أصدرت الحكومة منذ أيام تعريفة جمركية جديده تطبق علي السلع المستوردة التي وصفت بالاستفزازية, والحق لقد صادف ذلك القرار قبولا وارتياحا لدي قطاع عريض من الشعب المصري, فتلك سلع لا يستعملها إلا شريحة بسيطة من المجتمع التي توصف ب الراقي رغم ذلك فإنها تحمل الموازنة العامة للدولة حوالي العشرين مليار دولار تكلفة استيرادها, حتي أن البعض تمني أن توقف الحكومة استيرادها من الخارج كلية, إلا أن إنضمامنا لاتفاقية الجات لتحرير التجارة العالمية يحول دون ذلك, ورغم ذلك فإنه من استقراء الأمور فإن تأثير تلك القرارات علي المستوي العام للأسعار سيكون محدودا, فإنه وفقا لاتفاقية الجات أيضا أصبح سقف أعلي رسوم جمركية تفرض علي أي سلعة واردة من الخارج هو40% فإذا عرفنا أن هناك سلعا مما وردت بالقرار يفرض عليها بالفعل جمرك بواقع30% بمعني أن الزيادة في رسومها الجمركية ستكون10% فقط, كما أنه هناك سلعا زادت رسومها من20% إلي30% فقط, ورغم ذلك فإنه هناك إمكانية لأن يقل الطلب عليها, رغم انها سلعة الأثرياء, وبالتالي يزيد نسبيا الطلب علي بديلها المحلي الصنع. لذلك فإنه يثور التساؤل عما إذا كان هذا القرار قد خضع قبل صدوره لدراسة كافية من حيث آثاره وتداعياته علي السوق المصرية, فقد يحدث ما هو مأمول منه ويقل بالفعل الطلب علي المستورد ويزيد علي المحلي, فهل لدينا إنتاج محلي يكفي وقادر علي سد الفراغ من حيث الكمية المطلوبة منه بعد تغير الطلب ؟ وهل هذا المنتج علي جودة مناسبة بحيث يقنع المستهلك الذي اعتاد علي المستورد باستعماله بدلا منه ؟ أم سيبقي المنتج المحلي علي ذات درجة جودته البسيطة نسبيا اعتمادا علي ضعف منافسة البديل المستورد لارتفاع أسعاره كما كان الحال قائما أبان العصر الاشتراكي؟ أليس هناك احتمال أن يقدم التجار والباعة للبديل المحلي لاستغلال تلك الفرصة بزيادة سعر المنتج المبيع محليا بدرجة تقارب سعر المستورد؟ وبالتالي هل لدينا القدرة القانونية والمادية علي زيادة الرقابة علي أسعار سوق تلك المنتجات المحلية ؟ ومن المتوقع أيضا ان يكون هناك زيادة علي طلب المواد الخام التي يصنع منها أو يزرع من بذورها البديل المحلي, فهل لدينا القدرة علي مجابهة زيادة الطلب عليها ؟. المؤكد أنه قرار صادفة الصواب كثيرا, إلا أنه رغبة منا أن يكون متكاملا وأثارة السلبية معدومة كلية, فإننا نامل أن يكون قد خضع لدراسة مسبقة كافية, ورغم ذلك فإن الفرصة لاتزال أمامنا لمعالجة أي قصور من المحتمل أن يظهر عند البدء في تطبيقه, فنصدر التشريعات التي تمكن جهات الرقابة علي الأسعار من إحكام رقابتها عليها وأن نعمل علي زيادة المنتج المحلي البديل وأن نقوم بتحسين مستوي جودته وذوقه حتي يقنع المستهلك باستعماله. أهلا ومرحبا بكل ما من شأنه أن يحسن من الخلل في الموازنة العامة ويعمل علي الإقلال من الطلب علي العملة الصعبة شريطة ألا يؤدي لمشاكل في سوق المعروض من السلع عما هو قائم فعلا..