مشكلات مصر المزمنة تراكمت علي مدي عقود من الفساد والإهمال, والأزمات تضرب كل مناحي الحياة, لكن ظلام الليل حتما يعقبه ضوء النهار, وها قد أشرقت شمس الثورة, الشعب في30 يونيو انتفض واصطف خلف قيادته, لينهي عصور الفساد والمحسوبية والطائفية, ويبدأ عهدا جديدا تنال فيه مصر المرتبة التي تستحقها, أم الدنيا وهتبقي قد الدنيا, فالأمل موجود, قد يطول الوقت قليلا بحكم تراكم المشكلات, ولكن الحل قادم, لا يأس فاليأس خيانة, وروشتة الحل تتضمن تكاتف كل القوي, الحاكم والمحكوم, القادة والجماهير, لكل دور يؤديه, فتنزاح الغمة, وتتلاشي الأزمة. جانب من الحل يتمثل في القيادة السياسية, وهذا الجانب منته ومفروغ منه, فلدينا قائد مخلص لبلده عاشق لترابه متواضع, فهو واحد من الناس, لا يتميز عنهم إلا في بذل الجهد والعرق, وهو ما أكده في لقائه بالعمال في عيدهم, قائلا: المصريين أهلي وناسي, وأنا واحد منكم وفرحان قوي لذلك, ويا رب تحيا مصر ويحيا المصريين, هذا الرجل, بتاريخه العملي الطويل وانتمائه للمؤسسة العريقة المنضبطة, مؤهل لتحقيق إنجاز وراء إنجاز. وعلي مستوي الحكومة, فالمهندس إبراهيم محلب لا يكل ولا يمل, يواصل العمل ليلا ونهارا من أجل المواطن, لكن الجهاز البيروقراطي الذي يدير البلد عليه أن يواكب خطوات القائد ورئيس وزرائه, أما المواطن نفسه, فعليه أن يتحلي بالإيجابية, وأن يقوم بدوره بدعم القيادة السياسية, فجهد الرئيس وحده ورؤيته لا تكفي للنهوض بالبلد, ما لم يستجب له المواطن ورجل الشارع. ولي تجربة شخصية تبين أهمية دور المواطن, فعندما عدت من السويد إلي مصر بعد قيام الثورة, وجدت أن المنطقة التي أسكن فيها علي كورنيش نيل المعادي بها بؤرة تتراكم فيها القمامة, وتمتلئ بالحشرات والقوارض, تعاملت مع الأمر بإيجابية, اتصلت علي الفور برئيس الحي, وجاء عمال النظافة, وبمساعدة الجيران تم تطهير المنطقة, ورشها بالمبيدات لتعود جميلة ونظيفة كأيامها الخوالي, وعندما كان إرهابيو الجماعة يكتبون تعليقاتهم البذيئة المسيئة لمصر وقائدها علي الجدران كنت لا أنام حتي يتم محوها بواسطة الرجال الشرفاء من أبناء الوطن. أكثر ما أسعدني خلال هذه التجربة هو استجابة رئيس حي المعادي, إبراهيم صابر وهو نموذج للمسئول المطلوب لهذه المرحلة, جدية واحترام وإخلاص في التعامل مع مشاكل المحليات المزمنة, تجده في كل مكان بين المواطنين, مكتبه مفتوح لخدمتهم, لا تعالي ولا غطرسة ولا تكبر, يحل مشاكلهم بشكل فوري, وبدون تراخ ولا تقاعس, يلتف حوله مساعدوه من رجال الحي, وكلهم نزاهة وطهارة يد وعشق للعمل بين الناس, ومنهم المهندس خليل صليب مدير عام النظافة, الذي استجاب بكل أريحية, وقاد رجاله لتجميل المنطقة وتطهيرها. وفي حي البساتين, لجأ إلي بعض المواطنين بصفتي الصحفي والوطني, للتظلم من بعض قرارات رئيس الحي, فاتصلت به وحدث سوء تفاهم, فلجأت لنائب المحافظ للمنطقة الجنوبية اللواء السيد نصر, فاستجاب علي الفور واصطحبني إلي الشارع لتحقيق الشكوي, وحضر رئيس الحي وأحد المواطنين الشاكين, وهو الأستاذ حسين فهيم, وفي جو من المودة والتعاون, تم حل المشكلة, باستلهام روح القانون, الذي يهدف لخدمة المواطن وتيسير حياته, وقد وجدت رئيس الحي خدوما متفهما وأزال سوء التفاهم الحاصل. والحق أن مصر تسير في الطريق الصحيح, وهذا ما لمسته بنفسي في جدية وإصرار اللواء نصر علي النزول بنفسه لمتابعة شكاوي المواطنين, وتفانيه وتفهمه لروح القانون بعيدا عن التعقيدات البيروقراطية, فهو الرجل المناسب في المكان المناسب, وأسعدتني الحيوية التي يتميز بها مسئولو الحيين الذين التقيتهم, وعلاقة الود والتفاعل الإيجابي بين المواطن والمسئول, فتحية لهم ولجميع المخلصين, وتحيا مصر.