في المسافة بين البنوك وعملائها يسكن المستريح وأمثاله يفكرون.. يخادعون.. يمثلون.. يتلاعبون ب أطماع الضحايا في الثراء السريع بعيدا عن فائدة البنوك وهمومها. عدد عملاء البنوك في المحروسة لا يتعدي10 ملايين عميل, ولا يتجاوز12% من عدد السكان, وهو رقم صادم, إذ أن طموحات المصرفيين تتطلع إلي ما30 و40 مليون مواطن, ليبقي الوضع علي ما هو عليه.. بنوك تنتظر وتترقب عملائها, وجهات أخري تتسول هؤلاء العملاء, وما بين الترقب والتسول يجد المستريح وأمثاله التربة المناسبة, والأجواء الملائمة للإيقاع بالمزيد من الضحايا. وفي كل الأحوال تظل قيود كثيرة أمام عملاء البنوك, وتظل المخاطرة البوابة الرسمية للأنماط الأخري من الادخار, وتتحول كل الطرق إلي مسار واحد وموحد وإجباري نحو المستريح وأمثاله من المتهمين بالنصب. أكد الدكتور عبد الرحمن عليان الخبير الاقتصادي ان ثقافة المجتمع إضافة إلي الرغبة في تحقيق الكسب السريع وراء ظهور أمثال المستريح ومن هم علي شاكلته, لافتا إلي أن سلوكيات معظم من يجرون وراء تحقيق المكسب السريع هو عدم تحملهم المسئولية وعدم وجود رغبة لديهم في العمل والانتاج وبذل الجهد.وأضاف أنه علي الرغم من وجود تجارب سابقة في شركات توظيف الاموال مثل الريان والسعد وغيرهما, إلا أن الكثيرين لا يتعظون من هذه التجارب, وما أن يظهر شخص جديد يغريهم بنسبة العائد الكبيرة علي اموالهم والتي بالطبع لا توجد في البنوك او مكاتب البريد, فأنهم سرعان ما ينجذبون اليه بغض النظر عن درجة المخاطرة العالية من وراء ذلك, وفي النهاية تكون النتيجة هي خسارتهم كل ما يملكون. وأشار إلي أن السياسات المالية التي يضعها البنك المركزي للبنوك لا تسمح بإعطاء فوائد اكثر من9%, حتي يتسني لهذه البنوك تحقيق هامش ربح هي الاخري تستطيع من خلاله الوفاء بالتزاماتها تجاه العاملين لديها والاستمرار في المشروعات التي تقوم بها. وفيما يتعلق بمكاتب البريد والتي تنتشر في مختلف محافظات الجمهورية, اوضح الدكتور عبد الرحمن عليان ان هذه المكاتب ايضا لا يلجأ اليها الا القليل من الأشخاص ممن هم علي درجة من الثقافة والوعي, ويعلمون انها تعتبر ملاذا آمنا لأموالهم, ولا توجد بها درجة مخاطرة. وعما اذا كانت الحكومة لديها من المشروعات ما تستطيع به ان تجتذب هذه الاموال, خاصة في ظل وجود العديد من المصانع المعطلة, لفت الي ان هذا الاقتراح ايضا به قدر من الصعوبة نظرا لأن العائد الذي ستعطيه الحكومة لن يتجاوز ما تعطيه البنوك إلا بقدر ضئيل, بالإضافة إلي عدم وجود ما يضمن ان تحقق الدولة ارباح من وراء اعادة تشغيل هذه المصانع مرة اخري. ومن جانبه اكد الدكتور صلاح جودة الخبير الاقتصادي اننا نستخلص من هذا الموضوع عدم وجود ثقة بين المواطنين والجهاز المصرفي مما يجعلهم يلجأون الي امثال المستريح طمعا في الحصول علي ربح سريع. واضاف ان هذا الموضوع ايضا بين لنا ان الصعيد ليس فقيرا كما يشاع, حيث تم جمع مبلغ مليار جنيه من محافظة قنا في عام واحد فقط. واشار الي ان الطمع لدي الكثير من الناس هو سبب إعطاء المستريح كل هذه الأموال, وذلك للحصول علي العائد الكبير الذي وعدهم به وهو10% شهريا, مؤكدا علي ان الجهاز المصرفي لم يبذل أي مجهود للوصول الي هؤلاء العملاء البعيدين عنه ومحاولة جذبهم إليه, بالاضافة الي عدم قيام مسئولي الجهاز المصرفي ومسئولي الحكومة بإيجاد الأوعية الإدخارية المناسبة لتجميع هذه الأموال. وأوضح أن الكسل وعدم الرغبه في العمل اصبح هما الثقافه السائده حاليا في الشعب المصري, بجانب وجود نوع من الخوف الدائم لدي البعض من التعامل مع البنوك والجهاز المصرفي, مشيرا الي ضرورة العمل علي تغيير هذه الثقافه بقوه القانون. وأكد د. صلاح جودة ضرورة أن يتم إجبار الكل علي التعامل مع الجهاز المصرفي, وذلك من خلال صرف جميع المرتبات والمعاشات والمكافآت عن طريق البنوك, وكذلك عدم سداد مصروفات او رسوم وما شابه الا من خلال الفيزا كارت. وقال إنه فيما يتعلق بالحلول التي تستطيع الدولة ان تقدمها للقضاء علي هذه الظاهرة, هو ان يتم الإعلان عن مجموعة من المشروعات الكبري والتي تقوم بها الحكومة كمشرف ومنسق عام, كأنشاء شركة قابضة رأسمالها لا يقل عن10 مليارات جنيه وهذه الشركة تقوم بإعادة الهيكلة المالية لجميع شركات القطاع العام وقطاع الأعمال المتوقفة والبالغ عددها85 شركة تقريبا, وذلك حتي تعود للعمل مرة أخري خلال90 يوما علي الاكثر, وذلك للقيام بمشروعات مثل جمع القمامه والمخلفات وإعادة تدويرها مرة اخري, بالاضافة الي الدخول في مشروع إستصلاح المليون فدان وغيرها من المشروعات التي تستطيع الدولة القيام بها.