أكدت الدكتورة هدي بدران رئيس الاتحاد العام لنساء مصر أن المرأة في البرلمان قادرة علي التأثير في ثقافة المجتمع و تغيير المفاهيم المغلوطة و الموروثات القديمة من خلال محورين رئيسين: الأول أن تكون نموذجا جيدا وقدوة للجميع, والثاني أداء الدور المنوط بها في البرلمان والمشاركة في صياغة القوانين وخاصة الأحوال الشخصية, مؤكدة حرص الأحزاب السياسية علي وضعها في مقدمة القوائم الانتخابية و دعم الاتحاد لمائة سيدة في البرلمان المقبل ماديا و معنويا. وتحدثت بدران في حوارها ل الاهرام المسائي عن الصعوبات التي كانت تواجه المرشحات في البرلمان السابق و دور الجمعيات الاهلية في النهوض بأوضاع المراة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. في البداية ما رأيك في نسبة تمثيل المرأة في البرلمان المقبل خاصة بعد الإعلان عن قانون تقسيم الدوائر وتحديد56 مقعدا للمرأة؟ أري أن استحواذ المرأة علي مقاعد في البرلمان المقبل خطوة علي طريق المساواة بين الرجل والمرأة وإن كانت النسبة غير كافية وغير مرضية لحجمها ومكانتها التي شاركت في الاستحقاقات السياسية الأخيرة حيث كانت في أول الصفوف مثلها مثل الرجل وكان لها الفضل في إنجاح الثورتين وحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية لذلك فإن المرأة يتم استخدامها كوقود للعملية السياسية فقط, وعندما تطالب بحقها في المشاركة في مواقع صنع القرار لا تحصل علي ما يليق بها كما أن التمثيل الضعيف للمرأة في البرلمان يجعلنا أقل مرتبة من بعض الدول العربية والإفريقية والأوروبية ويؤدي إلي تأخير تصنيفنا في الترتيب العالمي للتنمية لذلك نأمل أن تكون نسبة تمثيلها أكبر في البرلمانات القادمة. هل تعتبرين مشاركة المرأة في البرلمان تغييرا لنظرة المجتمع اليها؟ المرأة في البرلمان قادرة علي التأثير في ثقافة المجتمع والمشاركة في صياغة القوانين وخاصة الأحوال الشخصية, لأن القانون يستطيع تغيير ثقافة المجتمع بصورة أسرع من التوعية, والدور الآخر المهم للمرأة يتمثل في مراقبة أداء الحكومة وتوزيع ميزانياتها بشكل يؤدي إلي تطوير المجتمع لأنها أكثر معرفة ومعايشة بمشكلات المجتمع في التعليم والصحة والبيئة وغيرها من المجالات المختلفة. كيف ترين تمثيل المرأة في البرلمانات السابقة ؟ التمثيل في البرلمان ضعيف جدا بالمقارنة بالكثير من الدول, فعلي سبيل المثال تبلغ نسبة عضوية المرأة في برلمان النرويج40%, وفنلندا43%, والسويد45%, وأوروبا23% حتي كوبا49% بعد المشاركة الفعالة والمؤثرة للمرأة المصرية في المشهد السياسي( الاستفتاء علي الدستور وانتخابات الرئاسة) وأصبح من الضروري والواقعي تحقيق مشاركة أكبر للمرأة في البرلمان القادم لذلك أعلن الاتحاد عن حملة( نساء من أجل النساء) وهدفها دعم مائة سيدة ذات كفاءة وقدرات لدخول البرلمان القادم, وتم فتح باب التبرع لهذه الحملة بتحصيل جنية واحد فقط لدعم المرشحات. ما الدعم الذي تقدمه حملة نساء لمرشحات البرلمان؟ نقدم دعما ماديا محدودا, لكننا ندعمهن إعلاميا, وبدأنا ذلك بإعلان الاتحاد خوض الانتخابات, علاوة علي أن الجمعيات التابعة للاتحاد في المحافظات تقدم خدمات تنموية للمواطنين وتعمل علي القضاء علي فكرة التصويت مقابل الزيت والسكر, كما نعمل علي تقديم خدمات مستدامة, مثل منع تسرب الفتيات من التعليم, وتنظيم حملات صحية وطبية, والتدريب علي ممارسة الانتخابات, من خلال مركز استشارات برلمانية يقدم لهن كل البيانات والمعلومات لتقديم طلبات الإحاطة والاستجواباتوالبيانات العاجلة. ما حجم التبرعات التي جمعتها الحملة حتي الآن؟ كنا نستهدف جمع30 مليون جنيه تيمنا بثورة30 يونيو, لكن الحملة ما زالت في البداية, حتي الآن جمعنا نحو نصف مليون فقط, بالاضافة الي أن هناك تبرعات عينية تساعد النساء أكثر من التبرعات المادية. ولماذا لم يتعاون الاتحاد النسائي والمجلس القومي للمرأة لوضع قائمة موحدة؟ هناك قائمة موحدة للمجتمع المدني والجمعيات النسائية, وهي التي تقدم بها الاتحاد النسائي, أما قائمة القومي للمرأة فأغلب المرشحات عليها من موظفات المجلس, ولن نقوم بدعم نساء موظفات, لأن هناك معايير معينة كان لا بد من توافرها في مرشحات الاتحاد. وما أسس ومعايير اختيار المرشحات؟ أن يكون للراغبات في خوض الانتخابات نشاط اجتماعي وسياسي وخدمات عامة في الدائرة المرشحة لها, وأن تكون المرشحة علي دراية بمشكلات دائرتها ولديها مقترحات للحلول, وأن تتمتع بحسن السيرة, وأن تكون شخصية قيادية, إضافة إلي كونها من أبناء المركز أو الدائرة, ولها عزوة جماهيرية وعلاقات وطيدة مع جميع أطراف المجتمع ولها شبكة من العلاقات بالمسئولين والتنفيذيين, وضرورة امتلاك الرغبة في خوض المعركة الانتخابية وتقديم برنامج قابل للتحقيق, إلي جانب وعيها بأهمية دور المرأة في تغيير المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء مستقبل مصر, وتؤمن بأهمية تحقيق استحقاقات ثورتي يناير ويونيو, ومن المؤيدين لهما كما ان التحالف لن يستبعد أي امرأة لديها شعبية ولديها من المهارات السياسية والخبرة ما يدعم وجودها في البرلمان ويخدم قضايا المرأة والمجتمع. بعض الأحزاب تؤكد غياب الكوادر النسائية القادرة علي المشاركة في البرلمان؟ هذا ادعاء غير صحيح, فالاتحاد النسائي من خلال حملته نساء من أجل النساء استطاع أن يضم120 سيدة يستطعن خوض المعركة البرلمانية بكفاءة عالية, وللأسف الاتحاد سيدعم منهن100 فقط لمحدودية الموارد المالية المتاحة. هل هناك تعاون مع الأحزاب لوضع النساء علي القوائم؟ بالفعل هناك مرشحات لدينا علي قوائم أحزاب التجمع والوفد والإصلاح والتنمية, والمصري الديمقراطي وحركات مثل حركة تحيا مصر, وعقب تقسيم الدوائر تصبح الصورة أكثر وضوحا ما أبرز المشكلات التي تواجه النساء في الانتخابات المقبلة؟ أبرز الصعوبات التي كانت تواجه السيدات في الانتخابات السابقة غزارة الأموال التي يتم إنفاقها والعصبيات القبلية, ولا بد من العمل علي أن تكون أصوات النساء للنساء, طالما لديهن القدرة والكفاءة لذلك, فمن حق المرأة المتميزة أن تحصل علي منصب قيادي. من خلال عملك الطويل مع منظمات المجتمع المدني كيف ترين العلاقة بين هذه المنظمات والحكومة؟ وهل هناك اعتراف حقيقي من الحكومة بجهود هذه المنظمات ؟ لا تزال هناك إشكالية بين المجتمع المدني والحكومة, بسبب أن الحكومة لا تريد الجمعيات الأهلية القوية التي دائما ما تطرح تشريعات وقوانين للمناقشة لذلك يجب أن يكون هناك قناة اتصال وتواصل بين مؤسسات المجتمع المدني والحكومة المصرية, بهدف تبادل الآراء والمناقشات حول مشروعات القوانين فنحن كاتحاد نساء مصر نريد تعديل قانون الأحوال الشخصية... واعتقد أنه آن الاوان للاستماع والإنصات لشباب مصر والاتحاد معهم وإيجاد الوسائل والأدوات, لتبادل الخبرات والتجارب مع قوة وحيوية الشباب. كيف ترين ما يحدث الآن من عمليات ارهابية تودي بحياة الكثيرين من المدنيين والعسكريين؟ الإرهاب الذي تواجهه مصر يختلف تماما عن أي إرهاب مضي, يخطط له ويمول من جهات خارجية وينفذ علي الأراضي المصرية بواسطة مرتزقة, مواجهة الإرهاب لا تقتصر علي الجهات الأمنية فقط, لذا فإن علي الجمعيات الأهلية والتكتلات الشبابية دورا كبيرا ومهما في مكافحة قوي الإرهاب,ونحن في الاتحاد هدفنا الأجيال القادمة, وتفعيل دور الشباب لمحاربة الإرهاب الذي تواجهه الدولة فنحن نفكر في صياغة أفكار جديدة وسنعمل مع مختلف الجمعيات التابعة له في هذ الشأن, وأؤكد استنكاري الشديد وجود مجموعة من المنظمات الحقوقية التي تقف ضد الدولة في حربها علي الإرهاب بدعوي حقوق الإنسان. ما رأيك فيما يفعله تنظيم داعش في النساء من تهجير وقتل ورجم وغيره؟! ما يحدث تجاه المرأة يعد جرائم دولية لأن هناك مواثيق ومعاهدات دولية تحمي المرأة في النزاعات المسلحة وهناك مادتان في قرارات الأممالمتحدة تؤكدان عدم التمييز والعنف ضد المرأة فلابد من التوازن بين مكافحة الإرهاب وحماية المدنيين وخاصة المرأة والطفل. كيف ترين وضع المرأة في العالم العربي ككل ؟ للأسفبعد ثورات الربيع العربي, حدث هناك ردة في وضع المرأة العربية, ذلك يعود إلي تفسير الدين بشكل متخلف, من جانب بعض الدعاة المتشددين, فضلا عن الثقافة الذكورية السائدة في معظم هذه البلدان. ففي تونس بدأت تأخذ خطوات إلي الأمام, لكونها غيرت قانون الإرث لصالح المرأة, وذلك لأن لدي هؤلاء السيدات قدرة وعزيمة علي التغيير, المغرب لا يوجد بها ربيع عربي إلا أن ملك الدولة أصدر مدونة للأسرة تحافظ علي حقوق المرأة, وبدأت هذه الدولة تتقدم إلي الأمام. والاتحاد النسائي العربي العام سيعمل خلال الفترة الراهنة, علي مساعدة بعض الدول في تغيير قانون الأحوال الشخصية, وقانون الجنسية, وذلك من خلال الاستفادة من الدول التي لديها قانون منصف للمرأة, والعمل علي تبادل الخبرات والتجربة بين البلدان, وفي السنة المقبلة سيقدم الاتحاد النسائي تقريرا مفصلا عن جميع دول العالم العربي, عن وضع ومكانة المرأة العربية, وعن التغييرات التي حدثت خلال السنوات الماضية, أمام الأممالمتحدة.