تتلاقي العيون في آلية ورتابة, تدور الرءوس بكل الهموم وتمور الأفكار, تتثبت النظرات علي لا شيء, فالوقوف والجلوس كل علي طريق والوقت يمضي في رحلة. . يتحرك القطار رقم108 ويتمايل في سرعة وخفة مكتظا بالركاب, يتوقف في محطة حلمية الزيتون بمترو الانفاق ثوان معدودة ويعاود السير في طريقه قادما من المرج متجها إلي حلوان.. هل تقترب عقارب الساعة من التاسعة والنصف صباحا لا أحد يتذكر من الركاب كم مترا دارت عجلة القطار علي القضبان لا دقة لحساب الوقت في الأزمات عادة لكن الحسابات تشير إلي أنه بعد مغادرة القطار محطة حلمية الزيتون نحو500 متر وقبيل الوصول إلي محطة حدائق الزيتون دوي صوت قوي هائل أعلي التلاحم البشري من الركاب المتراصين في العربة التالية لعربة سائق القطار خلع الصوت القلوب من أماكنها في أقل من ثانية وفي الثانية التالية من السكون المرعب الذي بدأ يشقه صرخات نسائية وصيحات استفهام واستنكار مغلفة بالخوف والهلع, بدأ البعض في استعادة الإدراك والتيقن أنه انفجار في ميكنة عربة المترو لكن السائق أوقف القطار ودوت أصوات الإنذار تصم الآذان, وفوجئ الركاب بصوت جهوري يطلب منهم مغادرة القطار من الأبواب في سرعة حفاظا علي حياتهم.. وانتشرت سرينة جديدة زادت من الارتباك والرعب الذي أكمل انتشاره في أوصال الجميع وبالفعل فتحت الأبواب أتوماتيكيا من الجانبين. وزاد التعثر والارتباك ففي أحد الجانبين بدأ البعض في القفز في الجانب المواجه لخط سير القطار المقبل من حلوان في اتجاه المرج لكن العناية الالهية كانت بصيرة ورحيمة وتجلت في عدم ظهور أي قطار في الاتجاه المقابل في هذا التوقيت وإلا حدث ما لا يحمد عقباه. من جانبها, أوقفت الهيئة العامة لمترو الأنفاق سير القطارات لمدة6 دقائق لحين نقل المصابين من التدافع الشديد والهروب من داخل عربات القطار ومن مكان الحادث وتم سحب القطار إلي محطة سراي القبة وهي المحطة التالية لمحطة حدائق الزيتون في اتجاه حلوان, أسفر الحادث عن إصابة21 راكبا بجروح سطحية وكدمات وسحجات وذكر أحد شهود العيان ل الأهرام المسائي وهو عامل بالمحطة أن الانفجار نتج عن حدوث صوت عبارة عن بطارية موتوسيكل موصلة بحجرين بطارية وظهر بالقرب منهما هاتف محمول محترق. الأهرام المسائي شاطر المصابين آلامهم في مستشفي المطرية التعليمي والزيتون التخصصي وفي الغرفة503 بالعلاج الاقتصادي وقفنا أمام هاني رزق 35 سنة عامل مطبعة بحدائق الزيتون الذي يرقد للعلاج بعد أ كان قادما من محطة المرج الجديدة إلي محطة حدائق الزيتون, بدأ حديثه قائلا: أحمد الله علي كل شيء ربنا أعطاني نيرفانا وبولا أولادي وسكت يسترد أنفاسه وخرج صوته بطيئا وهو يقول: عند اقتراب المترو من محطة حدائق الزيتون سمعت كسر في العظام صوت انفجار شديد أثناء ركوبي بالعربة السادسة بالقطار وتوقف القطار فجأة قبل وصول إلي المحطة التالية وانفتحت الأبواب الكترونيا وانقلب الناس رأسا علي عقب ورأيت بعيني البعض تعيلي الآخر في هيستريا وخوف الجميع كان يحاول الفرار من المكان ونجحت في القفز من جهة الاتجاه المعاكس علي قضبان القطار, وسكت صوت وأغلق عينيه وأشار إلي قدمه وقال: لم أشعر بنفسي وقد أصبت بكسر في أسفل قدمي اليسري استلزم عمل جبيرة تحت الركبة. وحجزي بقسم العظام تمهيدا لعمل شريحة ومسامير وخفض صوته في أسي قائلا: فترة العلاج ستستمر شهرين علي الأقل منين أجيب مصاريف العيال بخلاف العملية علينا ايجار400 جنيه وأنا عامل في مطبعة ولست موظفا أملك اجازة حكومية كيف سأعيش4 أشهر علي الأقل قدمي في الجبس وعاد هاني إلي الصمت من جديد وخرج صوته مليئا بالشجن وهو يقول حسبنا الله ونعم الوكيل. يلقي بابنه بينما كلف المستشار هشام بركات النائب العام, فريقا من نيابة غرب القاهرة إشرف المستشار إبراهيم صالح المحامي العام بسرعة فتح تحقيق في واقعة انفجار قنبلة داخل احدي عربات المترو بين محطتي حلمية الزيتون وحدائق الزيتون, حيث أمرت النيابة باستعجال تحريات رجال الأمن حول الواقعة وتحديد الجناة وتفريغ تسجيلات كاميرات المراقبة التابعة لهيئة مترو الإنفاق.