تعرف على القطاعات الأكثر مساهمة في النمو الاقتصادي 2024/2025 | إنفوجراف    إزالة 9 تعديات على الأراضي الزراعية خلال حملات في أرمنت بالأقصر    ترامب: عدم حصولي على جائزة نوبل سيكون إهانة كبيرة للولايات المتحدة    «الأوروبي للدراسات»: أوروبا وروسيا على حافة مواجهة مباشرة مع تصاعد الخروقات    «عدنا أمة غنية».. ترامب: عدم حصولي على نوبل إهانة للولايات المتحدة (تفاصيل)    عرضوا حياتهم للخطر.. «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو استعراض قائدى سيارات بمركباتهم بأسيوط    أجواء خريفية وأمطار رعدية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الأربعاء    المتحف المصري الكبير يحتفي بفعالية يوم الهوية في نسختها الثالثة    وفاء حامد: أسعار النفط إلى قفزة كبيرة... وأحداث غامضة تربك العالم    تشكيل توتنهام هوتسبير الرسمي لمواجهة بودو جليمت    مستقبل وطن: ننقل آمال ورغبات المواطنين ونساهم فى المساعدة فى حل مشاكلهم    "الرفات الأخير".. حكاية مصرى من وادى القمر".. قريبًا على قناة "الوثائقية"    وزير الزراعة للقناة الأولى عن العلاقة مع جهاز مستقبل مصر والقطاع الخاص    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    الزمالك يكشف إصابة المهاجم عدي الدباغ    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    المايسترو محمد الموجي يتولى إدارة مهرجان الموسيقى العربية بعد اعتذار تامر غنيم    وزير الإسكان يُعلن بدء تسليم وحدات مشروع "ڤالي تاورز إيست" بالعبور الجديدة ضمن مبادرة "بيتك في مصر"    أيمن عبدالعزيز: الزمالك لعب أمام الأهلي 80 دقيقة بلا مدرب    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    زينة أشرف عبد الباقى: أشعر بتوتر كبير فى العمل مع والدى    محافظ الغربية يتفقد الوحدة الصحية ومركز الغسيل الكلوى والحضانات بقرية أبشواى الملق    تقارير: مفاوضات اتحاد جدة مع يورجن كلوب تسير في اتجاه إيجابي    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    "زراعة الفيوم" تنظم ندوة إرشادية حول محصول الكانولا كأحد المحاصيل الزيتية الواعدة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    وزير التربية والتعليم يصدر قرارًا وزاريًا بشأن حافز التفوق الرياضي    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    «واحدة من الدول الثلاث».. وزير: كوريا الشمالية قادرة على ضرب البر الرئيسي الأمريكي    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    صلاح أساسيا في تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالاتا سراي    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    الرئيس السيسى يستقبل الأمير "رحيم" رئيس شبكة الآغا خان للتنمية ويهنئه بمنصبه ويشيد بإسهامات والده فى دعم التنمية وحفظ التراث الإسلامى.. الرئيس: حياة كريمة و100 مليون صحة تجسد رؤية مصر 2030 للاستثمار فى الإنسان    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على العد التنازلى لشهر رمضان المبارك وأول أيامه فلكيا    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏..‏ والصعود نحو الهاوية‏23‏

لامجال للمقارنة مع آراء أبو العلا ماضي التي تطالب بمراجعة الأفكار الموروثة حول قضايا المرأة والحزبية والعنف والمواطنة‏.‏الإخوان التقليديون يعيشون خارج النظام‏,‏
ويؤمنون بأنهم بعيدون عن المنافسة‏ وأنهم سياسيون من طراز مختلف‏:‏ يفيدون من العمل السياسي ولاينبغي أن يتعرضوا لأخطاره‏!‏ يطرح أبو العلا ماضي تساؤلات تزلزل الموروث‏,‏ وتنتقل بالجماعة من الإطار الفضفاض إلي ساحة السياسة المحددة الواضحة‏:‏ هل نحن هدفنا الوصول للسلطة أم المشاركة في الحكم؟‏...‏ هل الإخوان جماعة إصلاحية دعوية ملك للأمة أم هي حزب سياسي؟ الاثنان مطلوبان‏...‏ ولكن جمعهما في شكل أو جماعة أو تنظيم واحد مستحيل محضر نقاش مع‏:‏ أبو العلا ماضي لامفر من الاختيار‏,‏ ولابديل عن تغيير شامل في التعامل مع الآخرين‏,‏ وفي التعامل الداخلي حيث تتراكم الأمراض والسلبيات‏:‏ العلانية والحزب يعنيان إجراء انتخابات للقيادة بشكل علني وحر وباقتراع سري‏,‏ ويعنيان آليات للمحاسبة‏,‏ وشفافية في التمويل وبنود الصرف‏,‏ وكل هذا سيدفع بهؤلاء الناس إلي زاوية المشهد‏,‏ وسينهي سيطرتهم التي يحتفظون بها علي خلفية الظروف الأمنية والمطاردات والحفاظ علي وحدة التنظيم‏...‏ إلي أخر تلك المقولات التي يستخدمونها كفزاعة في وجه كل من يطالب بالتغيير‏.‏
ثانيا‏:‏ عالمية الجماعة‏:‏
حرص حسن البنا المرشد الأول والمؤسس ل الأخوان المسلمين علي تأكيد عالمية فكرته ودعوته‏,‏ منذ أول رسائله إلي أي شيء ندعو الناس؟‏(‏ حسن البنا‏:‏ رسائل الإمام الشهيد‏,‏ ص‏32:‏ ص‏52)‏
وحرص أول قانون للنظام الأساسي للاخوان المسلمين علي تأكيد عالمية دعوة الإخوان‏...‏ الإخوان المسلمون هيئة إسلامية تعمل لتحقيق الأغراض التي جاء من أجلها الإسلام‏...‏ فاستهدفوا بدعوتهم المصريين ثم توسعوا فشملت الأقطار العربية الشقيقة ثم تعدت دعوتهم حدود العرب إلي كل مكان في العالم ينتمي إلي الإسلام أو يستشرف إليه ويبحث عنه‏.(‏جمعة أمين عبد العزيز‏,‏ ج‏3,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏254).‏
والإخوان المسلمون باعتبارها أكبر الفرق الإسلامية السنية كانت عالمية في نشر الدعوة وسعي البنا لهذه الغاية مبكرا‏.(‏ المرجع السابق‏,‏ ص‏253).‏
وتعود أول محاولة للايجاد فرع خارجي لجمعية الأخوان المسلمين إلي عام‏1933‏ حين نجح البنا في تشكيل شعبة للاخوان في جيبوتي‏,‏ وقد آتخذ المؤتمر الثالث‏(1935‏ قرارا بتعميم الدعوة في الخارج بمختلف الوسائل‏....(‏ د‏.‏ رفعت السعيد‏...‏ الشرق الأوسط‏2006/12/17).‏
وتوسع الإخوان في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي عقب المؤتمر العام‏(1945)‏ في إنشاء الفروع وتأسيسها خارج مصر‏...‏ فبعد الفرع السوري الذي تشكل عام‏1944‏ أو‏1945,‏ جاء تأسيس فرع القدس‏1946,‏ ثم الفرع السوداني‏1946‏ وتأسس في أسمرة‏(‏ إريتريا‏)‏ فرع للأخوان في شرقي أفريقيا‏,‏ وفي المغربي الأقصي‏(‏ تطوان‏)‏ تأسس فرع للأخوان‏,‏ وفي منطقة الخليج كان الفرع الكويتي أول فرع تم تشكيله للاخوان وذلك في عام‏1947.‏ وفي العراق نشط الإخوان تحت اسم جمعية الإخوة الإسلامية في بغداد في ذات التوقيت تقريبا‏.‏
وفي لبنان أصدر الإخوان المسلمون في لبنان القانون الأساسي للجماعة في‏1949.‏
وخلال هذه الفترة تأسست شعب إخوانية في إندونيسيا وسيلان وباكستان وإيران وأفغانستان وتركيا‏,‏ وتم تقسيم قسم الاتصال بالعالم الخارجي إلي ثلاث لجان هي‏:‏
‏1‏ لجنة الشرق الأدني وتضم البلاد العربية والشعوب الإسلامية في افريقيا‏.‏
‏2‏ لجنة الشرق الأقصي وتشمل دول شرق آسيا ووسطها‏.‏
‏3‏ لجنة الإسلام في أوروبا‏.(‏ د‏.‏ عبد المنعم الحفني‏:‏ موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والحركات الإسلامية‏.‏ مكتبة مدبولي‏,‏ ط‏2005,2,‏ ص‏53)‏
وفي الفترة التي شهدت الصدام بين الجماعة والحكم الناصري‏.‏ وبسبب ما لاقاه الإخوان من تضييق وسجون ومعتقلات كان لها الأ ثر الكبير علي نشاط وحركة الجماعة في تلك الفترة‏,‏ أسندت إدارة حركة الإخوان المسلمين إلي المكتب التنفيذي للإخوان المسلمين في البلاد العربية‏,‏ وذلك في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وذلك في ظل غياب مكتب الإرشاد العام‏.‏
وفي تلك الفترة أيضا بدأت تظهر بوادر الاختلاف في التنظيم الدولي للإخوان وهل هو إطار قيادي ملزم في قراراته لكل التنظيمات القطرية؟ أم هو بمثابة إطار تنسيقي؟ أم مكتب اتصال مابين تنظيمات مستقلة؟
الميلاد الحقيقي للتنظيم الدولي
لعل الجماعة قد استفادت إلي حد كبير من محنتها الثانية التي بدأت عام‏1954,‏ فقد هاجر العديد من قيادات الجماعة إلي السعودية وإلي دول الخليج وتمركزوا هناك ليقيموا ركائز إخوانية‏.‏ كما هاجر زوج ابنة الامام حسن البنا الأستاذ سعيد رمضان ليتنقل من السعودية إلي بلدان الخليج‏,‏ ثم استقر به المقام في ميونيخ حيث أنشأ بتمويل كبير لا تستطيعه إلا دولة ثرية المركز الاسلامي هناك‏.‏ ويمكن القول إن هذا المركز كان بداية الميلاد الحقيقي للتنظيم الدولي‏.‏ فمن هناك تخرج الكثيرون منهم أندونيسيون وعديدون من شرق آسيا وأفارقة وعرب‏.‏ وكمثال فإن الزعيم التركي ورئيس الوزراء السابق رجب طيب أردوغان انضم للاخوان‏,‏ وهو يدرس الهندسة في ألمانيا‏,‏ وتتلمذ هناك في المركز الاسلامي في ميونيخ‏.‏ وإذا أتينا إلي الحرب الأفغانية‏,‏ فإن أصبع التنظيم الدولي كانت موجودة دوما‏,‏ فهناك كمثال أساسي د‏.‏ عبدالله عزام الذي ولد في قرية سيلة الحارثية قضاء جنين‏(1941)‏ وانخرط في جماعة الاخوان وهو دون الخامسة عشرة‏.‏ وقد أكد عزام أكثر من مرة أن كتابات البنا وضعت الأساس العام للحركة الاسلامية‏.‏ وطوال زمن المحنة‏(1954‏ 1971)‏ كان سعيد رمضان هو المهندس الأول والمنظم الأساسي للتنظيم الدولي‏,‏ ولكن‏,‏ وفور الافراج عن الكوادر الأساسية سافر عدد منهم إلي الخارج ليقوموا بإعادة هيكلة هذا التنظيم‏.‏ ويمكن ملاحظة أمرين أساسيين‏:‏ أولهما‏:‏ ارتباط التنظيم الدولي بشبكة الاستثمارات المالية للجماعة‏.‏
وثانيهما‏:‏ سيطرة قيادة الجهاز الخاص‏(‏ السري‏)‏ علي الشبكتين شبكة التنظيم الدولي وشبكة الاستثمارات المالية‏.‏ ومع ذلك فإن وقوع مشكلات وخلافات في المواقف وربما خلافات حول الهيمنة علي التنظيم الدولي‏,‏ وإصرار إخوان مصر علي أن مرشد التنظيم الدولي هو ذاته مرشد الجماعة في مصر‏,‏ قد أدي إلي عدد من الانقسامات في هيكل التنظيم الدولي لعل أشهرها انقسام حسن الترابي بعد أن حاول عبر هيمنته علي الحكم في السودان الهيمنة علي التنظيم الدولي للجماعة‏.‏
ومن هنا بدأت القيادة المصرية للجماعة تدرك ضرورة المرونة‏,‏ وخاصة فيما يتعلق بالمواقف السياسية‏,‏ وإن كانت لم تزل تترك مسألة التنظيم الدولي غائمة وفقا للمعتاد عند الجماعة‏.‏ لكن يبقي الحبل السري موجودا دوما عبر مسارين هما البيعة والمال‏.‏ أما عن الاستثمارات الاخوانية عبر العالم‏,‏ فتتناثر معلومات عن استثمارات واسعة في مصر وأندونيسيا وأوروبا ودول إفريقية‏.‏ لكن أكثر هذه الاستثمارات شهرة هو بنك التقوي‏,‏ الذي يرأس مجلس إدارته يوسف ندا‏,‏ والذي تحدث عن مشروعات وتعاملات بعشرات ومئات الملايين‏,‏ معلنا أنه‏,‏ بالاضافة إلي موقعه في بنك التقوي‏,‏ فإنه مسئول العلاقات الخارجية في جماعة الاخوان‏.‏ أما البنك الذي تعرض بعد أحداث‏11‏ سبتمبر‏(‏ ايلول‏)‏ لحملة امريكية جمدت أرصدته واتهمته بأنه قام بعمليات غسيل أموال لابن لادن‏,‏ وقام بتمويل بعض أنشطته فقد نشر موازنته عن عام‏1994‏ معلنا عن نفسه بنك التقوي المحدود البهاما‏,‏ موضحا أن الميزانية المجمعة للبنك في‏31‏ ديسمبر‏1994‏ مبينة بالدولار هي‏258,676.162‏ دولارا‏.‏ ولكي لا يثور أي جدل حول هوية البنك‏,‏ فإننا نورد نعيا باسم أسرة البنك للدكتور أحمد الملط الذي قالت عنه إنه كان مع الامام الشهيد حسن البنا من الأوائل الذين أسهموا في رعاية الغرسة الأولي لجماعة الاخوان المسلمين‏,‏ ثم بقي من بعده يتعهدها وإخوانه الأبرار بالرعاية والذود عنها بالنفس والنفيس‏.‏ ولا يمثل بنك التقوي سوي أحد من جوانب الاستثمار المالي للجماعة‏,‏ فقد أشرنا إلي استثمارات أخري لعل أشهرها تلك الأموال التي توفي سعيد رمضان وهي في ذمته‏,‏ ويقال إنها العديد من ملايين الدولارات‏.‏ وقد باءت محاولات عديدة لخال أولاد سعيد رمضان سيف الاسلام حسن البنا في استعادتها للجماعة‏,‏ ولعل هذا الفشل كان أحد أسباب خفوت صوته في صفوف مكتب الارشاد‏,‏ الذي هو عضو فيه‏.(‏ جمعة أمين عبدالعزيز‏,‏ ج‏5,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏24).‏
وعقب هزيمة يونيو‏/‏ حزيران‏1967‏ أصدر المكتب التنفيذي للاخوان مذكرة طرحها للنقاش داخل تنظيماته القطرية لمناقشة بعض القضايا الخلافية من بينها الاختيار بين الدعوة السلمية والجهادية والسرية والعلنية ومفهوم الشوري ونظام الحكم الاسلامي‏,‏ والعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين علي المستوي المحلي والوطن‏.‏ ولم تأخذ هذه المذكرة حقها في النقاش ولم تساعد في حسم الخلاف مما أدي إلي انهيار المكتب التنفيذي للاخوان في‏1969.‏ كما شهدت التنظيمات الاخوانية القطرية علي خلفية هذه الأوضاع السلبية انشقاقات واختلافات‏(‏ سوريا الأردن السودان‏).‏
ومع بداية مرحلة جديدة من مسيرة الاخوان المسلمين في مصر عقب تولي الرئيس السادات الحكم في مصر‏(1970)‏ والانفراجة التي شهدتها علاقة النظام مع الاخوان‏,‏ كان علي المرشد العام‏(‏ الهضيبي‏)‏ أن يتعامل مع هذا الواقع التنظيمي المتردي‏,‏ وصرف المرشد العام الكثير من جهده لبناء حركة الاخوان المسلمين العامة‏..(‏ أي التنظيمات القطرية‏)‏ بهدف إخضاعها لسلطة المرشد العام بمنطق أخذ البيعة وعلي أثر هذه المجهودات التي بذلها الهضيبي ومصطفي مشهور وثيقة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين في يوليو‏/‏ تموز‏1982‏ ونصت اللائحة الداخلية للتنظيم علي أن الاخوان في كل مكان جماعة واحدة يجمعها النظام الأساسي وأهدافها تحرير الوطن الاسلامي بكافة أجزائه من كل سلطان غير إسلامي وقيام الدولة الاسلامية‏..‏ وكل تنظيم قطري جزء من التنظيم العالمي للاخوان‏..‏ ومراقبة‏(‏ مرشده‏)‏ يعطي البيعة للمرشد العام‏(‏ في مصر‏)‏ وفي هذا التوقيت عقد اجتماع لمجلس الشوري العالمي‏.‏
ويذكر في هذا السياق الدور الخاص والمتميز الذي قام به مصطفي مشهور في فترة المرشد الأسبق عمر التلمساني في تنظيم وتقوية التنظيم الدولي لذا يعتبره الكثير من المؤرخين بمثابة الأب الروحي للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين‏.‏
ومنذ تأسيسه كانت خيوط التنظيم الدولي تبدأ وتنتهي عند الرجل الحديدي مصطفي مشهور‏,‏ ولم يكن خافيا أن سلطته علي هذا التنظيم كانت تفوق سلطة المرشد العام نفسه سواء أكان المرحوم عمر التلمساني أو محمد حامد أبو النصر المرشدين السابقين عليه قبل إعلانه مرشدا خامسا في‏1996.(‏ حسام تمام‏,‏ المنار الجديد‏,‏ العددد‏27,‏ سبتمبر‏2004:‏ التنظيم الدولي للاخوان‏..‏ الوعد والمسيرة والمال‏,‏ ص‏4)‏ ونواصل‏.‏
دعما لاستراتيجيتها غير المعلنة في التركيز علي دور سياسي داخلي أكبر‏.)‏ نفسه‏,‏ ص‏13(.‏
ثالثا اقتصاديات الاخوان‏:‏
أوضحت البدايات الأولي لنشأة جماعة الاخوان المسلمين شأن أي بدايات محدودية عدد الأعضاء والمنتسبين‏,‏ وبالتالي محدودية الموارد والامكانات المادية والمالية خاصة أن أغلب مؤسسي الجماعة في فترة الاسماعيلية من البسطاء محدودي الدخل‏,‏ واعتمد حسن البنا في تلك المرحلة‏,‏ علي آلية الاشتراك الشهري البسيط القيمة وإن حرص علي أهمية ووجوب تسديد هذا الاشتراك‏,‏ وعكست ذلك كل اللوائح الداخلية للتنظيم‏(‏ بداية من لائحة‏30‏ 1931‏ وحتي إقرار قانون النظام الأساسي لهيئة الاخوان المسلمين العامة عام‏..1945‏ حيث ينص باب العضوية وشروطها علي‏):‏
أن يعد الأخ المسلم عضو الجماعة بأن يدفع مبلغا شهريا كاشتراك للعضوية وأن يدفع مبلغا اضافيا إذا استطاع لصندوق الزكاة‏,‏ أما غير القادرين علي الدفع فيتم اعفاؤهم من قبل رئيس الشعبة بعد أن يتأكد من انهم غير قادرين فعلا علي الدفع‏.‏
‏(‏ريتشارد ميتشل الإخوان المسلمين الجزء الثاني ص‏50)‏
وكما يوضح مؤرخ الاخوان المسلمين جمعة أمين عبد العزيز في أوراق من تاريخ الاخوان المسلمين‏,‏ الكتاب الرابع‏:‏ المال هو عماد الدعوات وسندها ولا تبقي دعوة دون أن يضحي قادتها وجنودها بأموالهم في سبيلها‏,‏ جعل الاخوان لكل عمل يقومون به اشتراكا يتم تقديمه من المشاركين في العمل يكفي لأدائه‏.(‏ جمعة أمين عبد العزيز أوراق من تاريخ الاخوان المسلمين الجزء الرابع ص‏105).‏
وفطن البنا لأهمية وجود عناصر ومساندين من الأغنياء والميسورين في جماعته‏,‏ بما يحققه ذلك من كسب مادي ومعنوي يسمح بنمو الجماعة وتزايد نفوذها‏.‏
ونشط البنا في نشر الدعوة وإنشاء الشعب‏..‏ ويلاحظ ان هذه الشعب كان يتصدرها وجهاء الريف وأغنياؤه من الفلاحين والاقطاعيين في هذه المناطق‏.(‏ السيد يوسف الإخوان والمسلمون الجزء الأول ص‏165).‏
إلا أن النمو والانتشار الذي تحقق لجماعة الاخوان‏(83‏ 1943)‏ جعل من الاعتماد علي الاشتراكات والتبرعات والهبات أمرا صعبا في تغطية أنشطة الاخوان واحتياجاتها المالية‏..‏ ومع تنامي طموحات الجماعة ومرشدها العام‏,‏ اتضحت أهمية التمويل والحاجة اليه‏.‏
مما سبب كثيرا من الضيق للمرشد العام فكان يشكو لإخوانه في مكتب الإرشاد من ذلك‏,‏ ويقول لهم‏:‏ لو تهيأت لنا العدة المالية لفعلنا الكثير من الأعمال‏..‏ لو يوجد معي أربعة الاف جنيه لكنت كفيلا ان أغير بها وجه القطر المصري كله‏.‏
‏(‏جمعة أمين عبد العزيز‏(‏ سابق‏)‏ الجزء الرابع ص‏.114)‏
ومن هنا جاءت فكرة سهم الدعوة التي اقترحها عبد الحكيم عابدين عضو مكتب الارشاد ووافقه عليها المرشد العام حسن البنا‏,‏ وقد شرح عابدين في مقترحه سهم الدعوة كيفية تنفيذه‏..‏ فهو يؤكد علي استمرار العمل بنظام الاشتراك الشهري لكل عضو مع تعيين سهم ثابت في دخل كل واحد من الاخوان يسمي سهم الدعوة‏,‏ ويتم اخراجه بانتظام تام من دخلهم سواء كان سنويا أو شهريا‏.‏
ولا يقل عن‏20‏ في المائة من الايراد أي خمس الإيراد تماما‏..‏ واعلموا انما غنمتم من شيء فإن لله خمسة‏.‏
ويعلق مؤرخ الاخوان جمعة أمين بقوله علي هذه الاركان يجب ان نبني السياسة المالية للاخوان‏,‏ وبهذا الميزان ان تحدد درجات الايمان‏.(‏ جمعة أمين المصدر السابق ص‏106)‏
ويختلف المقيمون لمشروع سهم الدعوة فيما يري البعض انه فشل ولم يبلغ مراده ولم يكتب له الاستمرار ومن بين من ذهب لهذا الرأي صاحب الاقتراح عبد الحكيم عابدين وصالح العشماوي‏(‏ عضو مكتب الارشاد‏)‏ عندما لاحظ تأخر الاخوة في دفع حصتهم من الأسهم‏,‏ بينما كان لآخرين منهم المرشد العام حسن البنا تبرير لتعثر المشروع‏,‏ تفهما لظروف وأعذار الاخوة‏..‏ لكن الجميع اتفق علي أن المشروع توقف مع أحداث فلسطين والصدامات التي حدثت بين الجماعة والحكومة‏,‏ والتي انتهت بحل الجماعة واغتيال حسن البنا‏.‏
غموض وتساؤلات‏:‏
ومع أن الاخوان يرجحون دائما قضية تمويل أنشطة ومشروعات الجماعة لحصيلة اشتراكات العضوية والتبرعات والهبات التي يتقدم بها الأعضاء والمساندون‏..‏ إلا أن هناك نقاطا تظل غامضة ومحل تساؤل ونقد منها ما جاء في الجزء الثاني من كتاب السيد يوسف الاخوان المسلمون‏:‏ هل هي صحوة إسلامية وما أورده من تلك التساؤلات‏,‏ خاصة عن المرحلة من التأسيس وحتي حل الجماعة في عام‏.1948‏
كان تمويل الجماعة لنشاطها المتنوع الذي غطي كل انحاء مصر مثار تساؤلات واتهامات كثيرة‏,‏ وأثيرت علامات استفهام متعددة حول كيفية تدبير الموارد المالية لنشاط جماعة امتدت لكل مكان في مصر وتجاوزت الحدود الي العالم العربي والإسلامي‏..‏ وعند حصر أصول الجماعة بعد حلها بلغ اجمالي هذه الاصول أرقاما خيالية لا تتناسب مع حزب سياسي أغلب أعضائه يعجز مستواهم المادي عن توفير هذه الأصول ومواجهة تكاليف ونفقات النشاط الواسع للجماعة‏,‏ وقد أحاطت علامات الاستفهام بعدة مواقف منها‏:‏
‏*‏ تبرع شركة قناة السويس الاستعمارية بمبلغ‏500‏ جنيه‏(1928)‏ لبناء دار مسجد للجماعة بالاسماعيلية‏,‏ وقد اعترف البنا بهذا التبرع ورد علي الاتهامات التي وجهت اليها بسببها وبرر قبوله لهذا التبرع بأن القناة قناتنا وهذه الأموال أموالنا‏.‏
‏*‏ أقر البنا أن اسماعيل صدقي عرض عليه معونة مالية مقابل تأييد الوضع السياسي القائم‏,‏ وانه قد رفضها‏..‏ إلا ان تاريخ هذه المرحلة وتحالف الإخوان مع صدقي ووقوفهم معه ضد الحركة الوطنية يلقي بظلال من الشك حول مزاعم رفض هذه المعونة‏.‏
‏*‏ كان موضوع المالية أحد الموضوعات الأساسية والقاسم المشترك في كل الانشقاقات والانقسامات داخل الجماعة‏,‏ وكانت نقطة انطلاق الهجوم علي حسن البنا منذ الانقسام الأول بالإسماعيلية‏..‏ خاصة وأن حسن البنا كان يحكم قبضته علي مالية الجماعة وينفرد بالتصرف فيها‏.(‏ السيد يوسف‏(‏ سابق‏)‏ الجزء الثاني ص‏130).‏
‏*‏ كما يعلق ريتشارد ميتشل علي ما تردد عن تلقي الإخوان تبرعات من الإنجليز أو الأمريكان أن المعلومات المتعلقة بالمساعدات الأجنبية قليلة وغير متوافرة‏.‏ فالسفارة البريطانية علي ما يبدو كانت تعرض المساعدات المالية للجماعة في أول سني الحرب العالمية الثانية‏,‏ إلا أننا لا نستطيع أن نقر ما إذا كانت الجماعة قبلتها أو قبلت أي مساعدات أجنبية أخري‏(‏ ريتشارد ميتشل‏(‏ سابق‏)‏ الجزء الثاني ص‏48).‏ إلا أن الثابت في هذا الشأن كما يري ميتشل أن الجماعة أفادت كثيرا من هبات تلقتها من العديد من جماعات الطبقة الحاكمة الذين فكروا في جني ما يفيد مصالحهم السياسية والاقتصادية‏,‏ والواقع أن جوانب تلك المصالح كانت تتفق مع أهداف الجماعة المعلنة‏.(‏ المصدر السابق ص‏47).‏
كذلك من الأمور الثابتة تلقي الجماعة أموال‏(‏ إعانة‏)‏ من وزارة الشئون الاجتماعية وهو ما يرد تفصيلا في كشف الحساب الختامي لميزانيات المناطق والشعب في أعوام‏1945/44,1944/43‏ وأثبته جمعة أمين عبدالعزيز في الكتاب الخامس من أوراق تاريخ الإخوان المسلمين‏,‏ ويضيف ومن الجدير بالذكر أن المركز العام أرسل خطابا إلي وزارة الشئون الاجتماعية يستفسر عن مصدر أموال الإعانات التي تقدمها للإخوان بعدما نشرت الصحف أن تلك الإعانات التي تقدم للجمعيات إنما تجمعها الوزارة من الضرائب علي المراهنات واليانصيب وكلها أمور حرام‏,‏ وطالب الإخوان الوزارة أن تكون الأموال التي تقدمها لهم من مصادر حلال‏,‏ وإلا فإن الإخوان يرفضون تلك الإعانات‏.(‏ المصدر السابق ص‏34‏ إلي ص‏40).‏
ومع قرار الحل الأول لجماعة الإخوان المسلمين‏(1948)‏ وسقوط الشرعية القانونية عن الجماعة‏(‏ باعتبارها تخضع لوزارة الشئون الاجتماعية‏)‏ وبالتالي التعامل معها ككيان غير قانوني‏,‏ وتحولها أي جماعة الإخوان إلي تنظيم سري‏,‏ بدأ الحرص علي سرية أوضاع الجماعة التنظيمية والمالية بشكل مطلق‏,‏ ثم جاء الصدام والمحنة الثانية في العهد الناصري‏(1954)‏ والذي أسفرر عن قرار حل الجماعة ومصادرة جميع ممتلكاتها وأصولها‏,‏ ليدفع جماعة الإخوان باتجاه مزيد من السرية والغموض في جميع مجالات حركتها ونشاطها خاصة ما تعلق منها بالعضوية والموارد المالية للجماعة‏.‏
وشهدت مرحلتا الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هروب وفرار قيادات وكوادر أساسية من جماعة الإخوان إلي بعض بلدان أوربا والدول العربية‏(‏ وبشكل خاص السعودية ودول الخليج‏)‏ ومكنت التسهيلات والمساعدات التي منحتها لهم هذه الدول‏(‏ خاصة السعودية‏)‏ علي خلفية العداء والمواجهة مع النظام الناصري من تكوين ثروات مالية ضخمة‏,‏ انعكس أثرها الإيجابي علي حركة ونشاط الإخوان عندما توافرت الظروف المواتية في بداية السبعينيات عند تولي الرئيس الراحل أنور السادات الحكم‏,‏ وشهدت السنوات‏(1971‏ إلي منتصف السبعينيات‏)‏ حالة من التفاهم وحرية الحركة والنشاط الدعوي والسياسي والاقتصادي للجماعة‏,‏ عزز منها اتجاه السادات إلي الأخذ بمفاهيم الاقتصاد الحر‏(‏ الانفتاح الاقتصادي‏)‏ وتشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في مصر والتسهيلات التي حصل عليها أصحاب رؤوس الأموال‏(‏ من مصريين وعرب وأجانب‏)‏ لدعم تجربة التحول من الاقتصاد الموجه إلي اقتصاد السوق‏..‏ هذا المناخ أحسنت الجماعة استثماره ماليا بواسطة رجال الأعمال المنتمين للإخوان‏,‏ أو أولئك المتعاطفين معها في توفير وتدبير أرصدة مالية ضخمة‏,‏ بذات القدر الذي أحسنت فيه الجماعة استثماره حركيا وتنظيميا لزيادة نفوذها وتنمية مواردها البشرية‏.‏
وإن ظلت مالية الجماعة لأسباب استمرار عدم شرعيتها القانونية محاطة بدرجة عالية من الغموض والسرية‏,‏ وبقيت الأوضاع المالية للإخوان ومصادر التمويل وحجم الأموال وأساليب إنفاقها في يد عدد محدود من أهل الثقة من قيادات الإخوان‏,‏ لا تزيد بحال من الأحوال علي أصابع اليد الواحدة‏.‏ ونواصل‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.