محاولات عديدة سبقت تلك المرة التي تمكنا فيها من إيجاد سبب مقنع لعبور البوابة ودخول المستشفي, فمن يرفض السماح لفتيات بدخول دورة المياه بعد إلحاحهن رغم تحذير أحدهم من إمكانية دخوله أو بالأحري تحمل دخوله مفسرا موقفه بأنه حمام مستشفي يعني, ولكن أمام الإصرار تم السماح لنا بالدخول.. وها هو المشهد الأول داخل دورة المياه يكشف ما كان يعنيه من حمام مستشفي فعلامات المرض والإهمال تبدو واضحة تماما في كل أركانه أما عن الرائحة فإنها تخترق كل الحواجز بينها وبين أنفك التي لن يجدي معها أي محاولات لكتم الأنفاس.. انتهت المهمة بالتقاط بعض الصور مؤقتا وقررنا الانتظار بالخارج أمام البوابة للحصول علي التفاصيل من ذوي المرضي والمترددين علي المستشفي لأن إجراء أي حديث مع مريض بالداخل مهمة صعبة للغاية إما لتتبع الممرضين وعمال المستشفي لأي ضيف غير مألوف خاصة إذا طالت جولته أو لخوف المرضي من الحديث تحديدا للصحافة لأن مصيرهم مازال معلقا بين يدي هؤلاء.. البداية كانت مع ريهام صبحي التي أوضحت أنها تأتي مع والدها بين الحين والآخر لمتابعة حالته بعد خضوعه لخمس عمليات, وتقول إنهم في كل مرة يأتون للطبيب المعالج يطلب منهم العودة بعد بضعة أشهر ويتكرر السناريو نفسه رغم أن حالة الأب لا تتحمل الحركة حيث قاموا بتأجير سيارة مجهزة مخصصة لمثل هذه الحالات, لتنهي حديثها بنبرة حزينة قائلة الحقن من بره والتحاليل علي حسابنا نعمل إيه بس ؟!. وتشكو رضا يونس التي ترافق والدها بالمستشفي من سوء معاملة بعض الممرضات, مشيرة إلي رفض بعضهن القيام بخدمة المرضي مثلما رفضت إحداهن قياس السكر لوالدها وقالت إنه ليس من اختصاصها رغم أن وجودها في قسم الطوارئ يستلزم معرفتها بقياس السكر والضغط. وتؤكد أنهم أهملوا حالة والدها أثناء إصابته بنزيف في ساقه ونقله بعد العملية لسرير غير نظيف عليه آثار دماء مما تسبب في حدوث التهابات وغرغرينا مما اضطر الأطباء إلي بتر ساقه. وتستطرد قائلة الإهمال سيد الموقف في المستشفي علاوة علي نقص الخدمات وتأخرها لدرجة أنهم تأخروا علي المريض أكثر من10 ساعات بسبب عدم وجود شاش. أشارت ابنة أحد المرضي وتدعي فاطمة أحمد إلي إصابة والدتها بتليف الرئة وضيق في التنفس مما تطلب حجزها في المستشفي ولكنها تري أن الحالة تدهورت بعدها خاصة وأن والدتها تعيش الآن علي جهاز التنفس ولكن أصر أحد الأطباء علي عمل أشعة لها رغم خطورة ذلك علي حالتها مما تسبب في إصابتها بغيبوبة لا تزال فيها حتي الآن. وتشكو من واقعة إهمال أخري عانوا منها عندما طلب أحد الأبناء دخول الأم لرعاية القلب نظرا لحالتها, الأمر الذي تم رفضه في البداية بسبب عدم وجود رعاية قلب بالمستشفي ولكن بعد إثارة بعض المشكلات تمت الاستجابة لطلبهم دون التفكير في حالة المريضة علي حد قولها. وتقول حسناء زاهر شقيقة أحد المرضي بأنها المرة الثانية التي تضطر فيها لدخول مستشفي الدمرداش رغم أن المرة الأولي انتهت بوفاة شقيقها التي لم يعلموا بها فور حدوثها, وتستطرد حديثها قائلة أختي الآن في العناية المركزة وعدم قدرتنا علي علاجها بمكان آخر هو السبب الوحيد الذي اضطرنا إلي اللجوء إليها بسبب الإهمال سواء في القطاع الطبي أو في النظافة, لتنهي حديثها داعية الله أن يشفي شقيقتها المريضة وأن تخرج منها بسلام.