لابد من التخلي عن العناد بعض الوقت ونعترف في تواضع أننا مازلنا في دور التمرن.. يحالفنا النجاح حينا.. ويصيبنا الفشل أحيانا كثيرة.. رغم أننا نفعل أفضل ما في وسعنا.. ثمة أشياء نشعر بها.. لكننا نعجز عن الافصاح عنها.. وتفشل قدرتنا علي التعبير والكلام.. غالبا ما تكون هذه الأشياء متجسدة في حبنا لشخص بعينه. خاصة عندما يطمئنك وجوده فيرسخ خطواتك.. ويحيل حياتك إلي بساتين مبهجة ممزوجة بالخوف والقلق من أشياء نتخيلها في الأغلب لا وجود لها.. لكنها تظل حاضرة دائما في مخيلتنا.. نجحت في تحويل رداراته نحوها.. وسفر عيونه في ملامحها التي اختصرت كثير من النساء في جمالها ورقتها وعذوبتها.. تصيدته وأحرقته علي مشواة الانتظار وسفود الصعدود حتي تزوجها وأثمر زواجهما عن طفلة لا تقل جمالها عن أمها.. قصص الأصدقاء والأقرباء وفشل الكثير من الزيجات.. أشعره بالخوف من انتظار طاريء أكثر إيلاما من وقوعه.. أحرقته الغيرة والخوف والشك.. وهي الجميلة الساحرة الماكرة والباهرة الزاهرة.. وراح يتساءل لماذا هذه المآسي والشقاوات والكسور والانهيارات؟ نظر إلي من حوله بعيون تكحلها الدهشة.. ماذا تفعل وحدها..؟ الطفلة في مدرستها وهو مشغول في عمله.. في مرات عديدة راقب هاتفها خلسة.. ولم يجد شيئا يبعث علي الريبة.. ورغم حرارة الجو.. إلا أن الصقيع اللاذع تسلل بداخله حتي أحس بالتيبس والاعياء يطبقان علي قلبه.. منعها من زيارة أسرتها وحدها.. كان يصحبها والطفلة في زيارات متباعدة.. مما أغضب الزوجة التي كانت تلح في رؤية أمها المريضة والموشكة علي الموت.. خاصة وهي الابنة الوحيدة.. تتوسل إليه بدمعاتها أن تري أمها ساعة واحدة كل يوم وبيت الأسرة ليس ببعيد.. الخوف من الفشل يترصد كل رغبة ليخنقها قبل أن تولد.. لم يعد يفكر في أمرين إلا ويجدها بينهما.. الحب هو جزء من وجود الرجل لكنه كل وجود المرأة.. تحبه كثيرا جدا وتحب أمها أيضا.. تداهمنا الأحزان التي كثيرا ما نشارك في صناعتها وتذكيتها.. الغيرة مطلوبة لكن ليس إلي حد الشك المريب والمدمر.. الذي جعله يهاتفها كل يوم.. وحتي يتأكد من وجودها في المنزل يطلب منها أن تسمعه صوت الخلاط في المطبخ والمميز بصوته الجهوري غير العادي عند بداية تشغيله.. يوميا يهاتفها وتسمعه صوت الخلاط.. هل كلما ازداد حبنا تضاعف خوفنا.. شعر بالتعب والاعياء في العمل.. فاستأذن في اجازة نصف يوم.. لم يجد الزوجة في البيت.. وسأل الطفلة التي كانت تكتب دروسها عن والدتها.. فأجابته: ذهبت إلي جدتي زي كل يوم.. وأخذت الخلاط معاها. محمد محمود غدية