المتأمل في حال المجتمعات العربية وغيرها قبل بعثته صلي الله عليه وسلم يجد أنها كانت مجتمعات لا تعرف الرحمة فكان القوي يأكل الضعيف, وتقوم الحروب لأتفه الاسباب بين القبائل وتستمر لعقود وكانت عبادة الاوثان والاصنام والكواكب من دون الله وانتشر الربا في المعاملات التجارية فضلا عن شرب الخمور ووأد البنات خشية العار وقتل الابناء خشية الفقر وانتشار الزنا والجهل والظلام وصارت الحياة بلا معني حتي من الله علي البشرية بمولد سيد الخلق صلي الله عليه وسلم ليخرج الله به الناس من الظلمات إلي النور ويهديهم سبيل الرشاد فكان رحمة مهداه. حذيثا حول أسباب هذه الرحمة وكيف كانت وكيف يكون المجتمع المسلم اهلا لها. في البداية يقول الدكتور علوي أمين أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن الرسول صلي الله عليه وسلم بدأ حياته يحمل كل صفات الأخلاق العظمي التي شملت كل مايمكن ان يحمله انسان من قيم وأخلاق, وإذا كان الخالق سبحانه وتعالي قد قال عنه وإنك لعلي خلق عظيم فالرحمة جزء من هذا الخلق, وهي لكل خلق الله فكانت رحمة بالحيوان و الطير والنباتات والإنسان أي لكل مافي الكون حتي وصفة المولي تبارك وتعالي بأنه بالمؤمنين رءوف رحيم ولم تكن رحمته صلي الله علي وسلم بالمؤمنين فحسب بل شملت غير المؤمنين حتي قيل أن الله تعالي أودع فيه الكرة لأبليس,ولولا ذلك لرحم إبليس لأنه صلي الله عليه وسلم جبل علي الرحمة بكل مخلوقات الله في الكون, فإذاكان رحمه مهداة فأقل مايمكن ان يقال أن أهداه الله للأمم ليرحمهم, فنحن جميعا مرحومين برسول الله لقوله تعالي ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما فكل من نادي برسول الله فهومجاب وكل من تشفع به صلي الله عليه وسلم فهو مقبول, وكل من ترحم به فهو مرحوم لأنه الرحمة المهداة من رب العالمين ليكون رحمة وسراجا منيرا لسائر الخلق. ويوضح د. علوي امين أن المسلمين يجب ان يكونوا أهلا لهذه الرحمة المهداة من خلال اتباعه ومحبته صلي الله عليه وسلم السير علي منهجه وتطبيق شريعته وليصبح التراحم سمة في المجتمع لقوله صلي الله عليه وسلم أرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء وكما رحمنا برسول الله يجب ان نتراحم فيما بيننا حتي نكون أهلا لرحمة الله ورسوله بنا خاصة ونحن في أشد الحاجة لرحمة الله, وأقل رحمة ان نتعامل مع بعضنا بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربي وننهي عن الفحشاء والمنكر والبغي وان يعذر بعضنا بعضا حتي نتقي الله فيرحمنا الله. ويقول الشيخ إسلام النواوي عضولجنة تجديد الخطاب الديني بوزارة الأوقاف, والمسلمون يحتفلون بمولده صلي الله عليه وسلم كمولد للنور وهداية البشر ليس للمسلمين فقط وإنما لكل الناس يجب ان ندرك أن الله ارسله رحمة وخاطبه قائلا وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين والله تبارك وتعالي عندما يقول رحمة للعالمين وقوله الحق فإن رسول الله لابد وان يكون رحمة للجميع ففي أحد الايام جاء رجل إلي ابي جهل يقول له اين ابلي ؟ فقال له ابو جهل ليس لك عندي شيء وكان ابوجهل قد توعد رسول الله إن لقيه ليضربن عنقه فقال كفار قريش للرجل لن يأتي لك بأبلك إلا محمدا يريدون بذلك النيل من رسول الله فلما ذهب الرجل إلي الرسول لم يتردد صلي الله عليه وسلم لحظة وقام مع الرجل رغم كفرة واهل مكة يكذبونه حتي ينصر الحق لأن الحق هو رسالته صلي الله عليه وسلم وكل الانبياء فلما ذهب لأبي جهل قال له رد علي الرجل إبله فما قاطعه ابوجهل ودفع الابل للرجل فاندهش الكفار قالوا لما لم تفز بمحمد ؟ فقال ابوجهل: لقد رأيت خلفة جملا لو خالفته لابتلعني. وقدضرب صلي الله عليه وسلم مثلا في نبذ العنصرية وخاصة العنصرية الدينية ففي الوقت الذي يتعمد فيه بعض المنتسبين للإسلام تشويه الاسلام بانتقاصه وحتي من غير المسلمين بدعوي انه دين إرهاب غاب عنهم أن رسول الله الرحمة المهداة قال: من آذي ذميا فقد آذاني وكأنه صلوات الله عليه وتسليماته جعل هذا الذمي جزءا من بدنه إذا ناله الاذي فكأنما نال رسول الله وغاب عنهم ايضا ان رسول الله شهد بالفضل لأصحاب الفضل حتي وإن كانوا غير مسلمين فلما اشتد الاذي بالمسلمين في مكة قال لهم أذهبوا إلي الحبشة وعلل ذلك بأن فيها ملكا عادلا هذا الملك هو النجاشي المسيحي لكن رسول الله لما علم انه عادل لم ينكر خلقه. ويضيف النواوي ان المسلمين في هذه الايام وهم يحتفلون بمولد النور والهدي صلي الله عليه وسلمو يحتفلون أيضا بميلاد وسيدنا عيسي بن مريم عليهما السلام إنما هو تأكيد اننا لانفرق بين أحد من رسله, فالانبياء كلهم جاءوا برسالة واحدة وهي توحيد الله, وإرساء قيم المحبة بين البشر, وليكن حسابنا جميعا علي الله, ونحن في مولده صلي الله عليه وسلم يجب علينا ان ندرك ان رسول الله علي الرغم مما لاقاه من إيذاء في مكة لكنه لم يفجر ولم يدمر ولم ينكل بأهلها, وإنما عمر مكة بشريعته ورحمته فعلي الجميع أن يعيد النظر في تصرفاته ويجعل من يوم مولده انطلاقة قيم من خلالها يعمرمصر الجميع مسلمين ومسحيين. فإذا كنا لم نلتق في العقيدة فإننا التقينا في الوطن وإذا أردنا أن نكون أهلا للرحمة المهداه فعلينا السيرعلي درب رسول الله صلي الله عليه وسلم وان نراعي حقوق الناس, ولايطمع بعض في حق الآخرين فكثير ما نري من يبطش بأخيه من أجل حفنة من المال يفترض ان تكون ارثا يرقق قلوبهم علي ابيهم لكننا وجدنا من يعق والديه, والاكثر مانراه من الموظف الذي يهمل في عمله بدعوي أن الراتب لايكفيه ورسول الله لم يتقاض أجرا يوما علي عمله لكنه لما كان مخلصا فيه, جمع الله له الدنيا والآخرة فزهد في الدنيا ورضي بالآخرة وهذه ليست دعوة للزهد في الدنيا, وإنما علي كل مسئول ان يراعي الله في عمله فالإسلام ليس مجرد صلاة وصيام وزكاة وحج ولكنه ايضا معاملة وأخلاق.