في حديث استمر لأكثر من ساعة مساء أمس بمقر الجمعية المصرية للقانون الدولي وامتد من سد النهضة الإثيوبي يشمل بؤر الصراع في سوريا وليبيا واليمن والقضية الفلسطينية وتغير المناخ والاعلام, أكد سامح شكري وزير الخارجية أن هدف مصر الرئيسي حاليا للتواصل مع اثيوبيا فيما يتعلق بسد النهضة هو بناء ثقة وإزالة رواسب قديمة لحقت بالعلاقات بين البلدين وأوصلتنا إلي حالة الريبة والتشكك بشكل ليس معاونا في عملية المفاوضات الجارية, وإن كل ما يقال سواء هنا أو هناك محل رصد وتدوين وإثارة للنقاش عندما يتقابل الجانبان, قائلا: نحاول الصدق والوضوح في الرؤية للتوصل إلي اتفاقية المبادئ التي ستكون محل تدقيق وتمحيص وستستند إلي اطار علمي وقانوني ومحايد لتغليب المصلحة المشتركة للبلدين وليس المصالح المنفردة لأي طرف في اطار فني محكم لإطار عام يخدم مصلحة الطرفين. وأضاف شكري: نحن نعتمد تقريبا علي مصدر وحيد للمياه والنيل تاريخيا جزءا من تاريخنا وحاضرنا وبعيدا عن الانفعال وتجاوز الامور لطبيعتها بشكل ينافي الحقيقة فإن هناك وجهات نظر تساق علي انها معلومات ولكننا كسياسة خارجية مصرية نتعامل مع اثيوبيا كدولة تعمل بنفس القواعد التي نرتضيها لانفسنا لا يجب ان نتذرع بذرائع لا نرتضيها للاخرين فاذا كنا نرفض التدخل في شئوننا الداخلية فلنقبل ذلك للاخرين خاصة في القضايا الهامة فهي الاختبار الحقيقي, مؤكدا أن التعامل معها في مصر يكون من مؤسسات واعية لن تفرط في اي من القضايا الحيوية للشعب المصري فهي أمور ليست للحاضر ولكنها لأبنائنا واحفادنا وللاجيال المستقبلية وحكم التاريخ سيكون قاسيا لمن يفرط في أي جانب يتعلق بها. وأضاف الوزير: لا ننطلق من التفكير بأن دولة اخري تسيء لنا او تضرنا فهناك تحديد دقيق لإطار قانوني ومبادئي لا يختلف عليه احد وقد أكدت عليه القيادة السياسية المصرية فهناك مصالح اثيوبية وهناك عدم ضرر لمصر والحديث عن حصة مصر من المياه هو اطار ثنائي بين مصر والسودان ولا علاقة لاثيوبيا بالامر ونحن هنا لا ندافع عن إثيوبيا ولكن وفق مكونات المصلحة المصرية وفي المفاوضات الثنائية نكون مدركين لمصلحة الطرف الاخر ونهدف إلي الوصول لنقطة توافق ولا فرض لمصلحة دولة علي مصلحة دولة اخري فالإطار هنا مصالح تنموية مشتركة للبلدين وعدم جور علي حقوق أي دولة. وكرر الوزير أن كثيرا من المعلومات والمواقف المطروحة حول الموقف الاثيوبي في مفاوضات سد النهضة يفتقر إلي الدقة ولكن هناك توجه مخلص للتنفيذ الأمين لاتفاق المبادئ, قائلا: بالنسبة لنا هذا التوجه واضح وهناك محطات لاختبار تنفيذ الطرف الاخر وتحركنا يكون بناء علي ذلك التنفيذ من الجانب الإثيوبي. وحول الخلاف السعودي الايراني ودعوة مصر للاسراع إلي احتواء هذا الصراع قال الوزير انه فيما يتعلق بالدور المصري في الازمة السعودية الايرانية فمصر دائما تسعي إلي تحقيق الاستقرار للأشقاء ستظل تعمل علي نزع فتيل الازمة من خلال التشاور مع المملكة العربية السعودية وقد زرت المملكة وتشاورت مع وزير الخارجية السعودي ولمست أن الامور ليست بالعنف الذي بدأت عليه فقد بدأنا نستمع إلي التصريحات المشجعة من الطرفين سواء السعودي أو الايراني واذا كنا لا نقبل أن يكون كان هناك تدخلات من دول اقليمية للحصول علي دور في المنطقة ونسعي إلي علاقات دولية مبنية علي عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول فمصر لن تغلق الباب اذا ما كانت هناك نوايا صادقة في هذا الاتجاه. وفيما اعتبر شكري أزمة الخليج وايران قضية الساعة نظرا لتداعياتها علي منطقة الخليج وتأثيرها علي مصر أكد أن لمصر موقف ثابت لعقود طويلة فيما يتعلق بموقفها بايران وادارة المشهد الاقليمي قائلا كثيرا ما كانت ايران تطرح الامر في اطار ان لكل دولة مصالح تسعي لتحقيقها ورأينا علي الأرض ان هناك محاولات لفرض النفوذ وهو امر غير مقبول. وأضاف الوزير ان الوضع الراهن له خلفيته التاريخية والظروف التي يمر بها العالم منذ ما حدث في العراق ومستمر مع التفاعلات الخاصة بالربيع العربي والاوضاع في سوريا واليمن وكلها تمثل ضغوطا علي دول الاقليم, مؤكدا ان السياسة الخارجية المصرية واضحة في تضامنها مع اشقائها في الخليج للارتباط العضوي بين الأمن القومي المصري والخليجي والذهاب إلي ابعد من ذلك بتصوير الصراع يذهب إلي مواجهة عسكرية فهذا مبالغة لانه ليس هناك ما يشير إلي ذلك. وأشار الوزير إلي اجتماع اليوم في الجامعة العربية والاجتماع المرتقب لمنظمة التعاون الاسلامي, قائلا هناك اتصالات مصرية مع العديد من الاطراف الفاعلة سواء علي مستوي الأشقاء أو الاطراف الدولية والامر تجري بلورته بشكل متلاحق وهذه تفاعلات مستمرة تعلو وتخفت وفقا لمجريات الامور. وردا علي سؤال حول سبب تراجع الدور المصري في ليبيا قال الوزير: أستغرب ان يكون لمصر موقف متراجع من دولة جوار وبيننا وبينها ترابط شعبي وتاريخي ويكون الجهد المصري غير مقدر ولمصر موقف ثابت ومستقر ثبت للاطراف الدولية انه اذا كان قد تم العمل وفقا له لكان الأمر قد تغير علي الأرض كثيرا الآن, مضيفا أن مصر احتضنت الحكومة الشعبية ومجلس النواب وحذرت من ادماج العناصر ذات الفكر المتطرف في المعادلة السياسية وثبت صحة ذلك بعد كل الجهد المصري وصولا للاتفاق الذي علقت عليه الدول آمالا عريضة لإخراج ليبيا من ازمتها ودحر الإرهاب واقرار حكومة الوفاق للاضطلاع بمهامها لمصلحة الشعب الليبي واعادة الاستقرار للاراضي الليبية ووفرت مصر جميع أنواع الدعم المعنوي والمادي للوفاء باحتياجات الشعب الليبي وقد ثبت ان نصائح مصر كانت في محلها وأنها كانت ترصد الوضع بشكل دقيق وفي محله تماما. وحول جهود الدبلوماسية المصرية في مكافحة الإرهاب وعودة السياحة لمصر قال الوزير مصر لديها جميع المقومات لتكون السياحة مصدرا قويا للدخل القومي المصري ولكنها صناعة حساسة تتأثر بالاستهداف من قبل الجماعات الإرهابية وحادث الطائرة الروسية الاخير والذي لا يزال محل تحقيق وفي ظل ان هناك اكثر من4 ملايين مواطن مصري يعتمدون علي السياحة في معيشتهم فإن دور الخارجية المصرية احتواء اي نوع من الحساسيات لدي أي طرف من الشركاء في العالم لامكانية مصر تأمين مواطنيهم لدينا. وألقي الوزير باللوم علي الاعلام المصري قائلا لابد ان ندرك ان اعلامنا يضخم من هذه الامور ولنقارن بين ما حدث مع حادث الطائرة الروسية في مصر والاحداث الفرنسية الإرهابية ففي حين تم توجيه اللوم والمسئولية لمصر منذ البداية ولم يتم التعامل معها باعتبارها ضحية مثلما تمت الاشارة لفرنسا في الحادث الإرهابي لديها كضحية ولم تقصر في حماية منشاتها, وأكد شكري أنه ليس هناك دولة توفر الحماية والامن100% في ظل الدوافع الشريرة للارهاب, ومثلما حدث في مناطق عديدة في العالم فنحن ايضا تعرضنا وعلينا ان نضاعف الجهد مع شركاءنا للتعاون في هذا الصدد لحماية زوار مصر من السائحين وان يكون التعامل مع خطر الإرهاب بشكل فيه شمولية واتساق فقد أثبتت التجارب أن هناك من يتحدث عن محاربة الإرهاب ويدعم الجماعات ذات الفكر المتطرف ولابد من تغيير ذلك حتي نغلق الساحة التي توفر له الدعم المادي والمعنوي. وردا علي سؤال علاقات مصر بالدول العربية بما فيها قطر وقناة الجزيرة أكد شكري أن علاقات مصر بالدول العربية هي علاقات خاصة يجد كل منا بالاخر علاقات ايجابية تفوق العلاقات الطبيعية بين الدول وبعضها البعض, وقال نتمني ان يكون نفس التوجه عند الدول العربية الاخري ففي بعض الاوقات لا نجد هذا التوجه عند بعض الدول العربية ونتمني الا يحدث ذلك. وحول سؤال عن مدي استفادة مصر من عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن قال الوزير ليس هناك استفادة وانما مسئولية تضطلع بها مصر بحكم تاريخها الطويل في جميع محافل العمل الدولي سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن أو مؤتمر نزع السلاح وغيرها لصياغة وبلورة السياسة الخارجية الدولية بعد الحرب العالمية الثانية التي تستمر مصر في اسهامها القوي في المجتمع الدولي سواء عبر رؤية افريقية لان عضوية مصر تكون ممثلة لافريقيا أو رؤية عربية في الوقت نفسه, وفي ذلك الصدد نتكبد جهد مؤسسي وعبء علي البعثة الدبلوماسية المصرية فهناك قضايا تلقي اهتماما واجتماعات يومية ولكن هذا لم يحول عن الثبات علي الموقف المصري الخارجي طوال الوقت. وعن العلاقة مع تركيا قال شكري ان العلاقة حاليا فيها قدر عال من التوتر وليست طبيعية نظرا لتوجه وعدم تقدير تركيا لإرادة الشعب المصري بعد30 يونيو بشكل من اشكال التحامل لقضية داخلية بشكل غير ملائم وهذا لا يفقدنا العلاقة مع الشعب التركي شيئا ونتطلع إلي علاقات مبنية علي الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وهناك بالفعل مقومات ما يجعلها علاقات اكثر من طبيعية لكن هذا يتوقف علي موقف الطرف التركي, وأشار الوزير إلي ان القمة الاسلامية ستعقد في تركيا ولا ضرر من ذلك وسنتعامل بشكل طبيعي ومهني مع الاخذ في الاعتبار ان تنتقل القمة بعد ذلك لدولة علاقتها طبيعية بمصر ولكن هذا يتوقف علي رغبة54 دولة اسلامية واحتراما للمنظمة فاننا نتعامل مع هذا الامر بشكل طبيعي ومهني فهي قمة اسلامية نشارك فيها. ونفي الوزير وجود وساطة سعودية بين مصر وتركيا قائلا ليست هناك وساطة سعودية بين مصر وتركيا وقد زرت المملكة مؤخرا ونفصل تماما بين علاقتنا بشركائنا وعلاقات شركائنا بالدول الأخري فلكل شريك ان يحقق مصالحه وفق ما يراه مناسبا له, وخلال زيارتي للمملكة ولقائي بوزير الخارجية السعودي لم يشر الجبير إلي اي شيء يرتبط بهذه الزيارة التركية فهذا شأن سعودي وفقا لما ترتأيه المملكة من مصالح لها. وعن تطورات الأوضاع في اليمن قال الوزير: الأوضاع باليمن مقلقة ونعول علي الجهد الأممي لعودة التوافق بين الفرقاء اليمنيين فالأوضاع الانسانية هناك والمراوغة التي تحدث تجعلنا غير مطمئنين للتوصل إلي حل سياسي يحفظ استقرار اليمن ووحدته, ونحن في مصر نواصل جهودنا سواء في اليمن او سوريا أو ليبيا فقناعتنا أنه لا يوجد حل عسكري يؤدي إلي استقرار ولكن معاناة تؤدي لمزيد من سوء الأوضاع وتدهورها. وحول الوضع في سوريا قال شكري: يؤرقنا ويؤلمنا القتل الذي فاق ال300 الف سوري والتشريد الذي طال نصف الشعب السوري والهدم لمناطق وقري بأكملها والمحاصرة امر غير مقبول وقمنا بجهود كبيرة للتواصل مع الاطراف السورية بجانب الجهود الاممية ونامل أن تثمر عن حل للأزمة, مشيرا إلي أن الجهود كانت لتزكية الحل السياسي واصبح اكثر واقعية حاليا بما وفرنا له من دعم سواء الجهد الذي بذلته مصر من جمع للمعارضة السورية لتجنيب سوريا التشرذم والتفتيت لدويلات تعاني ويلات الإرهاب, مؤكدا انه سوف نواصل الجهود لاعادة سوريا واسترداد الشعب السوري لدوره التاريخي في الحضارة العالمية. وجدد شكري رفض مصر لدفع الدول النامية فاتورة تغير المناخ العالمي الذي يمثل عبئا عليها, قائلا: لا بد من تعاون الدول المتقدمة التي تسببت في هذا التغير إلي تحمل مسئوليتها وتوفير التكنولوجيا المتقدمة وفي نهاية الامر فإن هذه مصلحة مشتركة ونحن في مصر نرصد كل خريف الاثار المترتبة علي حرق المخلفات الزراعية ونتمسك بالعمل المشترك لتقليل الاثار الخاصة. واختتم شكري حديثه عن الدور الاعلامي المصري قائلا نهتم ان يكون لنا تواصل مستمر مع الاعلام المصري الوطني الملبي لاحتياجات الشعب المصري والداعم لما يصبو اليه في المستقبل, مشيرا إلي ان هدف التواصل ان يكون الرأي العام محاط بالمعرفة والشفافية ورؤية الدولة والحكومة حول القضايا محور اهتمامه. وأضاف شكري ان من حق الرأي العام ان يطمئن إلي ان المؤسسات تقوم بدورها كاملا ونحن في وقت اصبح التواصل ضرورة لكن للاسف غالبية ذلك تنقصه الدقة وهو ما يضع مسئولية علي المسئولين لتوضيح الحقيقة فورا للرأي العام, ودور الاعلام ليس لي كمسئول ان أقيمه ولكن كمواطن والحكم للرأي العام هو رأي صائب عندما يكون هناك شيء صائب. التحالف الإسلامي والقوة العربية المشتركة خلال اللقاء افتتح الأسئلة المستشار عدلي حسين متسائلا عن مصير التحالفين الذين تمت الدعوة لهما مؤخرا, وهما التحالف الاسلامي بالرياض والقوة العربية المشتركة, فجاء رد الوزير أن الموضوعين قائمان, فالتحالف الاسلامي في الرياض يهدف إلي مقاومة الإرهاب وتجميع الدول الاسلامية لدحره, مضيفا أن القوة العربية المشتركة قوة اقليمية هدفها الحفاظ علي الأمن القومي العربي بالأساس من كل التهديدات التي قد يكون الإرهاب إحداها, ولذلك فإنه محل تعامل ولكن لا تزال هذه القوة محل دراسة الدول التي ستشارك فيها سواء حول عناصر هذه القوة وتشكيل عملها واطارها التنظيمي. د. مفيد شهاب أدار اللقاء شهد اللقاء حضورا مكثفا للعديد من الشخصيات, وبدأه الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون البرلمانية الأسبق بتقديم سيرة ذاتية للسيد محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق, ووصف د. شهاب بالضيف غير العادي سواء بسرد تاريخه العملي بوزارة الخارجية أو بحكم الجيرة والسكن بينهما, وأداء فريضة الحج وذكريات عمل قائلا: رأيته سفيرا دينامو لمصر في الأممالمتحدة حيث تنظيم لقاءات غداء وعشاء عمل في منزله, فهو لم يكتف بالدبلوماسية التقليدية في عمله. القضية الفلسطينية لها الأولوية في سياسة مصر الخارجية فيما كان سد النهضة الإثيوبي والأزمة السعودية الايرانية ومناطق الصراع الملتهبة في سوريا واليمن وليبيا لهم الغلبة علي لقاء وزير الخارجية سامح شكري إلا أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة علي استحياء, وفي سؤالين دارا حول الاحساس بأن الاهتمام أصبح اقل مما كان عليه في السابق, وجاء رد الوزير بأنها تظل هي الأولوية الاولي للسياسة الخارجية المصرية, مرجعا الاحساس بتراجع الاهتمام المصري بها إلي تعدد القضايا العربية الحالية. وأشار الوزير إلي أنها قديما كانت القضية الوحيدة لكن الآن ونتيجة لتحديات الإرهاب وما يحدث في ليبيا وسوريا واليمن ولبنان والسعودية أوجد هذا الاحساس لكن تظل القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر الاولوية وستكون محور اجتماع له اليوم مع وزير الخارجية الفلسطيني بالجامعة العربية. وأكد الوزير أنه من توجهات السياسة الخارجية المصرية حاليا أضحي التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية وضرورة حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية علي حدود الرابع من يونيو1967 وعاصمتها القدسالشرقية.