تتسارع الخطوات في اتجاه نهاية عام2010, وتتكاثر كذلك الأمنيات والأحلام التي أعتبرها تحديا شعبيا لكل المشكلات والمآزق التي عشناها وكبست علي أنفاسنا, فالقدرة علي الحلم في حد ذاتها دلالة واضحة علي الرغبة في الحياة وهذا الأسبوع نستكمل استعراض الأماني والأحلام التي تفضل كثيرون بإمتاعي بها. أحلام وهي اسم علي ما يسمي- تحلم بعريس لا يطمع في الشقة التي اشترتها حصيلة كفاح السنين خصوصا أنها بلغت ال32 عاما, وتحلم بطفلين أو ثلاثة تمنحهم كل ما تملك من جهد وحنان, وقدرة علي رعاية والديها المسنين واللذين يعيشا معها, وحياة هادئة فيها أكبر قدر ممكن من الأمان والسلام وأقل قدر ممكن من القلق والتوتر والقرف. فارس الشرق يقول إنه يتمني لو يعيش علي ظهر كوكب آخر غير الأرض التي يبدو أنها ضاقت بسكانها وبدأت تثور عليهم مرة ببراكين, ومرة بزلازل, وثالثة بفيضانات, ورابعة بجفاف. فقد ضاق بكوارث الأرض, ويتمني لو ينتقل هو وأسرته وأصدقائه وخطيبته لكوكب آخر خال من المشكلات. وأنا بدوري أحذره من أن نسبة كبيرة من الكوارث التي تحدث عنها هي من صنعه هو وخطيبته وأسرته وأصدقاؤه وأنا وأصدقائي وأقاربنا, أو بمعني آخر أن الهجرة إلي كوكب آخر لن تحل المشكلة, بل ستصدرها علي الأرجح إلي كواكب أخري. وأقترح عليك بأن تبدأ بالنظر إلي نفسك ومن حولك وتحاول الحفاظ علي ما تبقي علي ظهر هذا الكوكب. لكن أمنية الأسبوع التي اخترتها لتكون الأمنية المركزية, زي الحكومة المركزية كده, هي أمنية لم ترد إلي عبر البريد الإلكتروني أو حتي العادي, ولكنها جاءتني من خلال جلسة اجتماعية وجدت نفسي فيها دون سابق إنذار. قالت ندي(11 عاما) وهي إبنة صديقة لي بعد تنهيدة طويلة: آدي سنة جديدة جاية وما فيش حاجة بتحصل! سألتها عما تود أن تراه يحدث, وكنت أتوقع أن تقول أنها تنتظر المزيد من ساعات اللعب, أو فرص الخروج والترفيه, أو حتي كثيرا من الحلوي, لكنها فاجأتني بأنها تريد أن تري جديدا يحدث في الشارع الذي تسكن فيه. ندي تسكن في شارع جانبي من شوارع مصر الجديدة, وتحديدا خلف فندق شهير خمسة نجوم يطل علي أحد أهم شوارع القاهرة. تقول ندي التي لم تبلغ بعد عامها ال12: أصحابي اللي بيزوروني بيقولوا لي إنهم بيتخموا وهما جايين. الشارع الرئيسي من بره دايما بيكون مغسول وبيبرق لأن ناس مهمة بتعدي فيه. لكن أول ما يلفوا حوالين الفندق ويدخلوا شارعنا بيلاقوا الزبالة متكومة في كل ركن, وطبعا الذباب بيضايقهم. ده غير العربيات إللي راكنة فوق الرصيف وتحته وحواليه. حاولت أن أخفف عن الصغيرة بعذر بدا أقبح من الذنب, فقلت لها وأنا غير مقتنعة ما أقول: وفيها إيه يعني يا حبيبتي, ما كل الشوارع كده, وأكيد هما كمان بيوتهم حواليها أكوام زبالة ومليانة ذباب. عادي يعني! نظرت لي الصغيرة نظرة حادة لن أنساها, وقالت بحدة: أولا الزبالة والذباب عمرهم ما كانوا عادي يعني. وإذا كانوا عادي يعني, لماذا يوجعون قلوبهم وقلوبنا في المدرسة كل يوم ويحدثوننا عن أهمية النظافة وغسل اليدين وتغطية الطعام من الذباب ويعلمونا في حصة الدين أهمية النظافة, وضرورة رفع الأذي من الطريق؟ وبعدين أنا عارفة كويس إن بيوتهم كلها حواليها زبالة, لكن المشكلة عندنا إن الشارع من بره نظيف جدا وده معناه إن فيه ناس بتيجي تنظفه, يعني لو هما عايزين الشوارع تكون نظيفة هتكون نظيفة, وإذا مش عايزينها نظيفة, هيسيبوها زي ما هي كده. سألتها عن هوية هم الذين يقررون نظافة هذا الشارع, وقذارة شارع آخر, فقالت لي دون تفكير وقد بدأت نظراتها تشكك في ذكائي: الحكومة طبعا يا طنط! [email protected]