا فدخل اخوة واخوات.. اخوات مساكين.. فجاء الأخ الذي سوف يتكلم فسألته انت الامير قال: نعم أنا الأمير قلت له: تفضل لكن قبل ما نتناقش فيجب أن نري الاصول والارضية التي سنقف عليها.. فسألته: هل تحفظ القرآن؟؟ قال: لا قلت له ياأخي هل تحفظ ألف حديث من أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم؟ قال: لا فقلت له هل قرأت كتابا في الاصول؟ فقال: لا.. فقلت له هل تستطيع أن تقول لي الفرق بين الدليل ومراتب الدليل ومناطات الدليل فنظر إلي متعجبا.. فقلت له هل تستطيع أن تأتي لي بمثال علي المجمل والمبين والعام والخاص والناسخ والمنسوخ فهذه قواعد يااخواتي لكي تتكلم في أخطر قضية وأنت لا تعلم هذه الأصول فهذه مصيبة وكارثة.. فهل القضية قضية هوي؟؟؟ فقلت له ياأخي انا انصحك أن تذهب أولا وتحفظ القرآن لأنه أصل الأدلة فكيف ستستدل وأنت ليس معك أصل الأدلة؟؟ قرآن وتحفظ لك علي الأقل ألف حديث من احاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وتقرأ كتابا في الاصول وقبل أن تأتي إلي ان شاء الله تعالي لو نفذت سترجع إلي اخوانك هؤلاء لتصلي معهم لله جل وعلا فإذا كان الشيخ محمد عبدالوهاب الذي يتهم بأنه اكبر مكفر في الأرض يقول بالحرف الواحد في كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية "وإذا كنا لا نكفر من يطوفون حول الصنم الذي علي قبر البدوي فكيف نكفر من هم دونهم؟؟" فيجب ان تفهم أنه هناك إقامة حجة.. ستقول أنت أن الحجة اقيمت. فأقول لك تريث وتمهل فإن هناك حجة عامة أقيمت ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام وهناك حجة رسالية خاصة لابد من ان تقام علي الاعيان ان أردت ان تسقط عليهم حكما بالتفسيق أو التكفير أو التبديع وانتبه فالقضية ليست قضية اقامة حجة فقط بل لابد أن تقيم الحجة والمقام الحجة عليه لابد ان يفهم الحجة قال شيخ الاسلام ابن تيمية: "فرق بين إقامة الحجة وفهم الحجة فلا تخرج فرحا وتقول أنا قد أقمت الحجة علي فلان ولم يسمع الكلام.. فيقول فلان: انني لم أفهمها فاصبر علي فإنني لم أفهم الحجة فحاول ان تفهمها لي.. أم أنت كل همك أن تقول فلان كافر يأخي لا ليس هكذا.. ولكن انظر اليه بحب وبرحمة فيقول: ما هذا ياشيخ انحب المعصية ونحب أهل المعاصي؟؟؟ لالالا نبغض المعصية ونبغض أهل المعاصي لكن من حقهم علينا أن نقترب منهم لنأخذ بأيديهم من المعصية الي الطاعة أليس هذا حقهم علينا. أتي شخصا قال لي: يا شيخ ان فلانا يقدم لك المصحف بصوت معروف انه صوت ممثل هل يصح ان يقدملك المصحف؟؟ فقلت له ياأخي هل هذا الممثل عاصي؟؟ فقلت له: العاصي يصح ان يقرأ القرآن أم لا؟ قال: يصح فقلت له: هل يصح ان يقدمه؟؟ شيء غريب!! لماذا ياأخواني ننظر إلي أهل المعاصي وكأننا لا نريد ان يخرجوا منها أو يفارقوها لماذا؟.. اذهب اليه وخذ بيده إلي الطاعة من الشرك إلي التوحيد من الفجور إلي التقوي.. ولكن كيف ستأخذ بيده؟؟ فهذا هو البلاغ. ياأخي أنت إذا أتيت تقول لي ووجدت اسلوبك به كبر شديد وانت معك الحق فلن أسمع منك شيء فياليت شبابنا يتعلم شيئا فهذه خلاصة تجربة اسأل الله ان تكون خالصة فأنا قد ظللت علي المنبر طيلة ستة وعشرون عاما فهذه خلاصة تجربة دعوية أقولها لشبابنا الصغير.. ياأخي لو معك الحق وأنت لا تحسن البلاغ فلن تستطيع ايصال الحق هذا ان كان همك ايصال الحق اما اذا كان همك شهرة ومنصب وجاه ووجاهة وصوت عال وأنا الذي أتكلم في الساحة وأنا من يجرح ويعدل فهذه قضية أخري.. انما ان كنت تريد بعملك وجه الله فتعالي لتنقلني من البدعة التي تراني عليها ومن الباطل الذي أنا عليه إلي الحق بالدليل من القرآن والسنة الي السنة بالدليل من القرآن والسنة إلي الخير بالدليل من القرآن والسنة لكن لا تأتي لتنقل إلي الحق الذي عندك بالدليل ان معك الحق فلا تنقله بغير حق فلن أسمع منك الحق ولن أقبل منك الحق. فإنني أذكر موقفا وأنا طفل صغير سني خمس سنوات.. فكنت في قرية وفلاح ولم تكن الكهرباء قد دخلت بعد إلي القري فليس هناك طريق مرصوف ولا كهرباء ولا شيء.. مسجد صغير يسمي المسجد الصغير علي البحر عندنا فكنت أذهب للآذان هناك فكانوا يطرودونني أو يضربونني فلا أبالي فقد كنت أحب الأذان.. ولكن ليست هذه هي القضية انما القضية انني لأول مرة أري رجلا صاحب لحية في حياتي فلم أنس هذا الموقف أبدا.. أخ ملتح يسوق سيارته الملاكي خاصة به.. هو وزوجته كانت مختمرة وسمع الأذان ولم يكن هناك كهرباء.. وسمع الأذان فركن السيارة.. وهذا بالنسبة لي مشهد لن انساه طوال حياتي فأول مرة أري أخاً ملتحياً فكأني رأيت صحابي ياالله!!! مشهد رائع فهذا الكلام كان من أكثر من خمسة وثلاثين سنة.. فسبحان الله هذا الأخ عندما دخل المسجد فظللت بجواره "كنت معجبا به فكانت أول مرة أري أخاً ملتحياً" وبلغتنا "لزقتله" أريد ان أتمسح به. دخل بالصف دخلت ورائه فعندما سلم من صلاته وانتهي مددت له يدي وقلت له حرما فنظر الي نظرة استغراب وقال لي برما. فوالله يااخواني لولا ان الله من علي بالسنة وحب السنة لظللت طوال حياتي أكره اصحاب اللحي.. فهذا مشهد لن انساه. لماذا فعل معي هذا الأخ ذلك فكان من الأخري ان يعلمني فأنا طفل صغير.. فلنفرض انه ليس طفلا صغير بل والد من آباءنا لكبار ولم يتعلم وعلي بدعة وأنت صاحب حق وعلي سنة وتريد ان تنقله من البدعة الي السنة فكيف؟؟؟.. فهذه هي البصيرة.. إن أهل الباطل يتفنون في جلب الناس الي باطلهم ونحن لا نعرف ان نكسب الناس الي الحق ومعنا الحق فلماذا؟؟؟ لأن اسلوبنا منفر.. مع ان الحق معنا فلماذا انت تتكبر علي وأنت تنصحني أو تدعوني فلم ذلك ياأخي؟؟؟ فأنت تدعوني ولا تجاهدني.. فمقام الدعوة اللين ومقام الجهاد الغلظة. فعندما تكون في مقام الجهاد كن رجلا انما في مقام دعوة كن لينا.. فقد قال سبحانه وتعالي: "اذهبا الي فرعون انه طغي فقولا له قولا لينا" فقال سيدنا قتادة رضي الله عنه: "يارب سبحانك ما أحلمك!!! تأمر موسي وهارون ان يقولا لفرعون قولا لينا ان كان هذا حلمك بفرعون الذي قال انا ربكم الاعلي فكيف يكون حلمك بعبد قال سبحان ربي الأعلي". وللحديث بقية العدد القادم بمشيئة الله.