في ساحة الجعفري بمنطقة الدراسة وفي الأمتار الفاصلة بين ساحة مسجد الإمام الحسين ومسجد الشيخ صالح الجعفري وقف التابعون من مختلف طوائف الطرق الصوفية. بانتظار انتهاء صلاة العصر بمسجد الجعفري, انتظارا لبدء مسيرة موكب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. في هذه المسافة الفاصلة وقف شيخ مسن حسين الفخراني القادم مع ابنته مع أسوان خصيصا للمشاركة في الموكب, وقف الشيخ ممسكا بإحدي القائمتين الخشبيتين للافتة التي تحمل اسم طريقته بينما أمسكت ابنته التي ارتدت حجابا بسيطا وجينز أزرق بالقائمة الثانية للافتة بانتظار انتهاء الصلاة حيث ينشر المريدون والتابعون اعلامهم وبيارقهم لتنطلق المسيرة التي تستغرق ما يزيد قليلا علي الساعتين رغم قصر المسافة بين مسجدي الجعفري والإمام الحسين. يتذكر حسين الفخراني الشيخ السبعيني المواكب الاحتفالية التي شارك فيها منذ كان في السادسة عشرة من عمره وحتي الآن مفصلا الاختلافات البينة بين المواكب في صورتها قبل ما يزيد علي أربعين عاما وصورتها الآن فيقول: كنا نبدأ الموكب من القلعة ويستمر الانشاد والمدائح علي طول الطريق أما الآن فمع صغر المسافة ورغم زيادة اعداد المشاركين إلا أن الاحتفال لم تعد له زهوته القديمة.. الأغنياء علي طول الطريق كانوا يغدقون من نفحات مولد النبي علي الفقراء.. لكن الآن لم تعد مشاركاتهم علي نفس المستوي. من المنيا قدم حسين عبدالسميع مريد من الطريقة البرهامية التي كانت من أكبر الطرق عددا وتنظيما خلال الموكب يتذكر هو أيضا مسيرة الموكب القديمة التي كانت تبدأ من المسجد الرفاعي بالقلعة وحتي ساحة مسجد الحسين, يتذكرها بحنين قبل أن يؤكد أن قصر المسافة قد أسهم في زيادة اعداد المشاركين. قبل أربعة أعوام انتقل الموكب الاحتفالي بالاتفاق بين وزارة الداخلية والمجلس الأعلي للطرق الصوفية من مساره التقليدي بين المسجد الرفاعي بالقلعة ومسجد الحسين إلي المسار الحالي الذي تخلي له الساحة الجانبية المجاورة لمسجد الشيخ صالح الجعفري ويغلق له مخرج شارع الدراسة ويتوقف المرور في إحدي الحارتين المروريتين المشكلتين لشارع الأزهر الحارة المجاورة لساحة الحسين حتي تنتهي مسيرة الموكب التي تستغرق ساعتين أو أكثر قليلا ويشارك فيها اتباع366 طريقة صوفية يحرص اتباعها بطوائفهم المختلفة علي المشاركة في الموكب. ويأتي هذا الإجراء نظرا لأن الموكب كان خلال مسيرته من القلعة إلي المسجد الحسيني يتسبب في توقف المرور تماما في هذه المنطقة إلا أن عددا من المريدين المشاركين ذكروا ل الأهرام المسائي ان هذا الإجراء قد تم نظرا لأن عددا من الجماعات الدينية السلفية كان يهدد الموكب الذي يرونه خارجا عن تعاليم الإسلام. محمد عبدالغفار الذي يعمل في مخبز مجاور لمسجد الإمام صالح الجعفري الذي ينطلق منه موكب المسيرة المح في حديثه ل الأهرام المسائي إلي كراهية البعض للموكب قائلا:يمكن في اختلافات بس الناس دي جاية عشان بتحب الرسول ويضيف:منذ انتقلت الاحتفالية هنا قبل أربع سنوات صار المكان أكثر حيوية إلا أن كثافة قوات الأمن الموجودة لتنظيم المسيرة وضبطها منع العاملين وسكان المنطقة من المشاركة في المسيرة التي كانوا يحرصون علي مشاهدتها والمشاركة فيها كل عام إلا أنه يعود ويرجع كثافة وجود قوات الأمن إلي أن عدد المريدين المشاركين في المسيرة قد تزايد كثيرا خلال العامين الماضيين مما يستدعي وجود الأمن نظرا لأن فيه ناس عندها تعصبات خايبة مش عايزين المسيرة تتعمل وهو يوجه لمن يقصدهم دون تصريح دعوة للتصديق علي الفقراء كما يفعل المشاركون في المسيرة الذين يسير فقيرهم وغنيهم ومتعلمهم وجاهلهم جنبا إلي جنب دون تفرقة علي حد قوله. في ساحة مسجد الحسين حيث انتهت المسيرة ليدخل المريدون إلي المسجد لأداء صلاة المغرب والاستماع إلي خطبة السيد عبدالهادي القصبي شيخ الطريقة القصبية وشيخ مشايخ الطرق الصوفية عضو مجلس الشوري عن دائرة طنطا وقف محمد فردوس الطالب الماليزي الذي يدرس بجامعة الأزهر وزميلاه الحاملان لنفس الجنسية وقد انفصلوا عن زملائهم من مريدي وتابعي الطريقة الجعفرية ليراقبوا المشهد غير راضين, ويعلق محمد فردوس: انضممنا إلي الطريقة لأن زملاءنا الكبار الدارسين هنا انضموا إليها قبلنا ونحن نتبع قادتنا إلا أن ما رأيناه اليوم يبدو لنا بعيدا في طقوسه عن الإسلام الذي نعرفه.. ويؤكد محمد فردوس وزملاؤه أن أحدا لم يحدثهم عن الموكب أو الهدف منه أو تاريخه وهم منذ حضورهم يحاولون الربط بين الموكب وما يدركونه عن المناسبة التي ترتبط بتذكر صفات النبي, إلا أنهم مازالوا في حيرتهم بانتظار من يبين لهم اجابات اسئلتهم. كان الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يقام قديما بقراءة القرآن والقاء بعض الخطب حول صفات ومآثر الرسول إلا أن بداية الحكم الفاطمي لمصر شهدت تحولا واسعا حيث بدأت المواكب والمسيرات الاحتفالية الخاصة بموالد الأولياء وآل البيت ومولد النبي صلي الله عليه وسلم لتبدأ عدة طقوس شعبية ارتبطت بالمولد كصناعة الحلوي وموكب الخليفة وغيرها من المظاهر التي اختفي معظمها الآن. وقد حاولت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت التقرب من المصريين عبر هذه الاحتفاليات فأقام قائد الحملة بونابرت احتفالا اطلق فيه الألعاب النارية التي ابهرت المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي وقتها ليكتب عن انبهار أهل القاهرة بها حيث أقيمت في الساحة المواجهة لمنزل الشيخ البكري نقيب الاشراف.