عندما يكون أديب هنا, يتقمص سيناريو الزعماء الكبار في بلاط صاحبة الجلالة.وعندما يكون أديب هناك, يتقمص سيناريو صغار الخدم في بلاط أصحاب السمو من أمراء وكبراء.عميد الأدب العربي طه حسين كتب رواية رائعة, هي أديب تحكي التناقضات الصارخة والعنيفة التي تمزق الشاب أديب, بين قيم الحياة التي تعود عليها في مصر, وقيم أخري مختلفة أشد الاختلاف هناك في أوروبا, التي كان يزمع الانتقال إليها لطلب العلم. أراد أن يعيش هناك بحرية ويمشي علي حل شعره, فأراح نفسه, وطلق رفيقة دربه وزوجته وهي قريبته قبل أن يفارق مصر, ويصاحب ويرافق أوروبا. أديب, اليوم كما أنوي كتابتها, هي رواية جديدة, أو قل بالأحري هي سيناريو وليس رواية. أديب الجديد, أكثر انتهازية من أديب القديم, إنه لا يعنيه التمزق بين المتناقضات, كرشه واسع, يريد أن يجمع كل المتناقضات, ويعتصرها جميعا, ويحلبها جميعا, ويخدمها جميعا, ويخدم مصالحi الأنانية بالجمع بينها ولو في الحرام. أديب الجديد, يجيد التمثيل, يمشي حسب السيناريو, لا يرهقه الانتقال الحاد والعنيف, بين المشاهد والأدوار, يرحب بأن يمسح البلاط, ويلعق الأطباق, ويرتدي البراقع, ويجثو علي ركبتيه, ويحمل الإبريق, ويدور بالمباخر لتعطير العمائم, وتكفيه البواقي المنثورة علي الموائد... طبعا كل ذلك هناك. ثم ينقلب, إلي مشهد آخر, لا يمد يده, بل يرفع رأسه, زعيم بكل ما تعنيه الكلمة, يقلق علي مصائر الأمة, يحدد المخاطر الأربعة, يدق نواقيس الخطر. طبعا كل ذلك هنا. أديب, في بلاط الأمراء, يدعو بطول العمر للصغير والكبير, يهتف من كل قلبه طال عمرك طال. أديب, في بلاط صاحبة الجلالة, يشعل النار, يستعجل الأعمار, يتقدم صفوف الثوار. أديب سيناريو مكشوف يبحث عن منتج, ممثل فاشل يبحث عن دور, وأخيرا هو منتج مفلس ومديون يبحث عن مانح!