وفقا لتقديرات العديد من الخبراء الخليجيين,فإن مجرد انعقاد قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية,وجلوس القادة علي طاولة واحدة هو نجاح بحد ذاته. القمة عقدت في موعدها,في العاصمة التي كان مقررا لها استضافتها,وهي الدوحة,وبحضور جميع الدول الست الأعضاء في المجلس, وهو ما دعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الي وصفها بأنها قمة الفرحة, ولعل الأجواء التي سادت مرحلة الإعداد للقمة,والتي شهدت انفراجة مفاجئة بعد أشهر من الخلافات كادت تودي بمستقبل التعاون الخليجي,هي التي أسهمت في تزايد سقف التوقعات بحدوث تحول تاريخي في مسيرة هذا الكيان المتماسك بصيغته الحالية لعدة عقود,من خلال التدشين العملي للاتحاد الخليجي الذي أصبح وجوده ضرورة تفرضها التحديات التي تواجه دول الخليج. وبعيدا عن مراسم البروتوكول,والحرص علي دورية الانعقاد,ومشاعر الفرحة,تبدو أجواء التوجه نحو الاتحاد الخليجي غير مواتية في الوقت الراهن في ظل حالة غير معلنة من انعدام الثقة,يمكن اكتشافها بسهولة عبر ما جري في مسيرة العمل الخليجي المشترك منذ ثلاث سنوات,عندما دعت السعودية للانتقال من التعاون الي الاتحاد,وحتي انتهاء اعمال القمة ال35 وتسلم قطر رئاسة المجلس لمدة عام قادم. الرئاسة القطرية حددت ملامح مستقبل العلاقات الخليجية التي تتطلب تعزيز روح التآخي والتضامن,وعدم تحويل الخلاف في الاجتهادات السياسية وفي تقدير الموقف السياسي, والتي قد تنشأ بين القادة, إلي خلافات تمس قطاعات اجتماعية واقتصادية وإعلامية في دول الخليج,مما يشير إلي اعتراف قطر- ودعوتها لقادة دول الخليج للاعتراف- بأن هناك خلافات حدثت- وسوف تحدث- في المواقف السياسية لكل دولة لا ينبغي أن تؤثر علي العلاقات داخل المنظومة الخليجية. يبدو أن هناك توجها خليجيا لتنحية الخلافات في مقابل الدفع بمشروع الاتحاد,وهذا التوجه يتأثر بشكل كبير بما تعرضت له مسيرة مجلس التعاون الخليجي في بدايات العام الحالي,وهو ما أكد عليه أمير دولة الكويت, حينما أشار إلي أن الخلافات كادت أن تعصف بالكيان الخليجي. وعلي الرغم من تأكيد قادة الخليج علي أن الانتقال إلي الاتحاد سيظل هدفا ساميا, يتطلب التحرك بخطوات تدريجية لتحويله إلي واقع, فإن هناك من يري أن آليات التعاون الحالية التي تأثرت بالاختلاف في الرأي تحتاج إلي علاج واقعي,يضمن عدم حدوث هذه الانتكاسة مجددا في مرحلة الاتحاد. قمة الدوحة حافظت علي الحد الأدني من التعاون الخليجي لأنها خلت من مناقشة القضايا الخلافية,وما صدر عنها لا يكفي لاستشراف مستقبل العمل الخليجي المشترك,لتبقي الآمال المتطلعة للانتقال من التعاون إلي الاتحاد معلقة بالتوجهات العملية للرئاسة القطرية واحتمالات التغيير في مواقف الدول المتحفظة, وفي مقدمتها سلطنة عمان. وإذا كانت قمة الدوحة أكدت في بيانها الختامي دعم مصر وبرنامج الرئيس عبد الفتاح السيسي المتمثل في خريطة الطريق,ومساندة المجلس الكاملة لها ووقوفه معها حكومة وشعبا في كل ما يحقق استقرارها وازدهارها,إلا أن ما أشار إليه أمير قطر في كلمته يطرح تساؤلات عما إذا كان الشأن المصري يخضع لما طرحه بخصوص الخلاف في الاجتهادات السياسية وتقدير المواقف,أم أن هذا الملف تم حسمه في الرياض بشكل نهائي, ويخضع حاليا لإجراءات عملية تدريجية ستظهر نتائجها تباعا. [email protected]