قسوة الأيام و إحساسى بالوحدة أحاطانى بسياج من اليأس والهزيمة فبعد أن كنت أعيش ذروة السعادة مع من أحب ها هو قد رحل عنى تاركا نيران الفرقة تشتعل فى قلبى بدونه. رحل بطلا واهبا حياته من أجل مصر فى أحداث ثورة 25 يناير، ولكنه لم يرحل من قلبى فهو مازال ينبض بداخلى يمتلئ صدرى بأنفاسه أعلم أن هذا قدرى فنحن نولد بصرخة ونرحل أيضا بصرخة وما بين الصرختين نهرب من الصراخ أو نكتمه. و لكن ماذا أفعل مع واقع مؤلم يحاصرنى من أكثر من ثلاث سنوات فأنا فى عرف المجتمع أرملة صغيرة تعيش ما بين الأطماع و نصائح الأهل والمقربين بالزواج والستر، ولكن أحدا لا يعلم أن قلبى رحل عنى مع زوجى الراحل إلى الغائب الحاضر أكتب لمن رافقنى حياتى واختفى فجأة. مرت الأيام وكأنها الدهر بعدك مثقلة بالأحزان والآلام وأنت غائب بجسدك لكنك حاضر بروحك. أراك فى نظرة ابنتك الكبرى وابتسامة الصغرى وصوت ابنك فهم الذكرى الخالدة التى تركتها لى . هم من حملوا وسام شرف استشهادك وهم بسمة الأمل للحاضر والمستقبل. تركتهم ورحلت رغم الوعد والعهد الذى كان بيننا أن نكمل المشوار سويا. هل تتذكر أننا وهبنا حياتنا من أجلهم. أخللت بوعدك معى ولكنك ذهبت إلى من هو أفضل منى ومن أولادك. حينما طلب منك الرحيل استجبت إليه. ومن منا لا يستجيب لهذا النداء؟ الواقع أنك رحلت وبقيت أنا أتجرع آلام الفراق بعدك ورغم أن المسئولية كانت على عاتقى كبيرة إلا أن الله عز وجل غمرنى برحمته وتضاعفت قوتى وإرادتى على تحمل المسئولية وها هى اليوم ابنتك الكبرى بالصف الثالث الثانوى وستمر الأيام وستلحق بالجامعة وسوف تكون معى فى هذا اليوم ولسوف تغمرك السعادة بابنتك التى كبرت. ولكنه أيضا سيكون يوما أليما لى ولها لعدم وجودك وأجدنى أتساءل من سيتقدم بأوراق التحاقها غيرك وأرانى أنظر إلى ابنتنا وهى حائرة بين نظرة وأخرى لزميلاتها وكل واحدة فيهن إلى جوارها أبوها، أما هى فأين أبوها ؟. ماذا أقول لها عندما تسألنى؟. هل أنا بديلة عنك؟ لا والله ولن أكون فكل منا له دوره ولكن شاء القدر وما قدر الله فعل أما أنا فما بقى منى غير حطام ذكريات أعيش على وقع الماضى فيها انتظارا للقائك. إن من حولى لا يدركون هذه الحقيقة و يمارسون ضغوطا شديدة على لكى أتزوج، و لكن من أين لهم أن يأتونى برجل مثلك، و هل تعود الحياة لقلب مات مع من يحب؟ م ن القاهرة ترفقى بنفسك سيدتى فما يمارسه عليك الأهل من ضغوط ليس إلا حبا لك و رغبة فى سعادتك فاعذريهم لخوفهم عليك فأنت كما فهمت مازلت صغيرة. رائع ذلك الإحساس الدائم بالحب فى قلبك لرجل رحل بجسده لكنه لم يرحل عن قلبك و لكن أترين كيف هم أبناؤك ينظرون إلى روح أبيهم وكيف كانت مصر الأم والوطن أغلى من كل شيء حتى هانت لوعة الفراق فى قلوب بريئة أدماها اليتم وعلت مصر فى قلبك أنت على الشوق للحبيب الغائب، لذلك لابد و أن تترفقى بروحك القلقة واعلمى أن زوجك لم يمت كما قال المولى عز وجل فى محكم آياته "ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " صدق الله العظيم وبالتالى فهو يعيش بيننا ويرى الدنيا وهى تتغير بنا و لنا. يفرح معك لنجاح الأولاد ويشاركك السعادة بهم. أما أمر زواجك من عدمه فهذا يرجع لك فهذا حق إنسانى كفله الله لك لكن عليك أن تدركى أن حصولك على هذا الحق لا يتناقض أبدا مع فكرة الوفاء للحبيب الر احل فهو بات خارج الدنيا فى معية خالقه حيث لا احتياج و لا رغبة. أما أنت ففى الدنيا بكل ما تعنى من آليات الحاجة والرغبة ومكابدة المعيشة ولك أن تتخيرى أى الطرق تسلكين، ولو كان بمفردك تيقنى من قدرتك على التحمل و إلا كان حتما أن يكون لك فى الطريق شريك تستندين إليه.
E.M : Khaled_el [email protected] للمراسلة : القاهرة - شارع الجلاء رقم بريدى 11511 الاهرام المسائى - فاكس 25791761 - تليفون : 0227703100 - 01229320261