مثلما يتدفق ماء النيل بقوة وغزارة خلال الفيضان تدفقت الكلمات سريعة علي لسان وزير الدولة الأوغندي للرياضة والتعليم تشارلز باكابليندي الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لنقابة عمال الصناعات الغذائية والمشروبات في أوغندا وعضو المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات عمال الزراعة والري والصيد والأنشطة المرتبطة بدول حوض نهر النيل, والذي جاء الي مصر علي رأس وفد بلاده المشارك في دورة حوض النيل الرياضية التي يرعاها الأهرام المسائي. في البداية أكد المسئول الأوغندي الذي يزور مصر لرابع مرة أن مصر هي الأخت الكبري لكل الدول الافريقية ومنها أوغندا, مشيرا الي ارتباطه الشخصي بها وادراكه لأهميتها القصوي لبلاده بدرجة لاتقل كثيرا عن أهمية أوغندا بالنسبة لمصر. وحول الدورة الرياضية والعلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون السياسي والاقتصادي والتعليمي والاعلامي والزراعي والمائي دار هذا الحوار: ** ما هو تقييمكم لدورة حوض النيل الرياضية؟ - من الصعب تقييمها بصورة نهائية- فهي مجرد بداية- ولكنها بداية طيبة علي كل حال, ومن وجهة نظري الشخصية هي مبادرة رائعة يمكن من خلالها أن تبدأ مصر وأوغندا وباقي دول حوض النيل رحلة التكامل بينهم, والمسئولون الأفارقة من دول الحوض يعلمون جيدا أن هذه الدورة الرياضية قد تم التنسيق لاقامتها علي أعلي المستويات الحكومية بل وعلي مستوي القادة فعندما تستخدم كرة القدم كأداة لتعبئة الجهود والوحدة علي مستوي المجتمع الواحد فهي تحقق نجاحا كبيرا, وعندما تستخدم للتوحيد بين شعوب دول حوض النيل فهي تحقق النجاح نفسه, وهي من وجهة النظر تلك تعد بمثابة بناء مؤسسة جديدة لعلاقاتنا معا لأنها في حالة استخدام الرياضة لايصبح الأمر مقصورا فقط علي المسئولين بل يتجاوزهم للشعوب نفسها. فالشباب الذين يمثلون المستقبل- والذين سيحملون المسئولية كقيادات الغد القريب لابد أن يدركوا أننا اخوة واخوات, ونحن نشارك في هذه الفاعليات لكي نجعلهم معا. ودائما.. كرة القدم هي الخيار الأفضل في مثل هذه الظروف ولتحقيق هذه الأهداف. ** أنت تؤمن اذن أن الرياضة تصلح لأن تكون قاطرة لتوحيد شعوبنا في باقي المجالات الحيوية والاستراتيجية؟! - اؤمن تماما بذلك, وقد اتفقنا جميعا- وزراء دول حوض النيل للشباب والرياضة- خلال لقائنا مع رئيس الوزراء د. أحمد نظيف علي أن الدورة الرياضية تمثل مبادرة رائعة ومتقدمة, ولاينبغي أن تقتصر فقط علي كرة القدم وانما لابد أن تشمل باقي الرياضات حتي نستطيع تحقيق ما نصبو اليه. ولكي نعزز جهودنا داخل ربوع دول حوض النيل ينبغي علينا أن نجعل الدورة بالدور.. أي يتم تنظيمها في كل دول الحوض بالتتابع, فنحن سفراء لباقي الدول الاخري. وعندما ينخرط الكثيرون في مثل هذه الأنشطة تصبح كل المفاهيم واضحة لدي كل الأفراد. وأعتقد أن هذه الدورة هي مجرد بداية وتعد نواة لتضامن أوسع وأكثر قوة علي مستوي الدول الافريقية التي لابد وأن تبدو قوة موحدة وصخرة صلبة صامدة امام كل الظروف المناوئة. ** هل نجحت الدورة- في تقديركم- في تحقيق جانب من هذه السياسة الطموحة؟! - أقول بكل فخر وقبل أن تنتهي أعمال الدورة- أننا نجحنا في انجاز ما نصبو اليه, فما نريده منها ليس مجرد تحقيق انتصارات علي الفرق الرياضية ولكن الانتصار الحقيقي يتمثل في الوصول الي مرحلة التعاون المشترك والتعايش الكامل, وهذا ما دفعنا للاتفاق علي اجتماع كل اللاعبين معا من كل دول الحوض, وقبل إن تغادر الفرق عائدة الي بلادها, الي أن يأكلوا معا ويتبادلون الأحاديث والنكات لكي يصبحوا اخوة بالفعل لا بالقول فقط. لأنهم في نهاية الأمر لن يكونوا مجرد لاعبين ولكنهم سفراء لدولهم, ولهذا جئنا الي القاهرة.وأظن أننا وباقي الوفود قد تحققت لدينا هذه الفكرة ووصلنا الي هذا المفهوم وأنا بصفتي عضوا بالمجلس التنفيذي لاتحاد أبناء النيل الذي يرأسه المهندس محمد عبد الحليم, عضو مجلس الشوري المصري, ورئيس النقابة العامة للزراعة وأمين العمال بالحزب الوطني الديمقراطي, اؤكد أن هذه الفكرة بادر بها المهندس محمد عبد الحليم منذ وقت طويل, أما نحن فمن جانبنا قطعنا شوطا بعيدا في هذا المضمار. ومن ناحية أخري فقد قمنا في أوغندا بمشروع كبير لزراعة الأشجار علي شواطئ النيل لحمايته في دول الحوض. ** هل هناك خطورة ما علي دولنا( في حوض النيل) من المخططات والمؤامرات الدولية؟!. - أنت كمواطن افريقي عليك أن تدرك وتعترف بأنه عندما تتوحد افريقيا مع بعضها البعض, وعندما نتفق نحن كمسئولين وشعوب علي شيء يوحدنا ويجعلنا اخوة, فلن تجدي معنا كل المحاولات لتفريقنا ولو بذلوا فيها قصاري جهدهم, لأننا نستخدم كل المفاهيم التي توحدنا معا. ** بما تفسر عرض الولاياتالمتحدةالامريكية حوافز كبيرة علي السودانيين الجنوبيين بشرط تحقق انفصال الجنوب عن شماله؟! - لست امريكيا لكي أفكر بطريقتهم وأعرف ما يحاولون تحقيقه, وليس لدي تعليق علي هذه القصة لا أعرف كيف يفكرون.. أنا أفكر فقط كافريقي, وأن لا أعرف الأسباب التي تدعو للانفصال.. ولا ما يدعو امريكا للاهتمام به, كما لا أفهم الآليات الموجودة داخل الحكومة السودانية فهذا شأن اراقبه ولا أريد التعليق عليه. ** حدثني اذن عن آفاق التعاون المشترك بين بلدينا( مصر وأوغندا) من زاوية المصالح المشتركة للبلدين. أوغندا بلد مفتوح لرجال الأعمال والمستثمرين المصريين, والرئيس الأوغندي يوري موسيفيني شخصيا يرحب بهم, ولدينا حوافز كثيرة لتشجيعهم علي الاستثمار لدينا ابتداء بالاعفاءات الضريبية لمدة عشر سنوات وآلاف الأفدنة الصالحة للزراعة والكهرباء الرخيصة والمياه. فنحن ليس لدينا مصنع واحد للسكر ونحتاج للمستثمرين المصريين لاقامة مصانع للسكر ولغيره من المنتجات الاستراتيجية المهمة لكلا البلدين. وأود أن أؤكد أن مصر أسهمت من خلال شركة الكراكات المصرية في حل مشكلة كبيرة لدينا وهي مشكلة ورد النيل التي كانت تمثل عائقا كبيرا امام تدفق مياه النيل والصيادين الأوغنديين, وعندما قامت شركة الكراكات المصرية بتطهير المجاري المائية من ورد النيل سمحت للمياه للتدفق بسرعة مما أسهم في حماية الثروة السمكية التي كانت التماسيح تلتهمها, وقلل من وجود التماسيح التي تفضل البقاء في المياه الراكدة بعدما تدفقت المياه سريعة, وخلص بعض الجزر من آلاف الثعابين التي كانت ترتع في مياه ورد النيل مما اسهم بشكل كبير في الحفاظ علي ثروتنا السمكية, لاسيما وأن الصيادين الأوغنديين يستخدمون شباكا واسعة لتجمع الأسماك الصغيرة, وبذلك تحافظ علي الزريعة لضمان وجود اسماك كبيرة طوال الوقت. ورغم أهمية الدورات الرياضية للتقريب بين الشعوب وتكريس احساس الأخوة بينهما إلا أن حاجتنا للمستثمرين الجادين أكثر. كما أننا نحتاج الي اقامة الكثير من المصانع لتلبية احتياجاتنا من السلع المعمرة والملابس وغيرها. ** حدثني عن عوائق الاستثمار في أوغندا. - ليس لدينا أية عوائق من أي نوع, علينا فقط أن نبدأ.. وأود في هذا الاطار أن اؤكد أن هناك فرص عمل جيدة للعمالة المصرية.. فالظروف في أوغندا مشجعة علي البقاء, فهناك الكثيرون الذين جاءوا للعمل في بلادنا وتزوجوا اوغنديات واستقروا تماما, لأن القوانين عندنا بسيطة جدا والحياه تغري بالاستمرار والبقاء.