أحداث13 نوفمبر.. في العاصمة الفرنسية باريس تدشن لمرحلة جديدة مشابهة لمرحلة ما بعد هجمات11 سبتمبر.. وربما تتجاوزها في آثارها الكارثية علي منطقة الشرق الأوسط وفي قلبها عالمنا العربي.. وكذلك علي العرب والمسلمين في مختلف أنحاء العالم.. وهي تستحق بلا شك أن نطلق عليها11 سبتمبر الأوروبية. بعد أحداث11 سبتمبر..2001 ذهبت الولاياتالمتحدة لشن حرب واسعة علي الإرهاب.. بدأتها في أفغانستان وبعدها العراق.. وكان الدافع هو الثأر للكرامة الأمريكية.. فهل تفعل فرنسا الشيء نفسه.. بعد أن وجه داعش سلسلة هجمات متزامنة وموجعة في قلب باريس.. راح ضحيتها ما يقرب من مائة وتسعة وعشرين شخصا؟ الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند قال عقب الهجمات الإرهابية التي ضربت بلاده إن الرد الفرنسي سيكون قاسيا ولا هوادة فيه.. وهو ما جري ترجمته عمليا في شن مقاتلات وقاذفات فرنسية غارات عنيفة الأحد الماضي علي الرقة في شرق سوريا.. دمرت خلالها مركز قيادة ومعسكر تدريب في المدينة التي تعتبر معقل تنظيم داعش.. إلا أن ذلك لا يحسم السؤال عما إذا كانت فرنسا تعتزم التدخل في سوريا علي الأرض لحسم المواجهة مع التنظيم.. أم أن التدخل سيكون شاملا للقوي الغربية في كل من العراقوسوريا؟ لا شك في أن13 نوفمبر سيدشن مرحلة جديدة في العلاقات الدولية سيكون للقوي الأوروبية دور فاعل فيها.. وستتأثر علاقات أوروبا بشكل مباشر مع دول المنطقة.. ما بين التعاون المشترك لمواجهة خطر الإرهاب العابر للحدود.. أو التدخل بشكل منفرد للتعامل مع داعش.. كما سنشهد تغييرا لافتا في التعامل مع العرب والمسلمين في أوروبا.. تماما كما جري في مرحلة ما بعد11 سبتمبر.. من خلال فرض المزيد من الإجراءات الصارمة والقيود.. بل وربما تغييرات شاملة في الموقف الأوروبي من تدفق اللاجئين خلال الفترة المقبلة.. وكذلك فيما يتعلق بالتعامل مع من هم داخل أوروبا حاليا. التحدي الكبير أمام الدول الأوروبية.. سيتمثل فيمن يمكن أن يطلق عليهم العائدون من داعش ذوي الجنسيات الأوروبية.. وهم يمثلون خطرا كبيرا علي القارة الأوروبية.. خاصة إذا علمنا أنهم القوة الضاربة في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في العراقوسوريا.. وهناك كذلك من انضموا حديثا إلي التنظيم من المقيمين في بلدانهم الأوروبية.. ويشكلون الطابور الخامس.. وخطوط الاستطلاع المتقدمة.. وخلايا العمل النائمة.. وراء الخطوط داخل أوروبا. من المؤكد أن الوضع أصعب وأعقد من مرحلة ما بعد11 سبتمبر.. وعلي من ساهم في توحش هذا التنظيم.. تحت أي ذريعة.. أن يتحمل العواقب ويستعد لتحديات وتحولات أوروبية عميقة.. بدأت بالفعل شواهدها بشن الغارات الفرنسية.. وربما تتطور إلي عمليات عسكرية علي الأرض.. فإذا كانت11 سبتمبر قد فتحت الباب واسعا أمام التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط.. لفرض أجندات وسياسات وتوجهات تحت شعار مكافحة الإرهاب أثبتت الايام فيما بعد فشلها.. فإن أوروبا.. من واقع قربها الجغرافي.. والارتباط الجيوستراتيجي بالمنطقة.. ستكون مضطرة للتعامل والتدخل المباشر للحفاظ علي أمنها.. ولكن يبقي السؤال: هل سيكون التعامل الأوروبي وفقا للنموذج الأمريكي أم وفقا لكلاسيكيات القارة العجوز؟ الأيام المقبلة ستوضح لنا الإجابة عن السؤال.. ولكن ما لا شك فيه أن أحداث13 نوفمبر أيقظت المارد الأوروبي.. وأدخلته في دائرة الاشتباك المباشر.. وأيا كانت تحركاته فإن المنطقة العربية هي التي ستدفع الثمن.