يعد مصنع السجاد اليدوي بشركة غزل المحلة كنزا لا يقدر بثمن.. فرغم وجود أكثر من منطقة تشتهر بصناعة السجاد اليدوي في مصر مثل أخميم وفوه وساقية أبو شعرا بالمنوفية.. لكن يبقي لمصنع سجاد غزل المحلة قيمة ومكانة خاصة بالرغم من أنه يعاني الأمرين منذ أن حاصرته الديون من كل جانب وأصبح يدفع ثمن عدم اعتراف الشركة به وإهمال المسئولين بالدولة له مما دفع عماله والذين يمثلون الثروة الحقيقية لهذه الصناعة العريقة إلي الهروب لأعمال أخري بحثا عن توفير مورد رزق بعد أن كان المصنع مصدر دخل كبير للاقتصاد المصري ونافس بشهرته كبري الدول المنتجة للسجاد اليدوي مثل إيران والهند وتركيا لجودته العالية وروعة تصميماته وألوانه الأنيقة, بجانب تخصصه في إنتاج أرقي أقمشة الأبيسون التي تستخدم في تنجيد أطقم صالونات القصور الفاخرة والفنادق الشهيرة وكان يأتي في المرتبة الثانية علي مستوي العالم بعد فرنسا في مجال الأبيسون. في البداية يؤكد بلال شفيق أحد العاملين القدامي والذي التحق بالمصنع وعمره12 سنة أن صناعة السجاد اليدوي ليست كأي صناعة فهي جزء من التراث المصري الشعبي وعنوان لتاريخ الأمم يعكس مدي تحضرها ورقيها فالسجاد اليدوي هو بمثابة تحفة فنية راقية كلما امتد بها العمر ازدادت قيمتها المادية والفنية. وأضاف أن مصنع السجاد اليدوي بالمحلة بدأ عام1960 بفكرة للمهندس السيد علي مدير قطاع الغزل والنسيج بشركة غزل المحلة من أجل احتضان أبناء العاملين الصغار وتعليمهم مهارات وحرفا جديدة من خلال إتقان صناعة السجاد اليدوي حيث تم تخصيص شقتين بمدينة العمال في البداية لتدريبنا علي التعامل مع الأنوال اليدوية تحت إشراف عدد من أسطوات القطاع الخاص بعدها تم طرح أسهم علي عمال غزل المحلة لمشاركة ودعم المشروع حيث تم تأسيس أول جمعية تعاونية إنتاجية لصناعة السجاد اليدوي بالمحلة وكان حملة الأسهم يحصلون حتي وقت قريب علي عوائد من أرباح المصنع في الوقت الذي ساهمت فيه شركة غزل المحلة بتوفير3 مبان لإقامة المصنع علي مساحة فدانين بإيجار رمزي وذلك من أجل دعم وإنجاح المشروع. أما عبد الله زيدان عامل سجاد فأشار إلي أن مصنع المحلة شهد فترة مزدهرة للغاية طوال الفترة من عام1970 حتي1988 بفضل القيادة الواعية لعزت النقيب, نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية, حيث كان يملك فكرا غيرمسبوق ونجح في فتح العديد من الأسواق الخارجية وأصبحنا نحتل الصدارة في مجال التصدير لروسيا واليابان وإنجلترا وألمانيا ونافسنا إيران علي صناعة السجاد العجمي بأنواعه المختلفة الشيرازي والأصفهاني والتبريزي والقشقاي والكزاك والكاشان الحريري.. وكان عدد العمال وقتها يبلغ ستة آلاف عامل موزعين علي تسع صالات تضم450 نولا يدويا وبرحيل هذا الرجل بدأ المصنع في التراجع والانهيار خاصة بعد دخول وانتشار السجاد الميكانيكي وسياسات الانفتاح الاقتصادي الخاطئة بجانب سوء الإدارات المتعاقبة وعدم تقدير العمال بشكل مناسب مما أدي إلي هروب معظم الأيدي العاملة للعمل بالقطاع الخاص أو السفر للخارج بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة حتي وصل عدد العمالة الحالي إلي320 عاملا موزعين علي3 صالات تضم150 نولا فقط. ومن جانبه أكد الكيميائي محمد محمود الآبشيهي رئيس القطاع التنفيذي السابق لجمعية السجاد أنه تقدم باستقالته بعد ثلاثة شهور من توليه مسئولية المصنع في العام الماضي احتجاجا علي تجاهل المسئولين بالدولة لكل البدائل والمقترحات التي قدمناها للخروج من الأزمة وإنقاذ المصنع والحفاظ علي القلة المتبقية من عماله المهرة ومنها سرعة ضم جمعية السجاد إلي شركة غزل المحلة وإسقاط ديون المصنع والتي بلغت حوالي50 مليون جنيه منها23 مليون جنيه للتأمينات الاجتماعية بسبب الفوائد الباهظة لأصل الدين المتراكم و9 ملايين جنيه لشركة غزل المحلة قيمة خامات ومستلزمات إنتاج حيث إن الجمعية تقوم بشراء الصوف والقطن من شركة مصر بجانب عمليات صباغة المنتج بها وديون أخري للاتحاد التعاوني كما طلبنا مساعدة الدولة في فتح أسواق جديدة لتصريف منتج السجاد اليدوي محليا ودوليا سواء عن طريق الصندوق الاجتماعي للتنمية والمشاركة في المعارض والمحافل الدولية أو من خلال بيت خبرة عالمي متخصص في هذا المجال لكن للأسف ظلت جميع المقترحات حبيسة الأدراج.. بل عندما عرضنا فكرة استعداد بعض رجال الأعمال من القطاع الخاص للمشاركة والمساهمة في عملية إنقاذ المصنع ومساعدة عماله الذين يعيشون ظروفا حياتية صعبة قوبل طلبنا بالرفض. وناشد الآبشيهي رئيس الوزراء بضرورة التدخل لإنقاذ المصنع وعمال السجاد بالمحلة بعد أن عجزت الجمعية عن تدبير السيولة اللازمة لتمويل واستئناف نشاطها وتوفير رواتب العاملين بها نتيجة ظروف صعبة خارجة عن إرادتها بسبب متغيرات السوق والأوضاع التي طرأت في السنوات الأخيرة من الزيادة المستمرة في ارتفاع أسعار الخامات وغياب عنصر التدريب.