فتوي متسرعة قد تطلق امرأة أو تلزم شابا بترك عمله ذي الرزق الحلال, وهذا حجه باطل, وذاك صلاته غير صحيحة فتوي قد تكلف إنسانا مشقة وهما وضيقا وحرجا بالغا لصاحب الفتوي. ورغم أن الإفتاء منصب عظيم الخطر كثير الفضل قيل هو وارث الأنبياء, موقع عن الله فإن النبي صلي الله عليه وسلم فهي عن الفتوي بغير علم لقوله أجرأكم علي الفتوي أجرأكم علي النار لما في ذلك من تلاعب بالدين, وتقول علي الرسول صلي الله عليه وسلم وتحايل علي الدين وفتح لأبواب المعاصي والذنوب ودعوي لانتشار الفساد والفسوق وإثارة البلبلة لدي العامة. وكان آخرها فتوي جواز النطق بشهادة أن لا إله إلا الله فقط دون إكمالها من أن محمدا رسول الله للدخول في الإسلام وحول جواز ذلك من عدمه والرد عليه كان هذا التحقيق. في البداية يقول الشيخ محمد عيد كيلاني مدير المساجد الأهلية بوزارة الأوقاف إن الإسلام أمرنا من خلال آيات القرآن الكريم أن نشهد أن لا إله إلا الله, وقوله تعالي فاعلم أنه لا إله إلا الله هذه الكلمة تسمي عند العلماء كلمة التوحيد, وهي عند المسلمين عماد الدين للحديث الشريف قوله صلي الله عليه وسلم: بني الإسلام علي خمس أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, وقد يقول قائل يكفي المسلم أن يقول لا إله إلا الله وقد يدعي البعض بأنه لا حاجة إلي إكمال الشهادة بقوله محمدا رسول الله والرد علي هذه الأقوال جميعا بأن أصحابها أخطأوا في الاستدلال فنصوص كثيرة في القرآن والسنة تطالبنا كمسلمين بالكلمة مجتمعة وأقصد بها لا إله إلا الله محمد رسول الله, منها قوله تعالي يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله الآية136 سورة النساء وقوله أيضا في سورة الأعراف قل يا أيها الناس إني رسول الله اليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله, وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون الآية158, هذه الآيات وغيرها الكثير تبين أن الإيمان لا يكتمل إلا بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله, بل إن هناك آية في القرآن الكريم تحذرنا من أن نفرق بين الإيمان بالله والإيمان بالرسول بل إنها تجعل الإيمان بالله والنبي محمد صلي الله عليه وسلم واجبا لا يتم الإيمان إلا به, ولا يصح الإسلام إلا معه لقوله تعالي ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكفار سعيرا سورة الفتح, فضلا عن حديث رائع رواه عمر بن الخطاب يقول في مستهله بينما نحن جلوس عند رسول الله ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثوب شديد سواء الشعر لا يري عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتي جلس إلي النبي صلي الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلي ركبتيه ووضع كفيه علي فخديه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال صلي الله عليه وسلم: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة إلي آخر الحديث مما يؤكد أن الإسلام لا يتحقق إلا بالإيمان بالله وأن محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم للنصوص التي ورد ذكرها. ويقول الشيخ علي الله الجمال إمام مسجد السيدة زينب أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هما الركن الأول من أركان الإسلام الخمسة, وأول شيء يجب علي المكلف هو هذه الشهادة لما ورد عن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتي يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا من دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم علي الله, كما أن آخر شيء يجب علي المكلف لما ورد قوله صلي الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة وعن عبادة بن الصامت أن النبي صلي الله عليه وسلم قال من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسي عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلي مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة علي ما كان من العمل ولا يصير الإنسان مسلما بقول لا إله إلا الله فقط لأن ترك الإيمان بالنبي صلي الله عليه وسلم يتناقض مع الإيمان بلا إله إلا الله لأن ترك الإيمان به يترتب عليه ترك الإيمان بما جاء به وأول ما جاء به هو لا إله إلا الله وأن الأمة لم تعرف لا إله إلا الله إلا برسول الله كما أن تهميش المصدر وهو النبي يعد تهميشا لما جاء به فضلا عن قوله صلي الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار وما ورد في فتح الباري لابن حجر العسقلاني في حديث أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله فيه منع قتل كل من قال لا إله إلا الله ولو لم يزد عليها وهو كذلك, ولكن هل يصير بمجرد ذلك مسلما, والراجح أنه لا يصير بذلك مسلما ويجب الكف عن قتله ويختبر فإن شهد بالرسالة والتزم بأحكام الإسلام حكم بإسلامه ونقل ابن حجر عن البغوي ما قاله في ذلك من أن الكافر إذا قال لا إله إلا الله حكم بإسلامه ثم يجبر علي قبول جميع أحكام الإسلام, ويبرأ من كل دين خالف دين الإسلام, وأما من كان مقرا بالوحدانية منكرا للنبوة فإنه لا يحكم بإسلامه حتي يقول محمدا رسول الله فإن كان يعتقد أن الرسالة المحمدية إلي العرب خاصة فلابد أن يرجع عن معتقده لأنها لجميع الخلق فإن كفر بجحود واجب أو استباحة محرم وجب أيضا أن يرجع عما أعتقده, ومقتضي قوله يجبر أنه إذا لم يلتزم تجري عليه أحكام المرتد, وبعد ما عرض ابن حجر ما ذكره البغوي قال ويحتمل أن يكون المراد بقوله لا إله إلا الله هنا التلفظ بالشهادتين. ومن جانب يؤكد الدكتور حذيفة المسير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر أن النطق بالشهادتين ركن من أركان الإسلام, وذلك بنص حديث الرسول صلي الله عليه وسلم: بني الإسلام علي خمس, والنطق بالشهادتين شرط لإجراء الأحكام الدنيوية الخاصة بالمسلمين فمن لم يقر بلسانه بالشهادتين معا فلا يعتبر مسلما في نظر الإسلام, ولا تقام عليه أحكام المعاملات الخاصة بالمسلمين, أما من أقر بقلبه بالإيمان بوحدانية الله ورسالة محمد صلي الله عليه وسلم لكنه لم ينطق بالشهادتين لعذر ما فهو مؤمن عند الله تعالي لكننا لا نعامله علي أنه مؤمن في الدنيا وبالتالي فإن سرائر القلوب وأحكام الآخرة هي بيد الله وحده ولا نملك إلا المعاملة في الدنيا فمن أدي لنا الإسلام وأولها النطق بالشهادتين عاملناه بإسلامه وإن كان باطنه خلاف ذلك, ومن أدي لنا كفرا عاملناه بكفره وإن كان باطنه خلاف ذلك, وبالتالي فلا يسع مسلما أن يترك النطق بالشهادتين إلا بعذر يقبله الله وعندئذ يكون مؤمنا عند الله لكننا لا نعامله علي أنه مؤمن, فالشهادتان شرط لإجراء أحكام الإسلام في الدنيا وشرط للنجاة يوم القيامة ما لم يكن هناك عذر قهري في النطق بها, ومن هنا نعلم أن من أقر بوحدانية الله تعالي لكنه لم يقر برسالة محمد صلي الله عليه وسلم فليس بمؤمن أبدا, وليس من أمة الإسلام لقوله تعالي إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ويكفرون ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا.