خالد جلال: على الأهلي اللعب بتشكيله الأساسي أمام بلدية المحلة    عاجل.. موقف الأهلي من التعاقد مع نجم صن دارونز    الآن رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 11 مايو 2024 بعد آخر انخفاض    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    عز ينخفض لأقل سعر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو بالمصانع والأسواق    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    نشرة التوك شو| أزمة قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية وانخفاض أسعار الدواجن والبيض    الحصيلة 520 شهيدا .. مقبرة جماعية ثالثة في مجمع الشفاء الطبي والسابعة في مستشفيات غزة    حزب الله اللبناني يعلن استهدف مبنى لجنود إسرائيليين في مستعمرة المطلّة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    الإمارات تحرج نتنياهو وترفض دعوته بشأن غزة: لا صفة له    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    حكام مباراة بلدية المحلة والأهلي.. ناصف حكم ساحة.. وطارق مجدي للVAR    ملف يلا كورة.. استمرار غياب الشناوي.. الأهلي لنهائي دوري السلة.. وجائزة تنتظر صلاح    زى النهارده.. الأهلى يحقق رقم تاريخى خارج ملعبه أمام هازيلاند بطل سوازيلاند    أبرزها الأهلي أمام بلدية المحلة، حكام مباريات اليوم بالدوري الممتاز    مأمورية من قسم الطالبية لإلقاء القبض على عصام صاصا    وفاة شاب في حادث تصادم دراجة نارية وتروسيكل بالفيوم    بقلم ميري، معلمة تصفع طفلا من ذوي الهمم يهز ضمير الإنسانية في الأردن    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    آبل تخطط لاستخدام شرائح M2 Ultra فى السحابة للذكاء الاصطناعى    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    برج العذراء.. حظك اليوم السبت 11 مايو: انصت لشريك حياتك    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    القوافل العلاجية تبدأ أعمالها فى مدينة حلايب اليوم ضمن "حياة كريمة"    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    محمد بركات يشيد بمستوى أكرم توفيق مع الأهلي    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    حظك اليوم برج الأسد السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج العقرب السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    زيادات متدرجة في الإيجار.. تحرك جديد بشأن أزمة الإيجارات القديمة    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏..‏ والصعود نحو الهاوية‏23‏

لامجال للمقارنة مع آراء أبو العلا ماضي التي تطالب بمراجعة الأفكار الموروثة حول قضايا المرأة والحزبية والعنف والمواطنة‏.‏الإخوان التقليديون يعيشون خارج النظام‏,‏
ويؤمنون بأنهم بعيدون عن المنافسة‏ وأنهم سياسيون من طراز مختلف‏:‏ يفيدون من العمل السياسي ولاينبغي أن يتعرضوا لأخطاره‏!‏ يطرح أبو العلا ماضي تساؤلات تزلزل الموروث‏,‏ وتنتقل بالجماعة من الإطار الفضفاض إلي ساحة السياسة المحددة الواضحة‏:‏ هل نحن هدفنا الوصول للسلطة أم المشاركة في الحكم؟‏...‏ هل الإخوان جماعة إصلاحية دعوية ملك للأمة أم هي حزب سياسي؟ الاثنان مطلوبان‏...‏ ولكن جمعهما في شكل أو جماعة أو تنظيم واحد مستحيل محضر نقاش مع‏:‏ أبو العلا ماضي لامفر من الاختيار‏,‏ ولابديل عن تغيير شامل في التعامل مع الآخرين‏,‏ وفي التعامل الداخلي حيث تتراكم الأمراض والسلبيات‏:‏ العلانية والحزب يعنيان إجراء انتخابات للقيادة بشكل علني وحر وباقتراع سري‏,‏ ويعنيان آليات للمحاسبة‏,‏ وشفافية في التمويل وبنود الصرف‏,‏ وكل هذا سيدفع بهؤلاء الناس إلي زاوية المشهد‏,‏ وسينهي سيطرتهم التي يحتفظون بها علي خلفية الظروف الأمنية والمطاردات والحفاظ علي وحدة التنظيم‏...‏ إلي أخر تلك المقولات التي يستخدمونها كفزاعة في وجه كل من يطالب بالتغيير‏.‏
ثانيا‏:‏ عالمية الجماعة‏:‏
حرص حسن البنا المرشد الأول والمؤسس ل الأخوان المسلمين علي تأكيد عالمية فكرته ودعوته‏,‏ منذ أول رسائله إلي أي شيء ندعو الناس؟‏(‏ حسن البنا‏:‏ رسائل الإمام الشهيد‏,‏ ص‏32:‏ ص‏52)‏
وحرص أول قانون للنظام الأساسي للاخوان المسلمين علي تأكيد عالمية دعوة الإخوان‏...‏ الإخوان المسلمون هيئة إسلامية تعمل لتحقيق الأغراض التي جاء من أجلها الإسلام‏...‏ فاستهدفوا بدعوتهم المصريين ثم توسعوا فشملت الأقطار العربية الشقيقة ثم تعدت دعوتهم حدود العرب إلي كل مكان في العالم ينتمي إلي الإسلام أو يستشرف إليه ويبحث عنه‏.(‏جمعة أمين عبد العزيز‏,‏ ج‏3,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏254).‏
والإخوان المسلمون باعتبارها أكبر الفرق الإسلامية السنية كانت عالمية في نشر الدعوة وسعي البنا لهذه الغاية مبكرا‏.(‏ المرجع السابق‏,‏ ص‏253).‏
وتعود أول محاولة للايجاد فرع خارجي لجمعية الأخوان المسلمين إلي عام‏1933‏ حين نجح البنا في تشكيل شعبة للاخوان في جيبوتي‏,‏ وقد آتخذ المؤتمر الثالث‏(1935‏ قرارا بتعميم الدعوة في الخارج بمختلف الوسائل‏....(‏ د‏.‏ رفعت السعيد‏...‏ الشرق الأوسط‏2006/12/17).‏
وتوسع الإخوان في النصف الثاني من أربعينيات القرن الماضي عقب المؤتمر العام‏(1945)‏ في إنشاء الفروع وتأسيسها خارج مصر‏...‏ فبعد الفرع السوري الذي تشكل عام‏1944‏ أو‏1945,‏ جاء تأسيس فرع القدس‏1946,‏ ثم الفرع السوداني‏1946‏ وتأسس في أسمرة‏(‏ إريتريا‏)‏ فرع للأخوان في شرقي أفريقيا‏,‏ وفي المغربي الأقصي‏(‏ تطوان‏)‏ تأسس فرع للأخوان‏,‏ وفي منطقة الخليج كان الفرع الكويتي أول فرع تم تشكيله للاخوان وذلك في عام‏1947.‏ وفي العراق نشط الإخوان تحت اسم جمعية الإخوة الإسلامية في بغداد في ذات التوقيت تقريبا‏.‏
وفي لبنان أصدر الإخوان المسلمون في لبنان القانون الأساسي للجماعة في‏1949.‏
وخلال هذه الفترة تأسست شعب إخوانية في إندونيسيا وسيلان وباكستان وإيران وأفغانستان وتركيا‏,‏ وتم تقسيم قسم الاتصال بالعالم الخارجي إلي ثلاث لجان هي‏:‏
‏1‏ لجنة الشرق الأدني وتضم البلاد العربية والشعوب الإسلامية في افريقيا‏.‏
‏2‏ لجنة الشرق الأقصي وتشمل دول شرق آسيا ووسطها‏.‏
‏3‏ لجنة الإسلام في أوروبا‏.(‏ د‏.‏ عبد المنعم الحفني‏:‏ موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والحركات الإسلامية‏.‏ مكتبة مدبولي‏,‏ ط‏2005,2,‏ ص‏53)‏
وفي الفترة التي شهدت الصدام بين الجماعة والحكم الناصري‏.‏ وبسبب ما لاقاه الإخوان من تضييق وسجون ومعتقلات كان لها الأ ثر الكبير علي نشاط وحركة الجماعة في تلك الفترة‏,‏ أسندت إدارة حركة الإخوان المسلمين إلي المكتب التنفيذي للإخوان المسلمين في البلاد العربية‏,‏ وذلك في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وذلك في ظل غياب مكتب الإرشاد العام‏.‏
وفي تلك الفترة أيضا بدأت تظهر بوادر الاختلاف في التنظيم الدولي للإخوان وهل هو إطار قيادي ملزم في قراراته لكل التنظيمات القطرية؟ أم هو بمثابة إطار تنسيقي؟ أم مكتب اتصال مابين تنظيمات مستقلة؟
الميلاد الحقيقي للتنظيم الدولي
لعل الجماعة قد استفادت إلي حد كبير من محنتها الثانية التي بدأت عام‏1954,‏ فقد هاجر العديد من قيادات الجماعة إلي السعودية وإلي دول الخليج وتمركزوا هناك ليقيموا ركائز إخوانية‏.‏ كما هاجر زوج ابنة الامام حسن البنا الأستاذ سعيد رمضان ليتنقل من السعودية إلي بلدان الخليج‏,‏ ثم استقر به المقام في ميونيخ حيث أنشأ بتمويل كبير لا تستطيعه إلا دولة ثرية المركز الاسلامي هناك‏.‏ ويمكن القول إن هذا المركز كان بداية الميلاد الحقيقي للتنظيم الدولي‏.‏ فمن هناك تخرج الكثيرون منهم أندونيسيون وعديدون من شرق آسيا وأفارقة وعرب‏.‏ وكمثال فإن الزعيم التركي ورئيس الوزراء السابق رجب طيب أردوغان انضم للاخوان‏,‏ وهو يدرس الهندسة في ألمانيا‏,‏ وتتلمذ هناك في المركز الاسلامي في ميونيخ‏.‏ وإذا أتينا إلي الحرب الأفغانية‏,‏ فإن أصبع التنظيم الدولي كانت موجودة دوما‏,‏ فهناك كمثال أساسي د‏.‏ عبدالله عزام الذي ولد في قرية سيلة الحارثية قضاء جنين‏(1941)‏ وانخرط في جماعة الاخوان وهو دون الخامسة عشرة‏.‏ وقد أكد عزام أكثر من مرة أن كتابات البنا وضعت الأساس العام للحركة الاسلامية‏.‏ وطوال زمن المحنة‏(1954‏ 1971)‏ كان سعيد رمضان هو المهندس الأول والمنظم الأساسي للتنظيم الدولي‏,‏ ولكن‏,‏ وفور الافراج عن الكوادر الأساسية سافر عدد منهم إلي الخارج ليقوموا بإعادة هيكلة هذا التنظيم‏.‏ ويمكن ملاحظة أمرين أساسيين‏:‏ أولهما‏:‏ ارتباط التنظيم الدولي بشبكة الاستثمارات المالية للجماعة‏.‏
وثانيهما‏:‏ سيطرة قيادة الجهاز الخاص‏(‏ السري‏)‏ علي الشبكتين شبكة التنظيم الدولي وشبكة الاستثمارات المالية‏.‏ ومع ذلك فإن وقوع مشكلات وخلافات في المواقف وربما خلافات حول الهيمنة علي التنظيم الدولي‏,‏ وإصرار إخوان مصر علي أن مرشد التنظيم الدولي هو ذاته مرشد الجماعة في مصر‏,‏ قد أدي إلي عدد من الانقسامات في هيكل التنظيم الدولي لعل أشهرها انقسام حسن الترابي بعد أن حاول عبر هيمنته علي الحكم في السودان الهيمنة علي التنظيم الدولي للجماعة‏.‏
ومن هنا بدأت القيادة المصرية للجماعة تدرك ضرورة المرونة‏,‏ وخاصة فيما يتعلق بالمواقف السياسية‏,‏ وإن كانت لم تزل تترك مسألة التنظيم الدولي غائمة وفقا للمعتاد عند الجماعة‏.‏ لكن يبقي الحبل السري موجودا دوما عبر مسارين هما البيعة والمال‏.‏ أما عن الاستثمارات الاخوانية عبر العالم‏,‏ فتتناثر معلومات عن استثمارات واسعة في مصر وأندونيسيا وأوروبا ودول إفريقية‏.‏ لكن أكثر هذه الاستثمارات شهرة هو بنك التقوي‏,‏ الذي يرأس مجلس إدارته يوسف ندا‏,‏ والذي تحدث عن مشروعات وتعاملات بعشرات ومئات الملايين‏,‏ معلنا أنه‏,‏ بالاضافة إلي موقعه في بنك التقوي‏,‏ فإنه مسئول العلاقات الخارجية في جماعة الاخوان‏.‏ أما البنك الذي تعرض بعد أحداث‏11‏ سبتمبر‏(‏ ايلول‏)‏ لحملة امريكية جمدت أرصدته واتهمته بأنه قام بعمليات غسيل أموال لابن لادن‏,‏ وقام بتمويل بعض أنشطته فقد نشر موازنته عن عام‏1994‏ معلنا عن نفسه بنك التقوي المحدود البهاما‏,‏ موضحا أن الميزانية المجمعة للبنك في‏31‏ ديسمبر‏1994‏ مبينة بالدولار هي‏258,676.162‏ دولارا‏.‏ ولكي لا يثور أي جدل حول هوية البنك‏,‏ فإننا نورد نعيا باسم أسرة البنك للدكتور أحمد الملط الذي قالت عنه إنه كان مع الامام الشهيد حسن البنا من الأوائل الذين أسهموا في رعاية الغرسة الأولي لجماعة الاخوان المسلمين‏,‏ ثم بقي من بعده يتعهدها وإخوانه الأبرار بالرعاية والذود عنها بالنفس والنفيس‏.‏ ولا يمثل بنك التقوي سوي أحد من جوانب الاستثمار المالي للجماعة‏,‏ فقد أشرنا إلي استثمارات أخري لعل أشهرها تلك الأموال التي توفي سعيد رمضان وهي في ذمته‏,‏ ويقال إنها العديد من ملايين الدولارات‏.‏ وقد باءت محاولات عديدة لخال أولاد سعيد رمضان سيف الاسلام حسن البنا في استعادتها للجماعة‏,‏ ولعل هذا الفشل كان أحد أسباب خفوت صوته في صفوف مكتب الارشاد‏,‏ الذي هو عضو فيه‏.(‏ جمعة أمين عبدالعزيز‏,‏ ج‏5,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏24).‏
وعقب هزيمة يونيو‏/‏ حزيران‏1967‏ أصدر المكتب التنفيذي للاخوان مذكرة طرحها للنقاش داخل تنظيماته القطرية لمناقشة بعض القضايا الخلافية من بينها الاختيار بين الدعوة السلمية والجهادية والسرية والعلنية ومفهوم الشوري ونظام الحكم الاسلامي‏,‏ والعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين علي المستوي المحلي والوطن‏.‏ ولم تأخذ هذه المذكرة حقها في النقاش ولم تساعد في حسم الخلاف مما أدي إلي انهيار المكتب التنفيذي للاخوان في‏1969.‏ كما شهدت التنظيمات الاخوانية القطرية علي خلفية هذه الأوضاع السلبية انشقاقات واختلافات‏(‏ سوريا الأردن السودان‏).‏
ومع بداية مرحلة جديدة من مسيرة الاخوان المسلمين في مصر عقب تولي الرئيس السادات الحكم في مصر‏(1970)‏ والانفراجة التي شهدتها علاقة النظام مع الاخوان‏,‏ كان علي المرشد العام‏(‏ الهضيبي‏)‏ أن يتعامل مع هذا الواقع التنظيمي المتردي‏,‏ وصرف المرشد العام الكثير من جهده لبناء حركة الاخوان المسلمين العامة‏..(‏ أي التنظيمات القطرية‏)‏ بهدف إخضاعها لسلطة المرشد العام بمنطق أخذ البيعة وعلي أثر هذه المجهودات التي بذلها الهضيبي ومصطفي مشهور وثيقة التنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين في يوليو‏/‏ تموز‏1982‏ ونصت اللائحة الداخلية للتنظيم علي أن الاخوان في كل مكان جماعة واحدة يجمعها النظام الأساسي وأهدافها تحرير الوطن الاسلامي بكافة أجزائه من كل سلطان غير إسلامي وقيام الدولة الاسلامية‏..‏ وكل تنظيم قطري جزء من التنظيم العالمي للاخوان‏..‏ ومراقبة‏(‏ مرشده‏)‏ يعطي البيعة للمرشد العام‏(‏ في مصر‏)‏ وفي هذا التوقيت عقد اجتماع لمجلس الشوري العالمي‏.‏
ويذكر في هذا السياق الدور الخاص والمتميز الذي قام به مصطفي مشهور في فترة المرشد الأسبق عمر التلمساني في تنظيم وتقوية التنظيم الدولي لذا يعتبره الكثير من المؤرخين بمثابة الأب الروحي للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين‏.‏
ومنذ تأسيسه كانت خيوط التنظيم الدولي تبدأ وتنتهي عند الرجل الحديدي مصطفي مشهور‏,‏ ولم يكن خافيا أن سلطته علي هذا التنظيم كانت تفوق سلطة المرشد العام نفسه سواء أكان المرحوم عمر التلمساني أو محمد حامد أبو النصر المرشدين السابقين عليه قبل إعلانه مرشدا خامسا في‏1996.(‏ حسام تمام‏,‏ المنار الجديد‏,‏ العددد‏27,‏ سبتمبر‏2004:‏ التنظيم الدولي للاخوان‏..‏ الوعد والمسيرة والمال‏,‏ ص‏4)‏ ونواصل‏.‏
دعما لاستراتيجيتها غير المعلنة في التركيز علي دور سياسي داخلي أكبر‏.)‏ نفسه‏,‏ ص‏13(.‏
ثالثا اقتصاديات الاخوان‏:‏
أوضحت البدايات الأولي لنشأة جماعة الاخوان المسلمين شأن أي بدايات محدودية عدد الأعضاء والمنتسبين‏,‏ وبالتالي محدودية الموارد والامكانات المادية والمالية خاصة أن أغلب مؤسسي الجماعة في فترة الاسماعيلية من البسطاء محدودي الدخل‏,‏ واعتمد حسن البنا في تلك المرحلة‏,‏ علي آلية الاشتراك الشهري البسيط القيمة وإن حرص علي أهمية ووجوب تسديد هذا الاشتراك‏,‏ وعكست ذلك كل اللوائح الداخلية للتنظيم‏(‏ بداية من لائحة‏30‏ 1931‏ وحتي إقرار قانون النظام الأساسي لهيئة الاخوان المسلمين العامة عام‏..1945‏ حيث ينص باب العضوية وشروطها علي‏):‏
أن يعد الأخ المسلم عضو الجماعة بأن يدفع مبلغا شهريا كاشتراك للعضوية وأن يدفع مبلغا اضافيا إذا استطاع لصندوق الزكاة‏,‏ أما غير القادرين علي الدفع فيتم اعفاؤهم من قبل رئيس الشعبة بعد أن يتأكد من انهم غير قادرين فعلا علي الدفع‏.‏
‏(‏ريتشارد ميتشل الإخوان المسلمين الجزء الثاني ص‏50)‏
وكما يوضح مؤرخ الاخوان المسلمين جمعة أمين عبد العزيز في أوراق من تاريخ الاخوان المسلمين‏,‏ الكتاب الرابع‏:‏ المال هو عماد الدعوات وسندها ولا تبقي دعوة دون أن يضحي قادتها وجنودها بأموالهم في سبيلها‏,‏ جعل الاخوان لكل عمل يقومون به اشتراكا يتم تقديمه من المشاركين في العمل يكفي لأدائه‏.(‏ جمعة أمين عبد العزيز أوراق من تاريخ الاخوان المسلمين الجزء الرابع ص‏105).‏
وفطن البنا لأهمية وجود عناصر ومساندين من الأغنياء والميسورين في جماعته‏,‏ بما يحققه ذلك من كسب مادي ومعنوي يسمح بنمو الجماعة وتزايد نفوذها‏.‏
ونشط البنا في نشر الدعوة وإنشاء الشعب‏..‏ ويلاحظ ان هذه الشعب كان يتصدرها وجهاء الريف وأغنياؤه من الفلاحين والاقطاعيين في هذه المناطق‏.(‏ السيد يوسف الإخوان والمسلمون الجزء الأول ص‏165).‏
إلا أن النمو والانتشار الذي تحقق لجماعة الاخوان‏(83‏ 1943)‏ جعل من الاعتماد علي الاشتراكات والتبرعات والهبات أمرا صعبا في تغطية أنشطة الاخوان واحتياجاتها المالية‏..‏ ومع تنامي طموحات الجماعة ومرشدها العام‏,‏ اتضحت أهمية التمويل والحاجة اليه‏.‏
مما سبب كثيرا من الضيق للمرشد العام فكان يشكو لإخوانه في مكتب الإرشاد من ذلك‏,‏ ويقول لهم‏:‏ لو تهيأت لنا العدة المالية لفعلنا الكثير من الأعمال‏..‏ لو يوجد معي أربعة الاف جنيه لكنت كفيلا ان أغير بها وجه القطر المصري كله‏.‏
‏(‏جمعة أمين عبد العزيز‏(‏ سابق‏)‏ الجزء الرابع ص‏.114)‏
ومن هنا جاءت فكرة سهم الدعوة التي اقترحها عبد الحكيم عابدين عضو مكتب الارشاد ووافقه عليها المرشد العام حسن البنا‏,‏ وقد شرح عابدين في مقترحه سهم الدعوة كيفية تنفيذه‏..‏ فهو يؤكد علي استمرار العمل بنظام الاشتراك الشهري لكل عضو مع تعيين سهم ثابت في دخل كل واحد من الاخوان يسمي سهم الدعوة‏,‏ ويتم اخراجه بانتظام تام من دخلهم سواء كان سنويا أو شهريا‏.‏
ولا يقل عن‏20‏ في المائة من الايراد أي خمس الإيراد تماما‏..‏ واعلموا انما غنمتم من شيء فإن لله خمسة‏.‏
ويعلق مؤرخ الاخوان جمعة أمين بقوله علي هذه الاركان يجب ان نبني السياسة المالية للاخوان‏,‏ وبهذا الميزان ان تحدد درجات الايمان‏.(‏ جمعة أمين المصدر السابق ص‏106)‏
ويختلف المقيمون لمشروع سهم الدعوة فيما يري البعض انه فشل ولم يبلغ مراده ولم يكتب له الاستمرار ومن بين من ذهب لهذا الرأي صاحب الاقتراح عبد الحكيم عابدين وصالح العشماوي‏(‏ عضو مكتب الارشاد‏)‏ عندما لاحظ تأخر الاخوة في دفع حصتهم من الأسهم‏,‏ بينما كان لآخرين منهم المرشد العام حسن البنا تبرير لتعثر المشروع‏,‏ تفهما لظروف وأعذار الاخوة‏..‏ لكن الجميع اتفق علي أن المشروع توقف مع أحداث فلسطين والصدامات التي حدثت بين الجماعة والحكومة‏,‏ والتي انتهت بحل الجماعة واغتيال حسن البنا‏.‏
غموض وتساؤلات‏:‏
ومع أن الاخوان يرجحون دائما قضية تمويل أنشطة ومشروعات الجماعة لحصيلة اشتراكات العضوية والتبرعات والهبات التي يتقدم بها الأعضاء والمساندون‏..‏ إلا أن هناك نقاطا تظل غامضة ومحل تساؤل ونقد منها ما جاء في الجزء الثاني من كتاب السيد يوسف الاخوان المسلمون‏:‏ هل هي صحوة إسلامية وما أورده من تلك التساؤلات‏,‏ خاصة عن المرحلة من التأسيس وحتي حل الجماعة في عام‏.1948‏
كان تمويل الجماعة لنشاطها المتنوع الذي غطي كل انحاء مصر مثار تساؤلات واتهامات كثيرة‏,‏ وأثيرت علامات استفهام متعددة حول كيفية تدبير الموارد المالية لنشاط جماعة امتدت لكل مكان في مصر وتجاوزت الحدود الي العالم العربي والإسلامي‏..‏ وعند حصر أصول الجماعة بعد حلها بلغ اجمالي هذه الاصول أرقاما خيالية لا تتناسب مع حزب سياسي أغلب أعضائه يعجز مستواهم المادي عن توفير هذه الأصول ومواجهة تكاليف ونفقات النشاط الواسع للجماعة‏,‏ وقد أحاطت علامات الاستفهام بعدة مواقف منها‏:‏
‏*‏ تبرع شركة قناة السويس الاستعمارية بمبلغ‏500‏ جنيه‏(1928)‏ لبناء دار مسجد للجماعة بالاسماعيلية‏,‏ وقد اعترف البنا بهذا التبرع ورد علي الاتهامات التي وجهت اليها بسببها وبرر قبوله لهذا التبرع بأن القناة قناتنا وهذه الأموال أموالنا‏.‏
‏*‏ أقر البنا أن اسماعيل صدقي عرض عليه معونة مالية مقابل تأييد الوضع السياسي القائم‏,‏ وانه قد رفضها‏..‏ إلا ان تاريخ هذه المرحلة وتحالف الإخوان مع صدقي ووقوفهم معه ضد الحركة الوطنية يلقي بظلال من الشك حول مزاعم رفض هذه المعونة‏.‏
‏*‏ كان موضوع المالية أحد الموضوعات الأساسية والقاسم المشترك في كل الانشقاقات والانقسامات داخل الجماعة‏,‏ وكانت نقطة انطلاق الهجوم علي حسن البنا منذ الانقسام الأول بالإسماعيلية‏..‏ خاصة وأن حسن البنا كان يحكم قبضته علي مالية الجماعة وينفرد بالتصرف فيها‏.(‏ السيد يوسف‏(‏ سابق‏)‏ الجزء الثاني ص‏130).‏
‏*‏ كما يعلق ريتشارد ميتشل علي ما تردد عن تلقي الإخوان تبرعات من الإنجليز أو الأمريكان أن المعلومات المتعلقة بالمساعدات الأجنبية قليلة وغير متوافرة‏.‏ فالسفارة البريطانية علي ما يبدو كانت تعرض المساعدات المالية للجماعة في أول سني الحرب العالمية الثانية‏,‏ إلا أننا لا نستطيع أن نقر ما إذا كانت الجماعة قبلتها أو قبلت أي مساعدات أجنبية أخري‏(‏ ريتشارد ميتشل‏(‏ سابق‏)‏ الجزء الثاني ص‏48).‏ إلا أن الثابت في هذا الشأن كما يري ميتشل أن الجماعة أفادت كثيرا من هبات تلقتها من العديد من جماعات الطبقة الحاكمة الذين فكروا في جني ما يفيد مصالحهم السياسية والاقتصادية‏,‏ والواقع أن جوانب تلك المصالح كانت تتفق مع أهداف الجماعة المعلنة‏.(‏ المصدر السابق ص‏47).‏
كذلك من الأمور الثابتة تلقي الجماعة أموال‏(‏ إعانة‏)‏ من وزارة الشئون الاجتماعية وهو ما يرد تفصيلا في كشف الحساب الختامي لميزانيات المناطق والشعب في أعوام‏1945/44,1944/43‏ وأثبته جمعة أمين عبدالعزيز في الكتاب الخامس من أوراق تاريخ الإخوان المسلمين‏,‏ ويضيف ومن الجدير بالذكر أن المركز العام أرسل خطابا إلي وزارة الشئون الاجتماعية يستفسر عن مصدر أموال الإعانات التي تقدمها للإخوان بعدما نشرت الصحف أن تلك الإعانات التي تقدم للجمعيات إنما تجمعها الوزارة من الضرائب علي المراهنات واليانصيب وكلها أمور حرام‏,‏ وطالب الإخوان الوزارة أن تكون الأموال التي تقدمها لهم من مصادر حلال‏,‏ وإلا فإن الإخوان يرفضون تلك الإعانات‏.(‏ المصدر السابق ص‏34‏ إلي ص‏40).‏
ومع قرار الحل الأول لجماعة الإخوان المسلمين‏(1948)‏ وسقوط الشرعية القانونية عن الجماعة‏(‏ باعتبارها تخضع لوزارة الشئون الاجتماعية‏)‏ وبالتالي التعامل معها ككيان غير قانوني‏,‏ وتحولها أي جماعة الإخوان إلي تنظيم سري‏,‏ بدأ الحرص علي سرية أوضاع الجماعة التنظيمية والمالية بشكل مطلق‏,‏ ثم جاء الصدام والمحنة الثانية في العهد الناصري‏(1954)‏ والذي أسفرر عن قرار حل الجماعة ومصادرة جميع ممتلكاتها وأصولها‏,‏ ليدفع جماعة الإخوان باتجاه مزيد من السرية والغموض في جميع مجالات حركتها ونشاطها خاصة ما تعلق منها بالعضوية والموارد المالية للجماعة‏.‏
وشهدت مرحلتا الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي هروب وفرار قيادات وكوادر أساسية من جماعة الإخوان إلي بعض بلدان أوربا والدول العربية‏(‏ وبشكل خاص السعودية ودول الخليج‏)‏ ومكنت التسهيلات والمساعدات التي منحتها لهم هذه الدول‏(‏ خاصة السعودية‏)‏ علي خلفية العداء والمواجهة مع النظام الناصري من تكوين ثروات مالية ضخمة‏,‏ انعكس أثرها الإيجابي علي حركة ونشاط الإخوان عندما توافرت الظروف المواتية في بداية السبعينيات عند تولي الرئيس الراحل أنور السادات الحكم‏,‏ وشهدت السنوات‏(1971‏ إلي منتصف السبعينيات‏)‏ حالة من التفاهم وحرية الحركة والنشاط الدعوي والسياسي والاقتصادي للجماعة‏,‏ عزز منها اتجاه السادات إلي الأخذ بمفاهيم الاقتصاد الحر‏(‏ الانفتاح الاقتصادي‏)‏ وتشجيع القطاع الخاص علي الاستثمار في مصر والتسهيلات التي حصل عليها أصحاب رؤوس الأموال‏(‏ من مصريين وعرب وأجانب‏)‏ لدعم تجربة التحول من الاقتصاد الموجه إلي اقتصاد السوق‏..‏ هذا المناخ أحسنت الجماعة استثماره ماليا بواسطة رجال الأعمال المنتمين للإخوان‏,‏ أو أولئك المتعاطفين معها في توفير وتدبير أرصدة مالية ضخمة‏,‏ بذات القدر الذي أحسنت فيه الجماعة استثماره حركيا وتنظيميا لزيادة نفوذها وتنمية مواردها البشرية‏.‏
وإن ظلت مالية الجماعة لأسباب استمرار عدم شرعيتها القانونية محاطة بدرجة عالية من الغموض والسرية‏,‏ وبقيت الأوضاع المالية للإخوان ومصادر التمويل وحجم الأموال وأساليب إنفاقها في يد عدد محدود من أهل الثقة من قيادات الإخوان‏,‏ لا تزيد بحال من الأحوال علي أصابع اليد الواحدة‏.‏ ونواصل‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.