أبلى الحرس الثورى الإيرانى بلاء حسنا فى سنوات العقوبات الدولية ومن المنتظر أن ينال الآن حظا من ثمار رفعها عقب توقيع الاتفاق النووى مع الغرب. كان حكام إيران من رجال الدين قد ساندوا نمو الحرس الثورى اقتصاديا مكافأة له بعد سنوات العقاب العجاف وجزاء عن قمع المعارضة فى الداخل ومساعدة الحلفاء فى الخارج لاسيما الرئيس السورى بشار الأسد. والآن تتوقع البلاد ازدهارا اقتصاديا بعد زوال العقوبات وسيكون الحرس الثورى أحد أكبر المستفيدين. كما ستضمن الرئاسة الايرانية تمويله على نحو جيد لمواصلة جهوده فى الأزمات الإقليمية بما فيها الحرب الأهلية السورية. لكن الحرس الثورى لن يصبح بمعزل تماما عن المشاكل رغم أن الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة رفعت معظم العقوبات الاسبوع الماضى بموجب اتفاق مع القوى العالمية وافقت طهران بمقتضاه على تقييد برنامجها النووي. فقد ذكرت واشنطن أن "العقوبات التشريعية الأمريكية التى تركز على دعم إيران للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان والأنشطة الصاروخية ستظل سارية" وستكون موجهة إلى تصرفات وعناصر معينة بالحرس. لكن الحرس أثبت منذ فترة طويلة نجاحه فى الدفاع عن مصالحه الاقتصادية بما فى ذلك ما أنجزه فى السنوات الأخيرة حين كانت العقوبات على أشدها وتم استبعاد إيران فعليا من النظام المالى والتجارى العالمي. وقال مسئول سابق قريب من حكومة الرئيس حسن روحانى "حتى تحت الظروف الاقتصادية البالغة الصعوبة ظلت الأموال المخصصة لأنشطة الحرس الثورى الإيرانى بلا مساس سواء فى الداخل أو الخارج. "والحرس الثورى قوة شكلها آية الله روح الله الخمينى مؤسس الجمهورية الإسلامية, وبعد الحرب مع العراق فى الثمانينيات حظى بأول موطئ قدم اقتصادى عندما سمح له الحكام من رجال الدين بالاستثمار فى صناعات رائدة. وتنامى النفوذ الاقتصادى للحرس الثورى وبخاصة بعد انتخاب محمود أحمدى نجاد رئيسا للبلاد عام 2005. تشهد الساحة الاقليمية تنافسا بين إيران - القوة الشيعية المهيمنة - وبين السعودية وغيرها من أصدقاء الولاياتالمتحدة من الدول العربية السنية,وقد خاضت طهران على مدى عقود حروبا بالوكالة فى سوريا ولبنان والعراق واليمن. ولا يعنى تحسن علاقات إيران بالغرب بعد الاتفاق النووى أنها على وشك إنهاء هذه الأنشطة, بل إنها تأمل أن يوفر اقتصادها بعد تحرره من أغلال العقوبات ثروات جديدة يمكن أن تعول عليها فى تحقيق هذه الغايات. ولمح مسئول أمنى كبير إلى أن تمويل الحرس الثورى وفيلق القدس - ذراع عملياته فى الخارج - سيزيد. وقال: "الحرس الثورى الإيرانى وفيلق القدس هما أرصدة إيران الرئيسية فى المنطقة حيث نعتزم أن ندعم حلفاءنا وتلك الدول المقموعة, كل أركان المؤسسة مجمعة على هذا. قائلا: حين تكون غنيا تكون أقدر على مساعدة أصدقائك. أليس كذلك؟" أنفقت إيران بالفعل مليارات الدولارات فى دعمها للأسد وفى الأشهر الأخيرة وفرت فرقا خاصة لجمع المعلومات وتدريب القوات السورية, ويتزايد عدد قتلاها كما فقدت عددا من القادة ويعتقد خبراء أجانب أن طهران ربما كان لها ما يصل إلى 3000 عسكرى فى سوريا. وأكد مسئول كبير آخرلوكالة رويتر أن ازدهار الاقتصاد الذى يعتمد حاليا على صادرات النفط بنسبة 60 % سيعنى تدفق مزيد من الأموال على أنشطة الحرس الثورى الخارجية. وقال المسئول "من الواضح جدا أن قادتنا لن يترددوا فى تخصيص مزيد من الأموال للحرس الثورى الإيرانى حين يستدعى الأمر. مضيفا: مزيد من المال يعنى مزيدا من المخصصات للحرس الثوري. لا نريد أى نزاعات لكننا سنستمر فى مساعدة حلفائنا. "وبعيدا عن ساحة المعركة, تكن طهران عرفانا للحرس الثورى لمساعدته الاقتصاد المحلى على البقاء تحت وطأة العقوبات التى فرضتها واشنطن أولا بعد الثورة الإسلامية عام 1979 ثم اتسعت نطاقا وتشددت بمرور السنين. وفى العام الماضى قدر دبلوماسى غربى يتابع إيران عن كثب أن الأنشطة الاقتصادية التى يسيطر عليها الحرس الثورى تدر دخلا يتراوح بين عشرة مليارات و12 مليار دولار سنويا. وترفض إيران الإفصاح عن حصة نشاط الحرس الثورى فى السوق لكن مسئولا بوزارة الاقتصاد قال إن الحرس يشارك فى مجموعة واسعة من القطاعات منها الطاقة والسياحة وإنتاج السيارات والاتصالات والتشييد والبناء. وقال "هناك شركات كثيرة تابعة للحرس الثورى الإيرانى تشارك فى قطاعات عديدة, مضيفا أن الحرس ساعد القطاعات المختلفة على مقاومة العقوبات الجائرة التى فرضت على إيران لعقود." وكوفئ الحرس الثورى أيضا بعقود مهمة بعد أن قمع احتجاجات مطالبة بالإصلاح أعقبت إعادة انتخاب أحمدى نجاد رئيسا عام 2009. واشترت شركة تابعة للحرس الثورى شركة الاتصالات التى تديرها الدولة مقابل ثمانية مليارات دولار تقريبا. وفازت أيضا شركة خاتم الأنبياء للتشييد التابعة للحرس الثورى بعقد قيمته 1.2 مليار دولار لمد خط على شبكة مترو طهران. وقال رجل أعمال إيرانى مقيم فى بلد خليجى وله تعاملات مع بعض الشركات التابعة للحرس الثورى الإيرانى "ما من سبيل لدخول منافسة مع الشركات التابعة للحرس."