منذ اسابيع قليلة ودعت جماهير كرة القدم ثعلب الملاعب وواحدا من خيرة من أنجبتهم الكرة المصرية أداء وخلقا وروحا رياضية.. رحل عن دنيانا الفانية كابتن حمادة إمام الهداف القدير والمهاجم الفذ الذي أشعل بتمريراته المتقنة وأهدافه الجميلة ودهائه وذكائه الكروي الإثارة والمتعة في نفوس عشاق المستديرة لا في مصر فحسب ولكن علي مستوي عالمنا العربي فقد كان عشاقه في الدول العربية أضعاف عشاقه في مصر.. كانت له لمساته وفنياته الكروية والتي بسببها تشكلت في مطالع ستينيات القرن الماضي رابطة مشجعين خاصة به تهتف باسمه وتردد أهازيج وترنيمات لم تشهدها مدرجات الملاعب من قبل.. كان هتاف الحناجر بص شوف حمادة بيعمل ايه وهو يتردد في سماء الملاعب والاستادات دليلا علي أن حمادة إمام الموهوب الكروي ليس هناك من يناظره علي البساط الأخضر, وعجبا أن تردد هذا الهتاف في ذهني وأنا اشارك في موكب مشيعي جنازته وحاضري ليلة عزائه فقد كانوا بالآلاف المؤلفة امتلات بهم صالات وساحة مسجد الحامدية الشاذلية وغص بهم سرادق عزائه في نادي الزمالك فلقد كنت أردد بيني وبين نفسي الترنيمة بص شوف حمادة بيعمل ايه وهذه الاف يواسون بعضهم بعضا والكثير منهم يتجنب والبعض صامت يعيش حالة من الذهول وتمثل من خاطري قول الشاعر علومي الحياة وفي الممات: لحقا أنت إحدي المعجزات حمادة إمام أضاء سماء الملاعب بموهبته الكروية مع كوكبة من أبناء جيله لعبوا الكرة حبا في الكرة ولم يلعبوها سعيا وراء الدرهم والدينار وبالتالي كانت لهم بصماتهم الواضحة في مجال المستديرة وفنونها رضع حمادة إمام عشق الكرة من والده كابتن الزمالك وحارس مرماه ورئيس وحارس مرمي المنتخب القومي في اربعينيات ومطالع خمسينيات القرن الماضي فكان جديرا أن يكون هذا الشبل من ذاك الأسد ولقد عرفت عائلته منذ مطلع منتصف القرن الماضي ثم ازدادات معرفتي بهم عندما أصبحنا جيرانا في عمارة تطل علي نادي الزمالك حيث شاهدت حمادة إمام ناشئا يانعا يصول ويجول مع ناشئي الزمالك وأذكر له مباراة رائعة أداها مع فريق الناشئين أمام المنافس التقليدي فريق ناشئي الأهلي من عام1959 وكيف برزت عبقرية الثعلب عندما سجل في تلك المباراه خمسة أهداف ليفوز الزمالك وبعدها بقليل أصبح ذاك الشبل من أعمدة الفريق الاول للزمالك وهو لم يتخط العشرين من عمره. وفي مجال التعليق علي مباريات كرة القدم يجيء حمادة إمام في مقدمة صف المعلقين العظام ونجوم الكره المعروفين بدءا من محمود بدر الدين ومرورا بحسين مدكور وعلي زيوار وعلاء الحامولي وميمي الشربيني والجويني وكان حمادة امام متمكنا من قانون الكرة عارفا بخبايا وأسرار اللعبة ولذلك كان تعليقه ذا طعم خاص ومذاقا متميزا متسما بالشفافية والحيرة يعطي كل ذي حق حقه ولم يتحيز ابدا للون معين ولم يجامل لاعبا أو حكما أو مدربا أما حمادة امام الإنسان فهو الأدب الجم والخلق الجميل الحسن لم أسمع حمادة امام يوما يقول لغوا ولم يعترض وهو لاعب علي قرار ولم يرتكب خطأ متعمدا مع زميل منافس تميز الثعلب بخفة الظل والقفشات الباسمة وعذرا كابتن حمادة امام فإني عاجز عن أن أجد الكلمات التي تعطيك حقك وتوازي عطاءك وتاريخك.. ويكفيك أن عشاقك بلا حصر ومن كل ألوان الطيف الكروي والاعلامي والثقافي والفني وعزاء لزوجك الفاضلة وللثعلب الصغير كابتن حازم, يرحمك الله.