أغمض محمود عينيه وشرد بذهنه بعيدا عن محله الضيق سارحا في ظروفه المادية الصعبة وتكالب الدائنين عليه خاصة بعد تمرده علي صنعة الحلاقة التي تعلمها أثناء فترات دراسته وأمتهنها عقب بلوغه العقد العشرين إذ قام بعض زبائنه بهجره واللجوء الي غيره من أرباب المهنة وفجأة بدأت نظرات الشاب العشريني الزائغة تستقر خارج محيط المحل علي فاترينة زجاجية مواجهة له وأطال بنظره عبر باب المحل المصنوع من الزجاج علي أحد جيرانه الذي سيكون الباب السحري لتحقيق أحلامه.. هكذا كان يصور له عقله.. فكر الشاب في كيفية قضاء الديون المتراكمة عليه والهروب من حياة الفقر حتي ارتسمت ابتسامه ماكرة علي وجهه.. تكتم الحلاق علي الخواطر التي جالت بذهنه ولم ينطق بكلمة واحدة وأمسك بهاتفه المحمول وجمع أرقام التليفون الخاص بصديقه أحمد الذي يكبره بثلاث عشرة سنة ليطالبه بضرورة لقائه في أسرع وقت في مكانهما المفضل ولكنه سرعان ما تراجع وفضل التوجه إليه بمحل عمله في المقهي المجاورة ليخبره برغبته في رؤيته ولكن ليس هنا.. ثلاثون دقيقة مضت والتقي الصديقان داخل محل الحلاقة بوسط قريتهما طحا التابعة لمدينة شبين القناطر وأخذ يحكي الحلاق لصديقه القهوجي ما يدور بخلده وبدأ يعرض عليه فكرته في تحقيق كل أحلامهما والمال الوفير الذي سيغدق عليهما بعد تنفيذها وكيف سيتمكنان من قضاء كل الديون المتراكمة عليهما وسرد محمود مخططه كاملا علي صديقه دون أن يشعر بهما أحدا أو تثار حولهما الشكوك.. رفض أحمد القهوجي الفكرة في بدايتها أو مجرد النقاش فيها وخرج من المحل مهرولا مغلقا الباب خلفه فارتبك الحلاق ومكث بين الجدران يفكر في حيلة لإقناع صديقه ولكن التفكير لم يدم طويلا فإذا به يفاجأ بهاتفه المحمول يرن ويظهر علي شاشته اسم صديقه أحمد حسن يطلب رؤيته ولكن خارج المنطقة ليعيدا التفكير فيما عرضه عليه ويدرسا الأمر فأجابه محمود بالموافقة وكان يرد عليه بكلمات مقتضبه لا تفسر فحواها..تقابل الشريكان في أطراف مدينة شبين القناطر وطلب أحمد من صديقه أن يقص عليه فكرته بكامل تفاصيلها خاصة أنهما سيقومان بسرقة أحد المحال المجاورة لهما واتفقا علي الزمان وأحضرا أدواتهما.. وكان اللواء عرفة حمزة مدير المباحث الجنائية بالقليوبية قد تلقي إخطارا من المقدم أحمد عبد العاطي رئيس مباحث شبين القناطر يفيد بتعرض محل موبايلات شهير بشبين القناطر للسرقة والاستيلاء علي أجهزة موبايل وكروت شحن بقيمة150 ألف جنيه.. وبانتقال رجال المباحث بقيادة المقدم أحمد عبد العاطي تم إجراء معاينة تصويرية للمحل وتبين أنه عبارة عن مساحة40 مترا مستأجر داخل عقار مكون من طابقين وبكل دور شقتين بقرية طحا.. كما تبين من المعاينة التصويرية وجود تهدم بأحد حوائط المحل الملاصقة للشقة المقابلة له مما يعني تمكن اللصوص من دخول المحل من خلال هدم الحائط.. بعرض المعلومات علي اللواء سعيد شلبي مدير أمن القليوبية أمر بسرعة تشكيل فريق بحث تحت إشراف مدير المباحث الجنائية لكشف غموض الواقعة والقبض علي المتهمين في أسرع وقت.. تم تشكيل فريق بحث علي مستوي عال من الضباط تحت إشراف اللواء عرفة حمزة مدير المباحث الجنائية وتبين من التحريات وجمع المعلومات من خلال نشر العناصر السرية وسؤال أهالي المنطقة مشاهدة شخصين من قاطني المنطقة في وقت متأخر ليلة الواقعة.. وبتكثيف التحريات حول المتهمين تبين أنهما محمود صابر وشهرته عزت27 سنة صاحب محل حلاقة مقابل للمحل المسروق وأحمد حسن سعيد40 سنة عامل في مقهي بذات المنطقة ومقيمان بذات القرية. تم تحريز المضبوطات وإخطار النيابة العامة تحت إشراف المستشار أحمد عبد الله المحامي العام لنيابات شمال بنها التي تولت التحقيق وقررت حبس المتهمين4 أيام علي ذمة القضية.