من واجب وزارة الإسكان والتعمير أن تتخذ كل الإجراءات والإحتياطات اللازمة لضمان سلامة وحياة المواطنين وممتلكاتهم، لذا فقد قامت الوزارة وبعد موجة الكوارث والانهيارات والحرائق التى حدثت فى أواخر تسعينيات القرن الماضى بالعديد من الأبراج السكنية وتسببت فى خسائر بشرية ومادية يصعب تبريرها، قامت بإصدار القرار الوزارى رقم 153 لسنة 1998 متضمنا الكود المصرى لأسس التصميم واشتراطات التنفيذ لحماية المنشآت من الحريق، والذى سرعان ما تم تعديله وأضاف إليه سبل حماية أكثر وأشد بالقرار الوزارى رقم 260 - 1999، والقرار الوزارى رقم 154 -2000، والحق أن هذا الكود قد ورد شاملا كاملاً لكل سبل ووسائل الوقاية والإنقاذ من الكوارث والحرائق، سواء بتقليل احتمالات حدوثها إبتداءاً، ثم التعامل معها بصورة تقلل من الخسائر وتحافظ قدر الإمكان على سلامة الأرواح والممتلكات. رغم كل ذلك فإن هذا الكود الشهير يبدو أنه قد سن على عجل وتحت ضغط ونتيجة لإنفعال الرأى العام الجارف وقتئذ كإنعكاس لتكرار حدوث تلك الكوارث، ليعمل على الإقلال منها بأى صورة .. وبالتوازى إلقاء عبء المسئولية عن حدوثها من على عائق الحكومة وتحميله كلية لملاك تلك العقارات والمقاولين والمهندسين المشرفين على التصميم والتنفيذ مجتمعين معاً، وعلى ما يبدو فإن هذا كان هو هم واضعى تلك القرارات الوحيد دون مراعاة لآى إعتبار آخر، فجاء وقد حوى اشتراط توافر كل الوسائل والسبل التى تقى المواطن من كل الأخطار التى يمكن أو لا يمكن تصور حدوثها، ودون أن يأخذ فى الإعتبار التوفيق والإتساق مع الإعتبارات التى لا بد أن تراعى عند وضع مثل ذلك الكود وحتى لا يؤثر وجوده على حركة العمران، من حيث النفقات التى يجب أن تحمل على تكلفة المبنى لضمان سلامته بالاتساق مع معدل تكرار حدوث ذلك الخطر ومقدار شدته، وأيضاً مكان توجد المبنى المراد إنشائه وبعده من أقرب مركز قد يكون موجوداً للدفاع المدنى والإطفاء، وحالة الازدحام العمرانى والجماهيرى بالمنطقة، والطرق واتساعها وسيولة الحركة عليها والموصلة إليها من مركز الإطفاء، كذا المساحة المربعة لأرض المبني وارتفاعه والطريقة والإسلوب والتقنية المستخدمة فى البناء، فوحد هذا الكود بين كل المبانى بغض النظر عن اختلافها فيما سبق الإشارة إليه، فقد اشترط ذلك الكود مثلاً حتمية وجود سلم مستقل بمدخل مستقل بكل مبنى ويكون هذا السلم من الخرسانة المسلحة يخصص للهروب فى حالة حدوث كارثة، كذا مصعد كهربائى يتغذى بمصدر كهربائى مستقل بتهوية مستقلة لا يستخدمه غير رجال المطافي، وضرورة توافر خزان مياه أعلى العمارة يتسع لمياه قدرها 350م3 مياه فضلاً عن حتمية توافر مضخة حريق وخرطوم للمياه بكل دور يغذى من مصدر مياه مستقل بالعمارة، ومولد كهرباء عالى الطاقة يستخدم فقط عند حدوث الكارثة. إلخ، يجب أن يتوافر كل ذلك لأى مبنى حتى ولو أقيم على أرض مربعها الإجمالى 200م2، (فلنتخيل ماذا يتبقى منها بعد أن يتم استقطاع عدد 2 سلم فضلاً عن عدد 2 مصعد كهربائى بالإضافة للمناور اللازمة للتهوية والإضاءة، وحتى لو كان عدد الوحدات السكنية بالعمارة عشرة شقق يمكن إنزالهم جميعاً فى حالة الضرورة فى أقل من خمس دقائق، وحتى لو كان جملة طوابق هذا المبنى أكثر قليلاً من سبع طوابق).