أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي حرصه علي الحفاظ علي أمن مصر لأن انهيارها سيدفع المنطقة كلها إلي الهاوية كما أنه سيؤثر علي أوروبا كما أكد تمكسه بالديمقراطية واستعداد المصريين لممارستها. وقال الرئيس السيسي في تصريحات- الي كاسيميرو جارسيا أباديو مدير صحيفة( إلموندو) وهو أول حديث يدلي به الي صحيفة أسبانية وذلك بمناسبة زيارته الي مدريد اليوم- إن الناس في العالم كله يتمتعون بحق الانتخاب, والعرب ليسوا استثناء في ذلك. وأوضح الرئيس أن مصر أقرب ماتكون الان الي الديمقراطية لأن هناك ارادة سياسية لاحترام ارادة المواطنين,مشيرا الي حبه واحترامه لشعبه...مشددا علي أن المصريين استردوا إرادتهم في ثورة25 يناير وانتخبوا محمد مرسي ولكنهم أدركوا الخطر وأرادوا التخلص من حكمه, وهم يستطيعون أن يفعلوا ذلك مع السيسي اذا أرادوا. وقال لو لم أتدخل لوقعت حرب أهلية بين غالبية الشعب وبين الأقلية التي كانت تؤيد مرسي. لقد كانت لدينا خريطة طريق واضحة حيث كنا نريد تعديل الدستور وتصحيح مسار العملية السياسية ولكن هؤلاء آثروا اللجوء الي العنف. وردا علي سؤال عمن يقف وراء مايسمي بتنظيم الدولة الاسلامية, قال الرئيس السيسي: إن الجماعات الارهابية تتلقي مساعدات بزعم انشاء دولة ونظام, وينسي هؤلاء أن العالم قد تغير وأن الاسلام ليس بمنأي عن هذا التغيير.. وهذا التنظيم يستخدم الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسية والذين يدعمون هذا التنظيم لايدركون خطورة ما يفعلون. وأضاف قائلا: علينا أن نقف صفا واحدا لمواجهة هذا الواقع لأنه يؤثر علي منطقة البحر المتوسط وعلي أوروبا وعلي العالم أجمع. وحذر الرئيس من اتساع خريطة الارهاب, مشيرا الي أن الجهود العسكرية والاقتصادية لمواجهة هذه الظاهرة غير كافية لأنه يتعين بذل جهد في الخطاب الديني أيضا. وردا علي سؤال عن الإرهاب في سيناء وعدد الجهاديين هناك وما قيل عن وجود أعضاء من تنظيم الدولة الاسلامية... قال الرئيس السيسي ليس هناك أعضاء من تنظيم الدولة الاسلامية في أراضينا. ونحن نعمل لحماية الابرياء والمدنيين. ولديكم صورة مغلوطة عن الوضع في سيناء. صحيح أن هناك ارهابا ولكن في منطقة محدودة في شمال سيناء متاخمة لقطاع غزة ولا تزيد مساحتها علي40 كم2 أو50 كم2, مع ملاحظة أن مساحة سيناء تزيد علي60 ألف كيلو متر مربع, ودليل ذلك أننا عقدنا القمة العربية الاخيرة في شرم الشيخ في جنوبسيناء. وأضاف أن الجيش في سيناء لحماية المواطنين, مشيرا الي أن الولاياتالمتحدة مكثت في أفغانستان عشر سنوات وظلت قواتها في العراق من عام2003 حتي عام2010, ومع هذا فمازالت ترتكب أعمال ارهابية هناك. أضف الي ذلك مايحدث في نيجيريا وماتفعله جماعة بوكوحرام. وفيما يتعلق بعدد الجنود المتمركزين في سيناء.... قال الرئيس السيسي: ليس انتشارا كبيرا, ولكنه عدد كاف للتصدي للارهابيين. كما أن لدينا مشكلات في منطقة الحدود الغربية بالاضافة الي وجود بعض العناصر الارهابية داخل البلاد, ويتعين ألا نسمح لهم بالقيام بدعاية عن تكوينهم دولة وتصوير واقع وهمي لاعلاقة له بالواقع. وفيما يختص بالعلاقة بين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية والاخوان المسلمين واعتبارهم شيئا واحدا, قال الرئيس السيسي ليس المهم هو الاسماء, ولكن الذي يجمع بينهم جميعا حتي ولو اختلفوا هو أن لديهم أفكارا تحرض علي العنف. وردا علي سؤال عن تعامل الدول الاوروبية مع الاخوان المسلمين حيث أن لهم مكتبا يعمل في لندن, قال السيسي أري أن الاوروبيين يتصرفون في ظل عوامل كثيرة وربما كانوا في حاجة الي مزيد من الوقت لفهم حقيقة مايحدث في مصر. فهناك في الدول الاوروبية جاليات اسلامية وبعض أفرادها يتعاطفون مع الاخوان المسلمين. والامن أولوية لدي هذه الدول ولهذا فانني أتفهم موقفهم تماما( تجاه الاخوان). وأكد السيسي أهمية الحفاظ علي أمن مصرو استطرد قائلا ولكن اذا انهارت هذه الدولة فإن المنطقة ستسقط في الهاوية, كما أن أوروبا سوف يصيبها ضرر رهيب. فمصر ليست العراق أو سوريا أو اليمن وهي دول يصل عدد سكان كل منها الي نحو20 مليون نسمة, بينما يصل عدد السكان عندنا الي90 مليون نسمة. وسئل الرئيس السيسي عما اذا كان نادما علي شيء ما, فقال بعد أن تمهل انني أفعل كل ما في وسعي لحماية المصريين. وأحاول جاهدا ألا أصل إلي أوضاع تجعلني أندم عليها. والواقع أنني اتصرف باتزان في الوقت الذي يطلب فيه الرأي العام مني أن أفعل المزيد. ويتضح ذلك في رد فعلنا علي قتل الرعايا المصريين من الاقباط في ليبيا( في منتصف فبراير الماضي) حيث كان رد فعلنا محسوبا ومتوازنا ولكن المصريين كانوا يطلبون منا أكثر من ذلك. وفيما يتعلق بدعوته الي تغيير الخطاب الديني للمساهمة في مكافحة الارهاب, قال الرئيس السيسي إن الثورة التي أدعو إليها هي لصالح الاسلام, ولكن الافكار يجب أن تتغير, ولا بد من التوفيق بين تطور الفكر الديني وبين واقع المجتمع, وعلينا أن نقوم باحداث تغيير في الفكر لأن هناك أفكارا محافظة جدا تدفعنا الي الصدام, وذلك مثل فكرة الخلافة. وأضاف أن الخلافة كانت حاكمة في عصرها. ولكن الانسانية طورت منذ ذلك الحين نظما جديدة للانتخاب. ومن الواضح أن الخلافة التقليدية لاتناسب العصر الجديد. وفيما يتعلق بمسألة الفصل بين الدين والدولة, قال السيسي إن الناس يعتقدون أن الدولة العلمانية دولة معادية للدين. وأما الذي أدعو اليه فهو أن الدين يجب أن يكون ديناميكيا وهذا لم يحدث وذلك هو السبب الرئيسي لما يحدث من مشكلات في منطقتنا. واستطرد السيسي: يتعين علينا نحن المسلمون أن نقف وقفة تأمل وتدبر في موضوع العلاقة بين الدين والدولة. واذا نظرنا الي وضع غالبية الدول الاسلامية فسوف نري أنها تواجه نفس المشكلة. فالدين الحق لايمنع أبدا تطور الانسان ولا يبيح الارهاب. ان الدين في حقيقته حياة لا تخريب ودمار. وردا علي سؤال عما اذا كان يمكن لمصر أن تستعيد الاستقرار دون استيعاب مجموعة المتعاطفين مع الاسلام السياسي, قال السيسي إن الزمن سيثبت لهؤلاء المتعاطفين مع الاخوان المسلمين أن التعايش أمر ممكن. ونحن لن نخوض صراعا مع الناس بسبب أفكارهم ولكن عليهم أن يعلموا أننا لانشاركهم في هذه الافكار. واذا أرادوا التصويت للدفاع عن تصوراتهم فان في وسعهم أن يفعلوا ذلك ولكن دون فرض تصوراتهم علي الاخرين, وعليهم قبول العملية السياسية وانتقال السلطة وحرية الاختيار. وهم لم يفعلوا ذلك حتي الان ولكنهم بدأوا يدركون. وأضاف أن الشعب غاضب من الاخوان المسلمين وهذا أمر واضح في الشارع المصري, والناس يرون أنني أكثر انفتاحا ويطلبون مني أن أكون أعنف مع الاخوان المسلمين ولكنني احتكم الي أداة واحدة وهي القانون والدولة. ولا يمكن استخدام العنف إلا مع الذين يلجئون الي العنف. وردا علي سؤال عن لجوء الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الي العنف في التعامل مع الاخوان المسلمين وعدم نجاحه في استئصال قاعدتهم الاجتماعية وعما اذا كان يتم الان تنفيذ خطة مماثلة معهم, قال السيسي إن ماحدث يستحق نظرة فاحصة وواعية. فقد تعامل عبدالناصر معهم بعنف ولم يترك لهم خيارا. وأما مبارك فقد لجأ الي أسلوب ينطوي علي المصالحة وسمح لهم بالقيام بدور سياسي. ولهذا فقد كان هناك تأييد شعبي للاخوان المسلمين. ولكن المشهد تغير الآن لأن الشعب هو الذي رفضهم وهذا تغيير استراتيجي في العالم الاسلامي. فقد أدرك الناس أن الاسلام يستخدم كأداة للسيطرة علي الدولة. وأنا أقول ذلك وأنا مسلم. ومن ناحية أخري رفض الرئيس عبدالفتاح السيسي بصورة قاطعة الحديث عن أقباط مصر وكأنهم أقلية حيث قال أود أن أوضح أمرا أساسيا وهو أن مصر ليس فيها أقلية مسيحية. فتعبير( الأقلية) لايستخدم في مجتمعنا للاشارة الي أقلية عددية وذلك لأنه ينطوي علي لون من التفرقة والتمييز ضد أناس يؤمنون بدين معين أو ينتمون الي عرق معين. ولهذا فانني أقول ان المسيحيين مواطنون مصريون لهم جميع الحقوق وعليهم جميع الواجبات تجاه الوطن. وأضاف أن مصر الجديدة تريد أن تبعث برسالة الي الانسانية تؤكد فيها احترام قيم المشاركة والعدل والتعاون والتسامح مع الاخرين. فهذه قيم دعا اليها ونص عليها الاسلام. واذا كان عدد كبير من الاقباط قد هاجروا منذ عامين فان سبب ذلك يرجع الي أن النظام الحاكم حينئذ كانت لديه اتجاهات متطرفة وعنيفة ولم يكن يعترف بالحوار كجسر للتفاهم, ولم يكن يتقبل الاخر بل كان يدخل في صدام مع الذين لايشاركونه في فكره الايديولوجي أو مع الذين لاينتسبون الي الاسلام. واعتقد أن جميع المصريين- مسيحيين- ومسلمين- عانوا من الجوانب السلبية الناجمة عن هذا الفكر. وفيما يختص بموضوع بناء الكنائس, قال السيسي: وأما فيما يتعلق ببناء دور العبادة فإن ذلك أمر ينظمه قانون يجري بحث مشروعه الان لتنظيم بناء المساجد والكنائس علي حد سواء. والدولة تري أن مشروع هذا القانون ينطوي علي بعد ديني مهم وهو أمر يتطلب نقاشا برلمانيا حتي يتسني اعتماده بصورة نهائية. وعما اذا كان يساوره القلق من تزايد النفوذ الإيراني في المنطقة بعد التوصل الي اتفاق مع الغرب حول ملفها النووي, قال السيسي: أقول ان ذلك يمكن أن يزيد بالفعل من نفوذ ايران في المنطقة وأن يؤثر علي الامن العربي. وردا علي سؤال عما اذا كانت مصر تشاطر اسرائيل الشعور بالقلق ازاء احتمال الغاء العقوبات المفروضة علي ايران, واكتفي السيسي بالقول: انني أشعر بالقلق علي الامن في المنطقة. ولدينا مايكفي من المشكلات ولسنا بحاجة الي اختلاق مشكلات جديدة. وسئل الرئيس السيسي عما اذا كان خطر الارهاب سوف يزداد أذا ترك الحكم, فقال: علينا أن ننحي الحديث عن شخصي جانبا ولنتحدث عن الدولة المصرية التي يتعين دعمها وليس دعم السيسي. يجب أن ندعم مصر ثقافيا وسياسيا واقتصاديا. وردا علي سؤال عما اذا كان تهديد الارهاب لأوروبا يمكن أن يزداد اذا حكم الاخوان المسلمون, قال السيسي: إن الخطر سيكون أكبر مما يمكن تصوره اذا عاد الاخوان المسلمون الي حكم مصر لأن ليبيا وسوريا ومالي وتشاد وليبيا واثيوبيا وشبه الجزيرة العربية سوف يجتاحها التيار. فالحرب ضد جماعات مسلحة مثلما نفعل نحن تختلف كثيرا عن الحرب ضد جيوش نظامية. وفي ختام حديثه الي صحيفة إلموندو الأسبانية تحدث الرئيس السيسي عما يتطلع اليه من زيارته لأسبانيا قائلا: نحن نتحدث عن منطقة البحر المتوسط الذي نعيش علي ضفتيه الجنوبية والشمالية رغم اختلاف ثقافاتنا. ونحن نريد لأسبانيا أن تكون جسرا إلي أوروبا, ويجب أن يكون هناك تفاهم متبادل وتعاون اقتصادي أكبر فلدينا سوق تعيش فيه90 مليون نسمة كما أننا يمكن أن نكون بوابة الي إفريقيا. وأضاف قائلا: كما أننا في حاجة الي مزيد من التعاون في مجالات التعليم والثقافة, ونتطلع الي مزيد من الاستثمارات الاسبانية في مصر.