لم تختلف التدخلات الأمريكيةوالغربية في صناعة ثورات الربيع العربي عن الثورات الملونة إلا من حيث الشكل فقد أدت تطبيقات عقيدة وولفيتز المهتمة بزيادة الميزانية العسكرية وتحقيق القدرة علي الانتشار العسكري الواسع لتأمين مصالح الغرب حتي لو كانت نتيجة ذلك عدم الالتزام بمعاهداتها الدولية إلي تمهيد الأرض لثورات الربيع العربي من خلال الشعور المرير بوطأة الهيمنة الأمريكية. فقد تم التعبير عن عقيدة وولفيتز عبر عمليات غزو أفغانستانوالعراق بعد أحداث11 92001, بأفعال اتسمت بالقتل العشوائي والواسع, ألقي اللوم فيها علي القاعدة, والتي قدمت العامل المساعد للمحافظين الجدد الذين أعدوا ورقة عمل باسم إعادة بناء دفاعات أمريكا عام0002 لكي يستخدموا القاعدة في إقناع الرأي العام الأمريكي لدعم خطتهم الكبري التي تقضي بعمل تحركات تجاه حكومات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تتحدي مواقفها المصالح والقيم الأمريكية. قائمة من5 دول بدأت القائمة بصدام حسين في العراق وانتهت بإيران, وبينهما حكومتا ليبيا وسوريا, وكان المبرر للتخلص من قادة أنظمة تمثل بقايا روح القومية العربية بالإضافة إلي نوع من العلمانية ناصرها جمال عبد الناصر والتي كانت أعلي ضجيجا فيما يتعلق بمنطق مشاركة المصالح وليس القيم فتم ضربه ولكن القليل منها تمت مشاركته فيما يتعلق بممارسة القيم المدينة والسياسية في الإمارات والممالك العربية التي استمرت الولاياتالمتحدة في دعمها. وفيما يتعلق أيضا بالمصالح فالأمر إلي حد ما مشابه, بيد أن الولاياتالمتحدة تجيد التعامل في الضغوط التي تمارسها وكيفية تكييفها لمصالحها بل وحتي تناور تلك الحكومات التي لا تتبع تعليماتها أو حتي تهددها بقوتها. علي سبيل المثال, اتخذ صدام حسين قرارا في عام2000 لتحويل طريقة الدفع ثمنا لبترول العراق من الدولار إلي اليورو علي أساس أنها لا تريد التعامل بعملة العدو الأمريكي. أما القذافي فالرجل كان يحكم قبضته علي صناعة البترول, أكثر من أي دولة أخري منتجة له وهذه الصناعة في ليبيا لا تخضع أيضا لنظام البنوك الدولي, قد بدأ هو الآخر في اتخاذ خطط جدية لإيقاف بيع البترول الليبي بالدولار واستبداله بعملة الدينار الذهبي المدعوم إفريقيا. وبالتالي فإن قرار صدام أصبح يشكل تهديدا للسيطرة العالمية للدولار الأمريكي, وبالتالي فإن العراق وليبيا أو باقي الدول الخمس الأخري في قائمة الاستهداف الأمريكية التي كشفها ويسلي كلارك جنرال الولاياتالمتحدة السابق ينبغي أن تعامل بطريقة مختلفة بحيث تقتطع منها عمولات مالية علي مدار خمس سنوات وإدراجها ضمن البنوك الأعضاء في بنك التسويات الدولية. قسم واحكم استغلت الانقسام السني الشيعي من خلال تعزيز الصراع بين الفريقين, في استراتيجية أخري كشف عنها بوضوح في تقرير صدر في2008 من قبل مؤسسة بعنوان كشف مستقبل الحرب الطويلة: الدوافع وحالة الجيش الأمريكي وتأثيرات ذلك عليه. وهذه الخطة ملخصها قسم واحكم, والتي حاولت وتحاول الولاياتالمتحدة تنفيذها في منطقة جغرافية غنية بالبترول توافقت زمنيا مع ظهور ما يعرف باسم شبكة الجهادية السلفية, تتضمن فكرة الحرب الطويلة التي تعززها وسائل تشمل أفعال خفية من أجل استمرار اقتصاد الحروب غير التقليدية وتغذية الصناعة الأمريكية. أشار منذ بضع سنوات, الكاتب سيمور هيرش إلي ما سماه إعادة توجيه السياسة الأمريكية في شنها الحرب علي الإرهاب, وقد عني بذلك دعم الجماعات السنية المتطرفة خاصة المجموعات المرتبطة بالقاعدة, في عملياتها بلبنان ضد مليشيات حزب الله المدعومة من إيران, ولذلك فإن السعودية كانت القناة التي من خلالها نفذت تلك العمليات والدعم وهي الطريقة التي اتبعت في محاولة للتخلص من الرئيس السوري بشار الأسد. إن الدعم والمساعدة الروسية لسوريا, التي تحتفظ بقاعدة لها في طرسوس, كان عقبة كبيرة في بسط هيمنة الولاياتالمتحدة علي دول منطقة الشرق الأوسط. ولقد مثل ولا يزال تدمير الأسد ونظامه وسيلة لتقليل وتحييد القوة والتأثير الروسي علي الأمد الطويل وكان ذلك العامل الحاسم الذي جعل بوتين يمنع الولاياتالمتحدة من قصف سوريا بعد حادث الغوطة الكيماوي, وهذا الفعل من بوتين أثار غضب عناصر المحافظين الجدد المؤثرين في واشنطن الذين صبو جام غضبهم علي بوتين, ولكي نتذكر فإن عقيدة بريجنسكي كانت ترمي إلي تقسيم الاتحاد الروسي إلي بلدان أصغر دول هامشية من الناحية العسكرية بما يحافظ ويخدم علي متطلبات الغرب من الطاقة, وكانت الرغبة في إحداث تغيير حقيقي في روسيا بغرض استغلالها في تحقيق الحفاظ علي الأهداف الاقتصادية الأمريكية هو الإجراء الذي تمت محاولة تنفيذه قبل وصول بوتين للسلطة. مصر وحقوق الإنسان في مصر, ومنذ أن دعا جورج بوش للديمقراطية الليبرالية والانتخابات المفتوحة بعد حرب العراق, كان الرجل يطلق إشارة البدء لبناء نظام عالمي جديد, مبشرا بالعولمة ومذهب الليبراليين الجدد, وسرعان ما انطلقت آلة الحرب الإعلامية الغربية مركزة فقط علي انتهاك حقوق الإنسان وحريات المجتمع المدني. يذكر الكاتب آدم هنية في كتابه ثورات الربيع العربي ضد الليبرالية الجديدة أن آلة الحرب الإعلامية الغربية منذ بداية التسعينيات وظهور القطب الأوحد, ركزت في تغطيتها لمصر علي انتهاكات الحقوق السياسية وقمع المجتمع المدني, متغافلة عن عمد أن الأجندة الاقتصادية الغربية المتمثلة في مذهب الليبراليين الجدد هي المسئولة عن معاناة غالبية المصريين والتي جعلتهم يقومون بموجات من الاضطرابات والاحتجاجات مهدت لثورة52 يناير حيث هيمنت تغطية هذه الاضطرابات والاحتجاجات علي وسائل الإعلام الغربية وبدا الوضع كما لو أن المصريين يقاومون قانون مكافحة الإرهاب الذي أريد له أن يحل محل قانون الطوارئ والحقيقة أن المصريين قد عانوا من تغيير اجتماعي عميق بسبب سياسة اقتصاد الأسواق المفتوحة منذ الدعوة إليها في عام.1991