لست دمياطيا.. غير أنني وددت أن أكون.. في أقصي شمال الدلتا تقع محافظة دمياط التي لم يدخل قاموسها كلمة بطالة, وربما كان لسواحلها الممتدة بإطلالتها الفريدة علي النهر والبحر المتوسط معا, ولهوائها العليل ومناخها المعتدل أكبر الأثر في طباع وأخلاق وتصرفات شعبها, وأزعم أن ذلك سبب أيضا لما يتمتع به الدمايطة من نشاط واصرار لا يعرفان كسلا, وهمة وجدية لا يقربهما وهنا,وإتقان ومهارة لا يدني منهما فشلا. إنها محافظة تشعرك بالسعادة وتدفعك للتفاؤل والعمل والانتاج,لا تصدر مشاكل بل منتجات, ولا تستورد إلا زبونا من الداخل والخارج باحثا عن الجودة والصنعة, متلهفا لما تنتجه أيديهم الماهرة وعقولهم النابغة.. لا تسعي لفتح أبواق مطالب فئوية بل فتح أسواق خارجية, تكاد تنتفي منها الأمية, تمتلك كل مقومات النجاح في جميع الصناعات التي تضع يدها فيها وتحترفها بلا منافس. لا تجد فيها متسكعا أو واحدا بلا عمل, لأنها محافظة الكفاح والاخلاص من أجل لقمة العيش, والطموح الذي لا يقف عند سقف ولا يمنع صاحبه عائقا في سبيل النجاح الذي يضعه نصب عينيه ليري ثمرة جهده الذي بذل, ودأبه الذي عاد عليه وأسرته بالخير. لم يقف تفوق دمياط علي مجال الصناعات التي تحتكرها تفوقا كالأثاث والحلويات والأجبان أو صيد الأسماك فحسب, فقائمة عظماء مصر ومشاهيرها في شتي المجالات والأفرعتضم كوكبة محترمة وفطاحل يشار إليهم بالبنان ممن أنجبتهم المحافظة منهم العالم الدكتور علي مصطفي مشرفة, ورئيس الوزراء إبراهيم باشا عبدالهادي, ومن الوزراء والساسة حلمي الحديدي وعبد الهادي قنديل وحمدي عاشور وضياء الدين داود وحسب الله الكفراوي ومحمد حسن الزيات وعبدالرؤوف الريدي ورفعت المحجوب, د. درية شرف الدين, والفريق محمد سعيد الماحي, الفريق طيار صلاح المناوي, اللواءات مدكور أبوالعز, هتلر طنطاوي, يسري مراد, محمد رشاد, وشيخ الأزهر الشريف الأسبق محمد مأمون الشناوي, والشيخ رزق حبه شيخ عموم المقارئ المصرية,الفيلسوفان زكي نجيب محمود وعبدالرحمن بدوي ود.شوقي ضيف وبنت الشاطي ود. لطيفة الزيات وعلي حمدي الجمال, وصلاح منتصر, وطاهر أبوفاشا, وجلال الحمامصي, وفاروق شوشة, وعباس الطرابيلي, ورياض السنباطي, وسعد أردش, وسهير البابلي, وأنعام سالوسة, وكمال أبورية, وهاني سلامة, وحسن الرداد, ويسري الجندي, وعابرا المانش عبداللطيف أبوهيف وعبدالمنعم عبده, ورفعت الفناجيلي, والرائع عصام الحضري الذي جسد طموح واصرار الدمياطي خير تجسيد. بدأ الحضري مشواره مع الكرةبالسير علي قدميه يوميا قرابة7 كيلومترات للذهاب إلي التدريب لمنع المصروف عنه حتي يترك الكرة,ووقف بين3 خشبات8 أندية,كان نموذجا للمحترف الحق, لا تهاون, لا سهر, لا استهتار, حتي أضحي بالأرقام أفضل حارس مرمي في مصر علي مر التاريخ, ب6 انجازات علي المستوي الشخصي, نصفهم كأفضل حارس في بطولات امم إفريقيا, ومثلهم كأفضل حارس في بطولات دوري أبطال إفريقيا, وحصد38 لقبا, ويعد أكثر حراس مرمي منتخبنا الوطني مشاركة في المباريات الدولية برصيد142 مباراة, ومازال يقدم مستويات عالية مع فريق وادي دجلة جعلته يحرج حراسا في نصف عمره, ويعود بجدارة لحراسة مرمي مصر, ويقول لمسئولي المنتخب الوطني وكل مسئول إن العطاء والكفاءة والروح والإصرار والعزيمة, والمحافظة علي المستوي مسوغات للاستمرارية, والبقاء في المقدمة. تبقي صفة أخيرة لم أذكرها عن الدمايطة هي التواضع وإنكار الذات.. ففي أوج فرحة الحضري ابن ال44 ربيعا بانضمامه للمنتخب لم يطلق تصريحا عنتريا متغطرسا متعاليا, ولكن قال إنني مستعد لحمل أحذية وقمصان لاعبي المنتخب الوطني, ولم الكور, والعمل في غرف خلع الملابس من أجل تحقيق الحلم الذي ينتظره كل المصريين. نعم لست دمياطيا.. غير أنني أقدر أبناء دمياط وأجلهم وددت أن يكون الشعب كله دمايطة. [email protected]