الأخلاق أهم الأسس التى تقوم عليها الحياة البشرية، والتى تعمل على ضبط سلوك الإنسان وتنظيمه، ويختص الإنسان عن سائر الكائنات الأخرى بحمل أمانة القيم الأخلاقية، التى تسمو به فوق المستوى المادى البحت. وتنادى جميع الأديان بالتحلى بفضائل الأخلاق، وتنظيم العلاقات بين البشر، بل وعلاقة الإنسان بنفسه، ويتميز الإنسان المتحضر بالسلوك الراقى الذى تعود أصوله إلى بنائه الأخلاقي. وفى الوقت الذى يرى فيه الكثيرون أن العلم التطبيقى وما يشتمل عليه من نظريات واكتشافات شرط ضرورى للتقدم المادي، فإن الأخلاق وما تحتويه من قيم فاضلة ومبادئ سامية لا تكون أساساً للتقدم الروحى فحسب، بل إنها ضرورة حتمية للرقى والتحضر البشرى بمختلف آفاقه. والأخلاق كلمة مرتبطة فى الواقع بالسلوك الإنسانى بصفة عامة، وهى كلمة تحمل فى مضمونها عادات وقيماً وأفعالاً معينة ينبغى للإنسان التحلى بها فى حياته. وقد احتلت التوجهات الأخلاقية مكانة سامية ومتقدمة فى الحضارة المصرية القديمة فى عصر بناة الأهرام، حيث ساد الاعتقاد بأن حق كل فرد فى التحلى بالأخلاق الفاضلة يمكن أن يقوم على أساس النهج والسلوك اللذين يعامل بهما أفراد أسرته، ومن التعاليم والنصائح التى تحث على الأخلاق إذا كنت تبحث عن أخلاق من تريد مصاحبته فلا تسألنه، ولكن اقترب منه، وكن معه منفرداً. وامتحن قلبه بالمحادثة، فإذا أفشى شيئاً قد رآه، وأتى أمراً يجعلك تخجل له، فعندئذ احذر حتى فى أن تجاوبه. كن صبوح الوجه ما دمت حياً. هكذا كان المصريون ومازالوا أمة لها ماضٍ وحاضر ومستقبل. واعتبرت الأخلاق غاية التربية فهى تبحث فى القيم الثلاثة الأساسية، وهى "الحق، والخير، والجمال" وعليه يجب أن تقوم التربية على أن الفضيلة علم والرذيلة جهل، وأن فهم طبيعة الخير شرط ضرورى لممارسة حياة الفضيلة، وأن الفرد لا يفعل الشر حباً فى الشر ذاته، ولكن قد يُخطئ التقدير فيُقبل على الشر ظناً منه بأنه الخير، وعندئذ يكون خطؤه الخلقى ناجماً عن جهل بطبيعة الخير. وتبعاً لذلك فإنه فى الإمكان تعلم الفضيلة مادامت الفضيلة هى المعرفة. إن العلم بمسائل الأخلاق جوهرى لممارسة حياة الفضيلة، وعلينا أن نعلم الأخلاق على أنها علم عملى يبحث فى أفعال الإنسان من حيث هو إنسان، ويهتم بتقرير ما ينبغى عمله وما ينبغى تجنبه، لتنظيم حياة المتعلمين وتدبيرها على أحسن وجه. إن الأخلاق نشاط إنسانى يختص به الإنسان ويتميز به بوصفه كائناً شخصياً يتمتع بنعمة العقل. وعلينا أن نعلم فى مدارسنا الأخلاق، فهناك شيئان يبعثان فى النفس الإعجاب والروعة: السماء المرصعة بالنجوم من فوقي، والقانون الخلقى فى باطني. إن العلوم جميعها أشبه بشجرة جذورها المعرفة، أما ثمارها فهى علم الأخلاق، فهى تساعد فى تشكيل حياة الإنسان واستقامتها، وتأثيرها واضح فى تنظيم سلوكه، ذلك أنه لوحظ فى المؤسسات التعليمية المختلفة فى دول كثيرة ارتفاع معدل الإحصاءات والبيانات، التى تعكس العديد من المآسى حول الجرائم والعنف المتنامى لدى الأطفال والشباب، وعدم الاحترام المتزايد للوالدين والمدرسين، لذلك فإنه من الضرورى تعليم الذكاء الأخلاقي. وهو القابلية لفهم الصواب من الخطأ، مما يعنى أن تكون لدينا قناعات أخلاقية صحيحة نسلك من خلالها، كالقابلية لإدراك الألم لدى الآخرين، وردع النفس عن تنفيذ الجرائم ، والسيطرة على الدوافع، والإنصات لجميع الأطراف قبل إصدار الأحكام، وتقبل الفروق وتقديرها، وتمييز الخيارات غير الأخلاقية، والوقوف فى وجه الظلم، ومعاملة الآخرين بحب واحترام.