عرج النبي محمد ص إلي السماء, ومعه جبريل عليه السلام, فاستفتح جبريل السماء الدنيا ففتح لهما آدم عليه السلام, ثم في السماء الثانية فتح لهما ابنا الخالة عيسي ويحيي , وفي السماء الثالثة فتح لهما يوسف عليه السلام, وفي السماء الرابعة فتح لهما إدريس عليه السلام, وفي الخامسة فتح لهما هارون عليه السلام, ثم فتحت السماء السادسة فكان فيها موسي عليه السلام, ثم في السماء السابعة كان فيها إبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلي البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك, يتعبدون فيه صلاة وطوافا, ثم لا يعودون إليه إلي يوم القيامة, ثم جاوزوا مراتبهم كلهم حتي ظهر المستوي الذي يسمع فيه صريف الأقلام. ورفعت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم سدرة المنتهي, وإذا ورقها كآذان الفيلة, ونبقها كقلال هجر, ثم غشيها أمور عظيمة, وألوان متعددة باهرة فكانت أجمل ما يكون, والملائكة فيها علي الشجر وفراشها ذهب, ورأي جبريل عليه السلام له ستمائة جناح ما بين كل جناحين كما بين السماء والأرض منسوج فيهما الزبرجد واللؤلؤ والياقوت. هذا, وقد فرضت الصلاة علي أمة محمد صلي الله عليه وسلم عند سدرة المنتهي, وتحت عرش الرحمن لأهميتها ومكانتها عند الله جل وعلا وعند رسوله وعند المؤمنين المسلمين, فقد رفع الله تعالي إليه رسوله الحبيب فوق السماوات السبع ليفرض عليه وعلي أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة, خفضها الله تعالي إلي خمس صلوات في اليوم والليلة, وثوابها ثواب الخمسين صلاة, فهي عماد الدين يقول تعالي( إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا) النساء/.103 والصلاة ضرورية لأن الإنسان يكلم الله تعالي ويناجيه خمس مرات في اليوم والليلة, حتي وقت المرض, والحرب, والدفاع عن النفس, والعرض والوطن. وممن رآه صلي الله عليه وسلم أن الملائكة حينما دخل السماء الدنيا استقبلته ضاحكين إلا خازن النار, ورأي صلي الله عليه وسلم قوة النار, ورأي آدم عليه السلام يعرض عليه أعمال أبنائه, ورأي عقاب كل من أكله أموال اليتامي وأكله الربا, وعقاب الزناة, كما رأي أنهار الجنة وقصورها, وثواب الشهداء والمؤمنين, ورأي نور الله جل وعلا, ورأي جبريل وهو يخر ساجدا بدنو الرب يسبح( سبحان رب الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة حتي قضي..) وقد أعطي رسول الله صلي الله عليه وسلم عند( سدرة المنتهي) وهي التي ينتهي إليها علم الأنبياء, وأرواح الأنبياء, والشهداء, والمؤمنين والملائكة إليها ووقوفهم عندها, وهي شجرة في السماء السادسة علي رؤوس حملة العرش إليها ينتهي علم الخلائق. يقول الإمام القرطبي ارتفاعها جاوز حملة العرش.. أصلها في السماء السادسة وأعلاها في السماء السابعة ثم علت حتي جاوزت رؤوس حملة العرش. ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: يخرج من أصلها أنهار من ماء آسن, وأنهار من لبن لم يتغير طعمه, وأنهار من خمر لذة للشاربين, وأنهار من عسل مصفي, وإذا هي شجرة يسير الراكب المسرع في ظلها مائة عام لا يقطعها, والورقة منها تغطي الأمة كلها, ويقول تعالي( عندها جنة المأموي) النجم/15, تعريف بوضع الجنة عند سدرة المنتهي, وقيل إنها جنة النبي صلي الله عليه وسلم, وقيل يصير إليها المتقون وأرواح الشهداء, وهي علي قول ابن عباس: علي يمين العرش, وقيل هي جنة المأوي التي أخرج منها آدم عليه السلام, وهي التي تأوي إليها أرواح المؤمنين تحت العرش فينعمون بنعيمها ويتنسمون ريحها الطيب, وقيل: لأن جبريل وميكائيل عليهما السلام يأويان إليها, والله أعلم. كما رأي صلي الله عليه وسلم ثواب المجاهدين والشهداء, وعقاب الكافرين, والزناة والعصاة.. ثم عاد صلي الله عليه وسلم إلي الأرض, فلما أذاع ما رآه كذبه كفار قريش. إلا أن الله تعالي أيده بالقرآن الكريم في( سورة النجم) وكذب المشركين بقول تعالي:( والنجم إذا هوي, ما ضل صاحبكم وما غوي, وما ينطق عن الهوي, إن هو إلا وحي يوحي, علمه شديد القوي, ذو مرة فاستوي, وهو بالأفق الأعلي, ثم دنا فتدلي, فكان قاب قوسين أو أدني, فأوحي إلي عبده ما أوحي, ما كذب الفؤاد ما رأي, أفتمارونه علي ما يري, ولقد رآه نزلة أخري, عند سدرة المنتهي, عندها جنة المأوي, إذ يغشي السدرة ما يغشي, ما زاع البصر وما طغي, لقد رأي من آيات ربه الكبري)( النجم/18/1)