حصلت الحكومة والأجهزة الأمنية البريطانية علي كل ماتريد. فبعد الدعم المالي الذي أقر رغم الأزمة الاقتصادية وضغط الإنفاق المستمر, صدق البرلمان علي قانون جديد يعطيها صلاحيات غير مسبوقة قالت إنه بدونها لن تتمكن من مكافحة التطرف الفكري والإرهاب. انتهت, إذن, معركة التمكين في مواجهة جماعات ودعاة حقوق الإنسان من المسلمين وغير المسلمين, لتجد تريزا ماي وزيرة الداخلية البريطانية, التي قادت المعركة في البرلمان حتي أقر يوم12 فبراير قانون مكافحة الإرهاب والأمن لعام2015, نفسها ورجالها أمام اختبار صعب: مواجهة مناخ يمطر كراهية وتحريضا, والانتصار في مجابهة التطرف والإرهاب والعنف بكل أشكاله وأيا يكن مصدره أو ممارسه. تقول الوزيرة أدرك عبر اجتماعات أخيرة مع قادة الجاليات المسلمة وغير المسلمة الأخري أن الهجمات الإرهابية المروعة في باريس تركت لدي الكثير من الناس( في بريطانيا) شعورا بأنهم معرضون للخطر وبالخوف.... إن مهمتي الأساسية كوزيرة للداخلية هي حماية سلامة كل شخص في المملكة المتحدة, من كل الخلفيات, وأنا ملتزمة بالتعامل مع التطرف من كل أشكاله. ورغم هذا التعهد من جانب الوزيرة والكثير غيرها من المسئولين بكافة مستوياتهم, فإن السلوك السياسي سار في اتجاه آخر يعكس تمييزا بين الفئات الأولي بالرعاية والحماية, كما يشكو المسلمون. فوزيرة الداخلية شاركت, برفقة عدد من السياسيين وقادة الشرطة وعمدة لندن, في حفل تأبين القتلي اليهود في هجمات باريس الإرهابية, ووصفوا اليهود بأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع البريطاني الذي يقدر إسهاماتهم الهائلة اليوم وغدا. وزيادة في التأكيد علي حماية اليهود في بريطانيا, رفعت الوزيرة ومرافقوها لافتات ضخمة كتب عليها أنا يهودي. لم يكن هذا الدعم اللامحدود ليهود بريطانيا نتيجة مقتل بعض اليهود في باريس فقط, بل هو رد صارم علي ارتفاع معدلات الاعتداءات علي اليهود ومؤسساتهم وممتلكاتهم, في بريطانيا. ففي عام2014, سجلت1168 من هذه الاعتداءات, التي تصف بمعاداة السامية, من بينها81 حالة اعتداء عنيف, و27 حالة ثبت أن مرتكبها أفراد ينتمون لجماعات يمينية متطرفة في بريطانيا. واعتبرت هذه الأرقام غير مسبوقة خلال العقود الثلاثة الماضية, وأرجع السبب الرئيسي إلي عدوان إسرائيل الأخير علي غزة الذي أيدته المنظمات اليهودية في بريطانيا, وما رافقه من صور مروعة لجثث الفلسطينيين ومنازلهم المدمرة وأطفالهم المشردين, ومستشفياتهم المهدمة. غير أنه, في الوقت ذاته, سجلت734 حالة اعتداء علي المسلمين, بينهم36 حالة عنيف جسيمة, وسببها الرئيسي جرائم ارتكبتها في بريطانيا, وغيرها, فئة ضئيلة من المسلمين تلفظها, علنا وبصوت عال, الغالبية العظمي من المسلمين ومنظماتهم ومساجدهم في بريطانيا. وفي العاصمة لندن, التي يسكنها معظم اليهود والمسلمون البريطانيين, سجلت الشرطة358 جريمة ضد اليهود, بينما بلغت جرائم العداء للمسلمين611 حالة خلال عامي2013 و.2014 زعيم المعارضة البريطانية إيد ميليباند ترجم هذه الأرقام إلي تحذير من خوف حقيقي ينتاب الأسر اليهودية والمسلمة من تزايد التعصب ليس في بريطانيا فقط بل في أوروبا كلها. نصيحة ميليباند, الذي ربما يصبح رئيسا لحكومة بريطانيا بعد انتخابات السابع من مايو المقبل, هي أن الاعتراف بالمشكلة ليس كافيا. بل ب العمل علي بناء مجتمعات أقوي لا توفر مكانا تختبئ فيه الأيدولوجيات العنيفة التي تهددنا جميعا. وهذا هو أحد تجليات الاختيار التي تواجهه الحكومة البريطانية. ورغم أنهم جزء من المجتمع البريطاني ويشكلون4.8 في المائة من الشعب البريطاني ويستحقون الدعم الصريح, فإن المسلمين لا يتوقع من المسئولين البريطانيين أن يرفعوا لافتات تقول أنا مسلم, كما فعل الوزراء والسياسيون البريطانيون دعما لليهود, الذين يشكلون0.50( نصف من واحد) في المائة من البريطانيين. فهم يريدون إجراءات حاسمة وتحركات لدعم المسلمين في مواجهة مختلف أشكال الكراهية والتطرف العنصري والتجاهل. ومن أمثلة هذه الاشكال: مظاهرات يمينية محرضة علي المسلمين, كتلك التي سوف ينظمها فرع منظمة بيجيدا أكثر من60% من البريطانيين قلقون من زيادة عدد المسلمين الذين ولد47% منهم( حوالي مليون وربع مليون) في بريطانيا,5.1% من المسلمين يعانون التشرد, بينما لا تتجاوز النسبة بين البريطانيين.2%,21.3 من المسلمين لم يعملوا أبدا في حياتهم, بينما لا تتجاوز النسبة بين البريطانيين.4%,29% فقط من المسلمات بين سن16 و24 عاما لديهن فرص عمل مقابل50% علي المستوي الوطني. رسالة لندن: مروان سلطان