على الرغم من ثورة الشعب المصرى في 25 يناير و30 يونيو، وما أحدثته من مراجعة للسياسات المصرية الخارجية وخاصة مع الكيان الصهيونى والولايات المتحدةالأمريكية ومواجهة مخططاتهما فى تفتيت الوطن من خلال عملاء الأنظمة السابقة، وكما أكد الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية عاموس يادلين فى تصريحاته التى أشار فيها إلى نجاح دولته فى مخطط بدأ عام 1979 يستهدف "تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائما ومنقسمة إلى أكثر من شطر، ولتعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية" وهذا ما أوقفته بقوة ثورة يونيو وحافظت على الوحدة الوطنية واستقلالية الوطن وقراره الوطني، وعلى الرغم من ذلك دخل الصراع العربي - الصهيوني "الإسرائيلي" مرحلة خطيرة واشتدت الضغوط القاهرة على الواقع العربى بأنظمته السياسية التى تم توظيفها وتدجينها فى إطار ما يسمى بالنظام العالمى الجديد لكى تحافظ أول ما تحافظ على رجعيتها وعلى الكيان العنصرى الصهيونى فى فلسطينالمحتلة، وما للرجعية العربية والكيان العنصرى الصهيونى من ارتباط بالنظام العالمى الاستعمارى الغربى الذى يجمعهما معاً فى إطار المصالح الرأسمالية وقد توهمت هذه الأنظمة العربية وهى تلقى بميراث شعوبها - الذى أثقله تهاونها فى عمليات الصراع العربى الصهيونى وراء ظهرها بأنها قد تحررت منه والتحقت بالعالمية الجديدة والكوكبية الحديثة الظافرة وحازت على رضا أقطابها، فإذا بهذه الأنظمة السياسية قد جرت نفسها إلى العمالة وشعوبها إلى براثن السيطرة الغربيةالأمريكية والصهيونية، والتبعية المخزية لها، وبأهداف وطموحات متواضعة، تبرز فى أوهامها المتضخمة السلام مع العدو الصهيوني "الإسرائيلي" وكضرورة أولية لإعلان الاندماج والالتحاق بالعالمية الجديدة، والتى لم تقدم لها شيئاً سوى الخوف المرعب من اهتزاز كراسيها تحت تهديد سطوتها، فإذا بالعالم العربى يقع تحت وطأة الغزو والاحتلال وتصنيع التجزئة بين أبناء الوطن الواحد والتقسيم والتفتيت والتفكيك كمقدمة أولى لإعادة الاستعمار إلى أراضيه ومن ثم تحقيق الأهداف والأطماع الصهيونية فى إقامة "إسرائيل" "الكبري" وتهجير الشعب الفلسطينى بأكمله من أراضيه ونهب الثروات وانتزاع مكتسبات التحرر الوطنى من أيدى الشعوب العربية، وبنفس الدعاوى التى استكانت لها هذه الأنظمة وروجتها وضخمتها فى أوطانها بجنى ثمار السلام والتعاون والشراكة. أصبحت هذه الدعاوى ذاتها ترهب هذه الأنظمة تحت مسميات النموذج الديمقراطى الغربى وواحة الديمقراطية في "إسرائيل" النموذج تارة، ونموذج الديمقراطية الفذ الذى يحققه الأمريكان بجيوشهم ومؤامراتهم - القريبة من عروشهم - فى شتى أنحاء العالم العربى تارة أخري، أو تحت دعاوى حقوق الإنسان والأقليات ومحاربة الإرهاب مرات أخري، فتندفع حركة هذه الأنظمة إلى مزيد من الاستسلام والتبعية والسقوط فى أحضان الحلف الغربى الأمريكى الصهيوني، إلى الدرجة التى صارت فيها هذه الأنظمة كنزا إستراتيجيا بالنسبة لإسرائيل الآن بعد ثورة الشعب المصرى أصبحت هناك فرصة تاريخية لعمل وتنفيذ سياسات وطنية مؤثرة لإيقاف التدهور العربى وإعادة الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطينى وكشف الجرائم العنصرية الصهيونية ومدى اختراقها لأسس القانون الدولى وحقوق الإنسان وإيقاف المؤامرات الغربية التى تستهدف تفكيك العالم العربي.