مصر أكبر كثيرا من القاهرة, فرغم أن القاهرة تستحوذ علي نصيب الأسد من الاستثمارات في مصر فان النجاحات المتحققة في بعض مدن مصر تزيد كثيرا عما هو متحقق في القاهرة , ينطبق هذا بشكل خاص علي مدينة الغردقة التي تستحق بالفعل لقب عروس البحر الأحمر. لن أتحدث عن إشارات المرور الضوئية التي تعمل بكفاءة ويحترمها أهل الغردقة, حتي إن عدد إشارات المرورة الضوئية العاملة في الغردقة الصغيرة تزيد علي كل عدد إشارات المرور العاملة في مدينة القاهرة. ولن أتحدث عن النظافة الظاهرة للعيان ولا عن اتساع الشوارع وارتفاعات المباني التي تبدو محكومة بتخطيط دقيق والتزام صارم بالقانون. سأترك كل هذا وأتحدث عن البيئة والاهتمام بها في الغردقة. في الطريق إلي الغردقة وقبل الوصول لها بأكثر من مائتي كيلو متر تصادفك هذه الطواحين العملاقة المنتشرة بنظام علي طول الطريق لمسافات طويلة تتصل وتنقطع. إنها طواحين الهواء المستخدمة في توليد الكهرباء من طاقة الرياح, والتي تمد محافظة البحر الأحمر, ومن بينها مدينة الغردقة باحتياجاتها من الطاقة. قد يرجع الفضل في تأسيس محطات توليد الطاقة من الرياح لوزارة الكهرباء, فمثل هذه المشروعات القومية عادة ما تقع خارج نطاق عمل المحافظات, غير أن حظ محافظة البحر الأحمر أنها كانت المكان الملائم لاستضافة محطات إنتاج الطاقة من الرياح, الأمر الذي أسهم في تحسين البيئة بالمحافظة كلها. إلا أن أهل الغردقة والإدارة المحلية فيها لم تكتف بما منحتهم الخطط الحكومية لتنويع مصادر الطاقة, وإنما خاضوا بأنفسهم غمار تجربة تجعل الغردقة رائدة بين المدن المصرية. فتداول الأكياس البلاستيكية بات ممنوعا بالقانون في مدينة الغردقة نظرا لما لهذه الأكياس من أثر مدمر للبيئة. وفي المقابل تجد في مدينة الغردقة ظاهرة لا تجد مثيلا لها في باقي المدن المصرية, وهي الظاهرة المتمثلة في تلك الأكياس الورقية ذات اللون البني المصنوعة من ورق معاد تدويره, والتي تستخدمها المحال التجارية في تعبئة المبيعات للمستهلكين. عدد ليس قليلا من المحال التجارية في الغردقة مازال يستعمل الأكياس البلاستيكية الممنوعة في مخالفة صريحة للقانون تحتاج إلي التفات, لكن المحال الكبري كلها ملتزمة بتطبيق القانون, الأمر الذي يجعل الغردقة فريدة مرتين, الأولي لأنها المدينة الأكثر صداقة للبيئة في مصر, ومرة ثانية لأن درجة الالتزام بتطبيق القانون فيها تزيد كثيرا عما نراه في أغلب المدن المصرية الأخري.