سعر الذهب في مصر اليوم الأربعاء 20-8-2025 مع بداية التعاملات    الرهائن ال20 والإعمار، ويتكوف يكشف وصفة إنهاء حرب غزة    شهداء وجرحى جراء في غارات إسرائيلية متواصلة على خان يونس    "تفوق أبيض وزيزو الهداف".. تاريخ مواجهات الزمالك ومودرن سبورت قبل مباراة الدوري    نجم الزمالك ينعى محمد الشناوي في وفاة والده    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك ومودرن سبورت بالدوري    البيت الأبيض يُطلق حسابًا رسميًا على "تيك توك".. وترامب: "أنا صوتكم لقد عدنا يا أمريكا"    أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 20-8-2025 في بورصة الدواجن.. ثمن الدجاجة والكتكوت الأبيض    د.حماد عبدالله يكتب: كفانا غطرسة.. وغباء !!    صعبة وربنا يمنحني القوة، كاظم الساهر يعلن مفاجآت للجمهور قبل حفله بالسعودية (فيديو)    حمزة نمرة عن أحمد عدوية: أستاذي وبروفايل مصري زي الدهب»    لأول مرة .. برج المملكة يحمل أفيش فيلم درويش    المناعة الذاتية بوابة الشغف والتوازن    تبكير موعد استدعاء 60 ألف جندي احتياطي إسرائيلي لاحتلال غزة    محاكمة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان اليوم    31 مليون جنيه مصري.. سعر ومواصفات ساعة صلاح في حفل الأفضل بالدوري الإنجليزي    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    مجلس القضاء الأعلى يقر الجزء الأول من الحركة القضائية    10 صور ترصد استعدادات قرية السلامية بقنا للاحتفال بمولد العذراء    6 رسائل مهمة من مدبولي أمام مجلس الأعمال المصري الياباني بطوكيو    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 ونتيجة تقليل الاغتراب (رابط)    تنسيق الثانوية العامة 2025.. كليات المرحلة الثالثة من 50% أدبي    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    خلال بحثه عن طعام لطفلته.. استشهاد محمد شعلان لاعب منتخب السلة الفلسطيني    بعد موافقة حماس على وقف اطلاق النار .. تصعيد صهيوني فى قطاع غزة ومنظمة العفو تتهم الاحتلال يتنفيذ سياسة تجويع متعمد    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    حسام المندوه: بيع «وحدت أكتوبر» قانوني.. والأرض تحدد مصير النادي    نبيل الكوكي: التعادل أمام بيراميدز نتيجة مقبولة.. والروح القتالية سر عودة المصري    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    ترامب يترقب لقاء بوتين وزيلينسكي: «أريد أن أرى ما سيحدث»    جولة ميدانية لنائب محافظ قنا لمتابعة انتظام عمل الوحدات الصحية    في أقل من 6 ساعات، مباحث الغربية تضبط سائق شاحنة دهس طفلا وهرب بقرية الناصرية    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    المقاولون يهنئ محمد صلاح بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب فى الدوري الإنجليزي    أحمد العجوز: لن نصمت عن الأخطاء التحكيمية التي أضرتنا    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    مصرع والد محمد الشناوي .. القصة الكاملة من طريق الواحات إلى كفر الشيخ    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعض الجوانب القانونية لانفصال جنوب السودان

ذكرنا في الجزء الأول من هذا المقال ان انفصال الجنوب سيثير مسائل صعبة‏,‏ ومن هذه المسائل خلافة الدول في الجنسية والممتلكات والمحفوظات والديون
والمعاهدات وعضوية المنظمات الدولية‏,‏ والحقوق الخاصة والمكتسبة‏,‏ وقد عرضنا في الجزءالأول لمسألة الجنسية‏,‏ وسنبدأ في مستهل هذا الفصل بتناول مسائل الخلافة في ممتلكات الدولة السلف‏Property‏ ومحفوظاتها‏Archives‏ ودينها العام‏StateDebt‏ وفي هذا السياق نعيد ما سبق أن قلناه من ان الأساس في مسائل خلافة الدول هو التفاوض بين الدول المعنية بالخلافة للوصول إلي تسوية منصفة للمسائل التي تطرحها مسائل الخلافة‏.‏
ولها ان تستصحب في ذلك ممارسات الدول والمنظمات الدولية والقانون الدولي العرفي والاتفاقيات الدولية ذات الصلة‏.‏
‏2‏ الخلافة في ممتلكات‏Property‏ الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏
بموجب المادة‏8‏ من اتفاقية عام‏1983‏ بشأن خلافة الدول في الممتلكات والمحفوظات والديون‏(‏ من بعد اتفاقية عام‏1983)‏ فإن ممتلكات الدولة السلف تعني الممتلكات والحقوق‏Rights‏ والمنافع‏Interests‏ التي تكون في تاريخ خلافة الدول ووفقا للقانون الداخلي للدولة السلف‏,‏ ملكا لتلك الدولة‏.‏
أهم ما يلاحظ في هذه المادة انها احالت للقانون الداخلي للدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ تحديد ما يعتبر ملكا لها‏,‏ وفي تعليقها علي مشروع المادة‏8‏ قالت لجنة القانون الدولي ان التعبير ممتلكات وحقوق ومنافع يعني الحقوق والمنافع ذات الطبيعة القانونية فقط‏.‏
ومن الأحكام العامة التي وردت في الاتفاقية ان انتقال ممتلكات الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ إلي الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ يكون بلا تعويض إلا إذا اتفق علي خلاف ذلك المادة‏11‏ كما أن الاتفاقية تلزم الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ بأن تتخذ جميع الإجراءات لمنع التلف او الضرر للممتلكات التي تنتقل إلي الدولة الخلف‏(‏ المادة‏13).‏
طبقا للمادة‏(a)17/1‏ من الاتفاقية فإن الممتلكات غير المنقولة‏immovableproperty‏ للدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ وموجودة في إقليم الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ تنتقل إلي تلك الدولة‏(‏ اي دولة الجنوب‏),‏ ويعتبر حكم هذه المادة تدوينا لعرف دولي ثابت في الرأي رقم‏14‏ أفتت مفوضية التحكيم الخاصة بيوجوسلافيا السابقة بان الممتلكات غير المنقولة الموجودة في اقليم الدولة الخلف تنتقل حصريا إلي تلك الدولة بغض النظر عن مصدر تمويل تلك الممتلكات او اي قروض او مساهمات قدمت من أجلها‏.‏
اما الممتلكات المنقولة فقد نصت المادة‏(b)17/1‏ علي أنه ما لم يتفق الطرفان علي خلاف ذلك‏,‏ فإن ممتلكات الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ المنقولة‏Movableproperty‏ المرتبطة بنشاط الدولة السلف في الإقليم موضوع الخلافة تنقل إلي الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏),‏ ولكن الفقر‏(c)1‏ من نفس المادة نصت علي ان ممتلكات الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ التي لم تذكر في الفقرة الفرعية‏(b)‏ تنتقل إلي الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ بنسبة منصفة‏,‏ يفهم من هذا ان ممتلكات الدولة السلف المنقولة‏(‏ دولة الشمال‏)‏ غير المرتبطة بنشاط الدولة السلف في الإقليم محل الخلافة‏,‏ كأن تكون خارج الإقليم محل الخلافة مثلا تنقل بنسبة منصفة إلي الدولة الخلف‏,‏ وقد اعتبرت هذه الفقرة الفرعية مثيرة للجدل لانها عدلت مبدأ الإقليمية‏TerritorialPrinciple‏ السائد في الخلافة في ممتلكات الدول‏.‏
لم يرد في اتفاقية عام‏1983‏ نص يحكم ممتلكات الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ غير المنقولة الموجودة خارج إقليم الدولتين السلف والخلف‏,‏ يبدو أن الممارسة تفترض ان هذه الممتلكات تظل مع الدولة السلف‏,‏ ولكن الأمر يختلف في حالة تفكك الدولة السلف او زوالها‏,‏ فقد نصت‏(b)18/1‏ علي أن مثل هذه الممتلكات تؤول للدول الخلف بنسب منصفة وقد حدث هذا في حالة تفكك يوجسلافيا السابقة فبمقتضي المادة‏2‏ من الملحق‏B‏ لاتفاقية مسائل الخلافة المتعلقة بيوجسلافيا السابقة المبرمة في‏29‏ يونيو‏2001‏ اتفق في إطار ترتيبات معينة علي توزيع المقار الدبلوماسية والقنصلية ليوجوسلافيا السابقة في الخارج بين الدول الخمس الخلف‏.‏
‏3‏ الخلافة في محفوظات‏Archives‏ الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏
عرفت اتفاقية عام‏1983‏ في المادة‏20‏ محفوظات الدولة السلف بأنها كل الوثائق من اي نوع او تاريخ التي انتجتها الدولة السلف او تلقتها في ممارستها لمهامها وتكون في تاريخ خلافة الدول مملوكة لها بموجب قانونها الداخلي ومحفوظة من قبلها مباشرة أو تحت سيطرتها كمحفوظات لأي غرض كان‏.‏
ويكون انتقال المحفوظات للدولة الخلف بلا تعويض‏,‏ إلا إذا اتفقت الدول المعنية علي خلاف ذلك أو قررته هيئة دولية مناسبة‏(‏ المادة‏23),‏ والدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ ملزمة بأن تتخذ جميع الاجراءات لمنع الضرر او التلف للمحفوظات المنقولة للدولة الخلف‏(‏ المادة‏26)‏ ويترتب علي انتقال المحفوظات انقضاء حقوق الدولة السلف فيها ونشوء حقوق الدولة الخلف‏(‏ المادة‏21).‏
تشمل المحفوظات التي تنتقل من الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ إلي الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏),‏ ضمن أمور أخري مايلي‏:‏
‏**‏ ذلك الجزء من محفوظات الدولة السلف الذي يجب ان يكون تحت تصرف الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ لغرض الإدارة العادية للإقليم موضوع الخلافة‏.‏
ذلك الجزء من محفوظات الدولة السلف الذي يخص حصريا او بصفة رئيسية الإقليم موضوع الخلافة‏.‏
‏**‏ المحفوظات التي توفر للدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ افضل الأدلة المتاحة التي تتصل بسند حقها‏title‏ في الإقليم المنقول وحدوده‏.‏
‏**‏ اي نسخ مناسبة من المحفوظات المرتبطة بمصالح الإقليم المنقول التي تطلبها الدولة الخلف ويكون ذلك علي نفقتها‏(‏ المادة‏27).‏
‏4‏ الخلافة في الدين العام‏StateDebt‏ للدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏
يعني دين الدولة وفقا للمادة‏33‏ من اتفاقية عام‏1983‏ اي التزام مالي لدولة سلف ينشأ وفقا للقانون الدولي تجاه دولة أخري او منظمة دولية أو اي شخص آخر من أشخاص القانون الدولي‏,‏ وبمقتضي المادة‏36‏ فإن خلافة الدول لا تؤثر علي حقوق والتزامات الدائنين‏.‏
يقسم القانون الدولي الديون إلي ثلاث فئات وهي‏:‏ دين تقترضه الحكومة الوطنية او المركزية للدولة للصالح العام ويعرف بالدين الوطني‏NationonalDebt‏ ودين تقترضه الحكومة الوطنية لمشروع محدد في منطقة جغرافية معينة ويعرف بالدين الإقليمي‏TerritorialDebt‏ أو‏LocalizedDeb‏ ودين تقترضه سلطة محلية او كيان محلي يتمتع باستقلال مالي ويعرف بالدين المحلي‏LocalDebt‏ وفقا للقانون الدولي العرفي وتطبيقا لمبدأ الإقليمية
‏TerritorialPrinciple‏ فإن الدينيين الإقليمي والمحلي ينتقلان إلي الدولة الخلف‏.‏
بمطالعة ممارسة البنك الدولي في خلافة الدول في حالتي انفصال‏,‏ نجد انه قد فرق بين الدين الوطن‏DebtNational‏ والدين الإقليمي
‏DebtTerritorial‏ فعند انفصال سنغافورة من اتحاد ماليزيا في عام‏1965,‏ تحملت سنغافورة التزامات ناشئة من اتفاقية ضمان ابرمها اتحاد ماليزيا مع البنك الدولي بشأن قرض تمويل مشروع مياه في سنغافورة وبذلك اخليت ماليزيا من اي التزامات بمقتضي اتفاقية الضمان‏.‏
وعندما انفصلت بنجلاديش عن باكستان في عام‏1971,‏ اقنع البنك الدولي بنجلاديش بتحمل التزامات قروض لتمويل مشاريع واقعة كلية في إقليم بنجلاديش‏,‏ ولكن البنك لم يوفق في اقناع بنجلاديش بقبول حسابه لحصة باكستان المنصفة في الدين الوطني لفترة ما قبل الانفصال‏,‏ لذلك ابلغ البنك باكستان بانه سيستمر في اعتبارها مسئولة عن كل الدين الوطني‏,‏ وقد قبلت باكستان هذا الترتيب‏.‏
وحتي يكون القاريء علي بينة من الأمر‏,‏ نورد هنا انه وفقا لتقرير اعدته لجنة ثلاثية من بنك السودان ووزارة المالية وصندوق النقد الدولي‏,‏ فإن دين السودان الخارجي قد بلغ حتي‏31‏ ديسمبر‏2009‏ م‏,35‏ مليارا و‏687‏ مليون دولار امريكي‏,‏ علما بأن اصل الدين هو‏15‏ مليارا و‏407‏ ملايين دولار واما باقي المبلغ فهو عبارة عن فوائد وجزاءات‏,‏ ويعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المقرضين الاساسيين للسودان ضمن المقرضين الدوليين‏.‏
أفردت اتفاقية عام‏1983‏ المادة‏40‏ لمسألة الخلافة في ديون الدولة في حالة الانفصال‏,‏ فقد نصت علي انه عندما ينفصل جزء من إقليم دولة ويكون دولة فإنه مالم يتفق الطرفان المعنيان علي خلاف ذلك‏,‏ ينتقل دين الدولة السلف إلي الدولة الخلف بنسبة منصفة مع الأخذ في الاعتبار بوجه خاص الممتلكات والحقوق والمنافع التي تنتقل إلي الدولة الخلف بالنسبة لدين الدولة‏.‏
نلاحظ في هذه المادة انه لحساب النسبة المنصفة من الدين التي تنتقل للدول الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ هناك تركيز علي التناسب بين دين الدولة السلف والأصول‏Assets‏ التي تنقل إلي الدولة الخلف‏,‏ ونجد توضيحا للطريقة التي صيغت بها المادة‏40‏ في تعليق لجنة القانون الدولي علي مشروع المادة‏35(2)‏ المشابهة للمادة‏40‏ وتتعلق بانتقال الديون في حالة انتقال جزء من إقليم دولة إلي دولة أخري‏,‏ فقد قالت اللجنة ان المادة‏35‏ قد ضيغت بطريقة تغطي كل ديون الدولة سواء كانت عامة أو اقليمية
‏Localized‏ وأضافت انه يمكن ان يري بيسر في الفقرة‏2‏ ان الديون الإقليمية‏Localized‏ ستنتقل إلي الدولة الخلف بنسبة منصفة مع الأخذ في الاعتبار الممتلكات والحقوق والمنافع التي تنقل إلي الدولة الخلف بالنسبة لديون الدولة الإقليمية‏.‏
‏5‏ الخلافة في عضوية المنظمات الدولية في حالة الانفصال
إن العضوية في المنظمات الدولية لا يمكن اكتسابها بالخلافة في حالة الانفصال مادامت الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ لاتزال قائمة وتتمتع بشخصيتها الدولية‏,‏ لذا فإنه يتعين علي الإقليم المنفصل الجنوب مثلا إذا تم الانفصال ان يتقدم بطلب عضوية المنظمة المعنية‏,‏ وقد حددت الأمم المتحدة موقفها من هذه المسألة منذ عام‏1947‏ عندما رفضت ادعاء باكستان بانها خلف مشارك‏CoSuccessor‏ للهند وتستحق عضوية الأمم المتحدة تلقائيا وقررت ان باكستان دولة جديدة وينبغي عليها التقدم بطلب عضوية‏.‏
ابان الازمنة اليوجوسلافية ثار جدل حول ما إذا كان قد حدث يعد انفصالا او تفككا اذا ادعت جمهورية يوجوسلافيا الاتحادية‏(‏ صربيا والجبل الأسود‏)‏ ان الجمهوريات التي أعلنت استقلالها قد انفصلت عن الاتحاد‏,‏ وانها هي اي جمهورية يوجوسلافيا الاتحادية لدولة الخلف لاتحاد الجمهوريات اليوجوسلافية الاشتراكية‏,‏ ولكن مفوضية التحكيم افتت في الرأي رقم‏(1)‏ بان الاتحاد يمر بمرحلة تفكك‏,‏ وفي الرأي رقم‏(8)‏ افتت بان عملية التفكك قد اكتملت وان اتحاد الجمهوريات اليوجوسلافية الاشتراكية لم تعد له شخصية قانونية الأمر الذي يرتب نتائج خطيرة في القانون الدولي وافتت في الرأي رقم‏(10)‏ بان جمهورية يوجوسلافيا الاتحادية دولة جديدة وليست مواصلة ليوجوسلافيا السابقة‏.‏
وبالقرار رقم‏777‏ بتاريخ‏19‏ سبتمبر‏1992‏ قرر مجلس الأمن ان جمهورية يوغسلافيا الاتحادية‏(‏ صريبا والجبل الأسود‏)‏ لا يمكن ان تواصل بطريقة تلقائية عضوية يوجوسلافيا السابقة في الأمم المتحدة‏,‏ واوصي المجلس بان تقرر الجمعية العامة انه علي جمهورية يوجوسلافيا الاتحادية ان تتقدم بطلب للعضوية في الأمم المتحدة والا تشارك في أعمال الجمعية العامة‏.‏
إذن فإن الدولة التي قد تنشأ في إقليم جنوب السودان ستعتبر دولة جديدة وبهذه الصفة يتعين عليها ان تتقدم بطلب عضوية‏.‏
ويبدو من ممارسات البنك الدولي ان الدولة التي تفقد جزءا من اقليمها بالانفصال لا تفقد عضويتها في البنك او حقها في الحصص التي اكتتبت فيها‏.‏
وبالمقابل فإن علي الإقليم المنفصل ان يتقدم بطلب عضوية‏,‏ وعند قبوله يكتتب في حصص البنك غير المخصصة‏,‏ حدث هذا في حالة انفصال باكستان وسنغافورة وبنجلاديش‏,‏ وتجري نفس الممارسة في صندوق النقد الدولي‏.‏
في ضوء ما تقدم فإن عضوية السودان في البنك وفي الصندوق وكذلك اكتتاباته لن تتأثر بانفصال الجنوب وسيكون بمقدور الجنوب الحصول علي عضوية البنك الدولي والصندوق عبر الاجراءات العادية ويكتتب في حصص المؤسستين غير المخصصة‏.‏
‏6‏ الخلافة في معاهدات الدولة السلف
‏(1)‏ ان مفاوضات شريكي نيفاشا بشأن الخلافة في المعاهدات التي ابرمتها الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ لابد لها أن تسترشد باتفاقية فيينا لخلافة الدول في المعاهدات لعام‏1978,‏ وما استقر من قواعد القانون الدولي العرفي‏,‏ وممارسات دول شرق ووسط أوروبا خلال العقدين السابقين‏.‏
‏(2)‏ ان معاهدة عام‏1978‏ لم تدخل حيز النفاذ إلا في عام‏1996‏ ولعدد قليل من الدول‏,‏ ولن تكون واجبة التطبيق الا علي خلافة الدول التي تنشأ بعد بدء نفاذها‏.‏
‏(3)‏ ان معاهدة عام‏1978‏ لا تعكس القانون الدولي العرفي‏,‏ فغالب احكامها يندرج تحت باب التطوير المطرد للقانون الدولي
‏ProgressiveDevelopment‏ فهي لا تجسد القانون الدولي العرفي إلا في حالات محددة اهمها حالة الخلافة في نظم الحدود‏(‏ المادة‏11)‏ والنظم الإقليمية الأخري مثل حقوق المياه والملاحة في الأنهار‏(‏ المادة‏12)‏ ومعلوم ان هذه النظم تدمغ الإقليم بوضع دائم لا يتأثر بالتغييرات التي تطرأ علي شخصية الدولية التي تمارس السيادة علي الإقليم‏.‏
‏(4)‏ اخذت اتفاقية عام‏1978‏ بمبدأ الصحيفة البيضاء‏Cleanslate‏ في حالة الدولة التي استقلت حديثا وعرفتها بأنها دولة خلف كان إقليمها قبل تاريخ الخلافة مباشرة إقليما تابعا تتولي الدولة السلف مسئولية علاقاته الدولية ومؤدي نظرية الصحيفة البيضاء ان الدولة حديثة الاستقلال‏(‏ الدولة الخلف‏)‏ غير ملزمة بالمعاهدات التي ابرمتها الدولة السلف‏,‏ ولم تستثن معاهدة عام‏1978,‏ من ذلك سوي معاهدات الحدود والمعاهدات المنشئة لنظم اقليمية اخري كما سبقت الإشارة‏,‏ وحري بالذكر ان سنغافورة عندما انفصلت من اتحاد ماليزيا في عام‏1965‏ اختارت أن تتصرف كدولة حديثة الاستقلال مع انها لم تكن كذلك‏,‏ إذا اعلنت انها غير ملزمة بالالتزامات التعاهدية للدولة السلف إلا إذا وافقت هي عليها‏.‏
‏(5)‏ إن قاعدة الخلافة التلقائية‏AutomaticSuccession‏ ليست من قواعد القانون الدولي العرفي‏,‏ ولم تقطع محكمة العدل الدولية برأي حول هذا الموضوع في قضيتين نظرتهما مؤخرا‏,‏ غير أن المادة‏34‏ من اتفاقية عام‏1978‏ اخذت بقاعدة الخلافة التلقائية في حالة انفصال اجزاء من دولة وظلت الدولة السلف قائمة‏,‏ بموجب هذه المادة فإن معاهدات الدولة السلف تظل تلقائيا نافذة علي الدولة الخلف إلا إذا اتفقت الدول المعنية علي غير ذلك‏,‏ او ظهر من المعاهدة بأن تطبيقها علي الدولة الخلف يتنافي مع موضوع المعاهدة وغرضها‏,‏ او يحدث تغييرا جذريا في ظروف تنفيذها‏.‏
‏(6)‏ ان الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ ستكون ملزمة بالاتفاقيات والصكوك التي تحدد نطاق اقليمها‏,‏ ولكنها لن تكون ملزمة بالاتفاقيات الشخصية او السياسية التي ابرمتها دولة الشمال وهي الاتفاقيات التي يكون موضوعها مرتبطا ارتباط وثيقا بعلاقات الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ بدولة اودول اخري ومن امثلة ذلك اتفاقيات الصداقة او التحالف او الدفاع‏.‏
‏(7)‏ في حالة الاتفاقيات الثنائية نري انه من الأصوات ان تبرم الدولتان السلف والخلف‏(‏ الشمال والجنوب‏)‏ اتفاقية ايلولة‏DevolutionAgreement‏ لنقل الحقوق والالتزامات المنصوص عليها في هذه الاتفاقيات من الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ إلي الدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏),‏ وهذه الاتفاقية لا تلزم الدول الأخري أي الاطراف الثلاثة في الاتفاقيات مع الدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏),‏ ولكن تكمن اهميتها في أنها تبرز التوجه العام لدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ إزاء اتفاقيات الدولة السلف‏,‏ بعد ذلك يكون من الميسور للدولة الخلف‏(‏ دولة الجنوب‏)‏ ان تدخل في ترتيبات خلافة معاهدات مع الأطراف الثلاثة‏.‏
‏(8)‏ لا توجد خلافة تلقائية في المعاهدات متعددة الاطراف‏,‏ فالدولة الخلف مثل دولة الجنوب تستطيع الانضمام لها باشعارات تقدم وفقا للأصول المرعية للمنظمة او الدولة الوديع للاتفاقية اوالاتفاقيات‏,‏ ولكن هناك نفرا من الشراح يري ان الخلافة تكون تلقائية في حالة الاتفاقيات الشارعة مثل اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات القانون الدولي الانساني‏.‏
بينما يري نفر اخر ان الزامية الحقوق والحريات التي كفلتها هذه الاتفاقيات يعود إلي ان احكامها قد أصحبت عرفا دوليا‏,‏ أو حقوقا مكتسبة لسكان الاقليم محل الخلافة وليس إلي خلافة تلقائية في المعاهدات‏.‏
في الجزء الثالث والأخير من هذه الحلقات سنتاول مسألة الخلافة في اتفاقيتي مياه النيل لعامي‏1929‏ و‏1959‏ ونبدي بعض الملاحظات الختامية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.