حسنا فعل جلالة الملك عبدالله بمبادرته الطيبة للصلح بين مصر وقطر والتي كان لها وقع طيب في قلوب المصريين رغم اتساع هوة المقارنة بينهما حجما ووزنا وتاريخا والتزاما بالأصول, ورغم ضآلة وزن قطر بين الدول ذات الشأن لو خصمنا من ثقلها رصيدها المادي والفضائي. ولا يزال ممثلوها علي غيهم ونهجهم المعوج يغردون خارج سرب العروبة, ومع ذلك.. فلا تزال القيادة المصرية تلتزم الهدوء والصبر كعادتها تساميا فوق التفاهات والصغائر واحتراما لجلالتك, ولا يزال الشعب المصري واثقا في حكمة قائده, فالمصريون يا جلالة الملك شعب كريم ومتسامح, ينسي الإساءة ولا يحمل للأشقاء حقدا وكرها حتي لو أساءوا له, لذلك أكبرنا المبادرة احتراما لجلالتك وتقديرا لرغبتك في لم شمل الفرقاء, فهل نتوقع من جلالتك أن تكون أكثر منا كرم وتسامح وترفع فوق الخلافات؟ جلالة الملك عبد الله... يقول المثل المصري:اللي مالوش كبير بيشتري له كبير, وذلك ليس من منطلق الضعف بل بحث عن مزيد من القوة والفخر والمكانة المرموقة بين الآخرين, فالكبير لا يكون كبير من فراغ, وباعتبارك الآن كبير الأسرة العربية فلشخصك كامل الاحترام والتقدير ولكن.. ألا تتفق معي جلالتك أن الكبير لابد أن يستوعب بحكمة كل أفراد أسرته حتي من أساء التصرف أو أساء الفهم ؟؟ ألا تتفق معي جلالتك في أن الكبير يجب أن يتسع صدره لنزق الشباب وطيش الأبناء وأن الحكمة تفرض علي الكبير حماية أسرته من أي خطر يهدد وجودها, وأن عليه التسامي فوق ما بينه وبين بعض أفرادها من خلافات وشقاقات ليتحدوا في مواجهة الخطر؟ وأن ما حدث بين جلالتك وبين الرئيس السوري الشاب بشار الأسد منذ سنوات من سوء تفاهم يمكن العفو عنه وتجاوزه؟؟ فهو علي الأقل لم يصل لحجم ما ارتكبته قطر من جرائم وآثام في حق مصر والأشقاء؟ و أن سوريا وشعبها الجريح أولي بالعطف والصفح من حكام قطر المتطلعين؟ ألا توافقني جلالتك في أننا جميعا, مصريين وسعوديين وسوريين وتوانسة وليبيين وخليجيين نحارب نفس العدو؟ وأننا بدون اتحادنا لن يكتب لنا النصر في هذه المعركة ولا نصرة دين الله ولا الحفاظ علي حرمه المكي أو النبوي أو الحرم القدسي؟! أما آن الأوان ونحن في أتون معركة نخوضها مع عدو شرس أن نجمع شتاتنا ونتسامي فوق خلافاتنا التي لولاها ما جرؤ غريب علي اقتحام بيوتنا وسرقة ثرواتنا وزعزعة أمن واستقرار أوطاننا؟ أما آن الأوان لتحقيق وحدة عربية كاملة في مواجهة خطر داهم قد يأتي علي الأخضر واليابس من أوطاننا؟ كما فعلت أوروبا حين تجاوزت دولها عن تاريخ الحروب الطاحنة بينها من أجل حاضر ومستقبل أفضل لشعوبها. جلالة الملك.. ها نحن احترمنا مبادرتك الكريمة ومددنا أيادينا بالمحبة رغم اصرار الطرف الآخر علي الشقاق والعداوة.. فهل تصبح أكثر منا تكرما وتقبل بمبادرة الشعب المصري لدعوتك للتصالح مع سوريا الجريحة بما لجلالتك ولنا فيها من قرابة ودم ومصاهرة وبما يجمع بيننا جميعا من وحدة دين ولغة ومصير وأنين؟ أيا خادم الحرمين.. ألم يحن الوقت لنتشبه بأخلاق بناة الحرمين من أنبياء الله لنتخذ من سماتهم قدوة ومثلا.. فنطبق قول رسولنا الكريم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا, فشعب سوريا يا جلالة الملك شقيق يواجه وحده خطرا يهددنا جميعا, وقد وعي الدرس قبل أن ينساق كغيره لأحلام تغيير كاد يهدم أوطاننا باسم الربيع العربي وتمسك بقائده ليتخطي معه الأزمة, فأصبحنا أمام أمر واقع يجب التعامل معه لنصل بسفينة الوطن العربي لبر أمان وننقذ شعوبا تنزف وتخسر خيرة أبنائها الذين هم أبناؤك وأبناؤنا جميعا, فهل تقبل اعتذارنا نيابة عن سوريا قيادة وشعبا لنداوي الجراح المفتوحة ثم نتفرغ لتصفية حساباتنا معا فيما بعد؟ جلالة الملك.. وجلالة كل ملك وفخامة كل رئيس في وطننا العربي الذي أنهكه الشقاق..استحلفكم بالله, وباسم كل الأجيال الماضية والحاضرة والقادمة, وأقسم عليكم بكل الدماء الطاهرة التي روت أراضينا الطيبة بدون ذنب اقترفته, وبكل دمعة سالت من عيون أطفال فقدوا آباءهم في حرب لم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل, وكل روح أزهقت برصاصة غدرا, وكل جسد تشوه فحول شبابا كالزهور إلي حطام بشر. استحلفكم بابنائكم أن ترحموا بالوحدة أبناء شعوبكم التي سئمت الشتات, استحلفكم بدمائكم أن تحقنوا دماء رعاياكم, فستسألون عنها يوم الدين, استحلفكم بكتب الله المنزلة أن لا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم هباء, وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم واشكروه علي نعمة الإسلام وما أتاكم من ملك وسلطان مبين, فاجعلوه عملا صالحا يرفع ذكركم في الدنيا ويشفع لكم في الدار الآخرة ولا تجعلوه هوانا لكم في الدنيا وحجة عليكم في الآخرة. والسلام ختام.